تحوّل وزير الصحة، جمال ولد عباس، إلى ما يشبه رجل المطافئ، يتنقل وفقا لما تبثه نشرة الثامنة ل''اليتيمة'' من نقائص في قطاعه بالولايات، وهو إجراء جديد دشنه الوزير بمجرد خلافته للسعيد بركات، كسياسة جديدة تعطي الانطباع بأن ولد عباس يحب الميدان ويكره تسيير القطاع من مقر الوزارة. لكن ما يلاحظ أن وسائل الإعلام المكتوبة لم تتوقف قط عن نشر مقالات عن ''التعفن'' الذي تعرفه مستشفيات الوطن وبأكثر حدة مما توقفت عنده كاميرات اليتيمة، ومع ذلك لم يعرها نفس الوزير أي اهتمام، وهو ما يعني أن الوزير لا يريد أن يرى حقائق الميدان سوى بعيون التلفزيون ولا يهمه ما يقال في غيره من المقالات المكتوبة. الملاحظة الثانية أن التلفزيون بث روبورتاجات فيها رائحة ''القباحة'' حول قطاعات السكن، النقل، الأشغال العمومية وليس الصحة فقط، ومع ذلك لم نشاهد هرولة وزراء تلك القطاعات لمعاينة الوضعية، وهو ما يعني أنهم غير غيورين مثل ولد عباس حول ما يقال عن دوائرهم الوزارية أو أنهم، وهو الأقرب إلى الحقيقة، لا يحبون مثل وزير الصحة أسلوب ''البهرجة'' والتسرّع في معالجة القضايا واتخاذ القرارات اللازمة بشأنها، وفوق هذا وذاك لا يريدون التحوّل إلى ''ماريونات'' في يد التلفزيون الذي يحدد لهم ''أجندة'' تنقلاتهم وزياراتهم الميدانية. الملاحظة الثالثة أن طريقة ولد عباس الجديدة في زياراته ''المفاجئة'' وغير السرية على كاميرات التلفزيون، كان قد سبق إليها البروفيسور يحيى فيدوم في سعيه لتقويم اعوجاج قطاع الصحة وإخراجه من حالة ''الكومة'' التي لازمته لسنوات وسنوات، ولكن مع ذلك لم تغيّر سياسة ''راك موقوف'' التي كان يصدرها الوزير الأسبق باتجاه المسيّرين في شيء من المرض في منظومتنا الصحية، لكون الاعوجاج فيها يحتاج إلى آلة حفر عملاقة للوصول إلى مواطن الخلل، وليس مجرد البحث في القشور التي تنشرها نشرة الثامنة ل''اليتيمة''. الملاحظة الأخيرة أنه إذا كانت سياسة الهرولة التي يقوم بها جمال ولد عباس إلى الولايات، كلما بثت اليتيمة حالة من حالات الخلل في مستشفى من مستشفيات وعيادات البلاد، فإن الذي لا يخدم في الحكومة بهذا المنظور، هو الوزير الأول الذي لم يخرج قط من قصر الدكتور سعدان باتجاه الولايات إلا نادرا، ومع ذلك لا يوجد من يقول عنه إنه لا يعمل.. والحديث قياس. [email protected]