استفادة 8 آلاف مريض من العلاج و20 ألفا عرضة للموت ''أنهيت علاجي الكيميائي منذ فترة، وكان من المفروض أن أباشر العلاج بالأشعة، لكنني تفاجأت بتوقيف إعطاء مواعيد إلى غاية أفريل 2011، حسب ما أكدته المعلومة التي نشرها رئيس قسم العلاج الإشعاعي بمركز بيار وماري كوري''، ''أنتظر الموت بعد فشل كل محاولة للحصول على موعد قريب لمباشرة علاجي الإشعاعي بعدما أتممت كل حصص العلاج الكيميائي التي خضعت لها إثر بتر ثديي الأيمن بسبب إصابتي بالسرطان''. هما شهادتان من بين العشرات، حمّلنا مرضى السرطان تبليغها عبر صفحات الجريدة بعد معاينتنا لحالتهم الصحية بمركز بيار وماري كوري، أملا في الحصول على جديد فيما يخص مواعيد حصص العلاج الإشعاعي الخاص بهم، والذي تأخر منذ أشهر. وجدناهم رفقة عدد من أفراد عائلاتهم، الذين كانوا في قمة سخطهم على مسيّري مصلحة العلاج بالأشعة لذات المركز، حتى أن أحدهم هدد بحرق المركز عن آخره بسبب حرمان والدته من مباشرة علاجها الإشعاعي رغم انقضاء فترة مباشرته منذ 3 أشهر، وهو رد فعل تبنته العديد من العائلات، على غرار عائلة ''م. ك'' الذي يعاني من سرطان الرئة، وكان من المفروض أن يباشر العلاج بالأشعة منذ شهرين، حيث أكدت لنا زوجته أنه بات ينتظر الموت بين الفينة والأخرى، لتواصل ''لا نملك سوى التضرّع لله والدعاء أن يرفق به في ظل انعدام علاج هو حق من حقوقه، فكيف تفسرون توقف علاج أساسي بالنسبة لآلاف المرضى، وهم الذي ساهموا بقسط من مرتباتهم طيلة سنوات ضمن صندوق الضمان الاجتماعي''. الاستنجاد بالمراكز التونسية للعلاج من جهة أخرى، أكد ابن مريضة خضعت منذ فترة لبتر ثديها إثر إصابتها بسرطان الثدي، ومتابعتها لجلسات العلاج الكيميائي بمركز بيار وماري كوري، أنه قدم من ولاية وادي سوف مقر سكناه لتسلم ملف أمه قصد اصطحابها لتونس كي تبدأ علاجها الإشعاعي في الوقت الذي حدد لها، مشيرا إلى أنه مستعد لدفع المال حتى تتابع علاجها و''لا تموت بسبب إهمال الجزائريين''، على حد قوله. وعن أهمية العلاج بالأشعة، أكد لنا مختص في الأنكولوجيا من مركز بيار وماري كوري، أنه مطلوب في علاج 70 بالمائة من حالات مختلف أنواع السرطان، مضيفا أنه علاج تكميلي يلجأ إليه لإنقاص حجم الورم أو بعد الجراحة لقتل الخلايا السرطانية الصغيرة وتنقية الموضع منها. وعن سبب توقف العلاج الإشعاعي بمركز بيار وماري كوري الذي يستقبل آلاف المرضى من مختلف أنحاء الوطن، أكدت لنا البروفيسور عفيان، رئيس مصلحة العلاج بالأشعة بذات المركز، أنه راجع للتوقف المتواصل للماكينة الرئيسية للعلاج بالأشعة، وهي التي لم يمر على بدء العمل بها كثير، لكن تشغيلها فوق طاقتها عرّضها للتلف عدة مرات، مشيرا إلى أنها عملت منذ تشغيلها بمعدل 17 ساعة يوميا ''من 06 صباحا إلى 10 ليلا'' وبمعدل 95 مريضا يوميا، ''حيث بلغنا عدد 1000 مريض في السنة، رغم أن مقاييس الصحة العالمية تحدد مقدور ذات الماكينة ب450 مريض في السنة''، يضيف محدثنا، إلى جانب ماكينتين ثانويتين تعملان لكن ليس بوتيرة ولا نوعية الماكينة الرئيسية، لأنهما لا تعالجان إشعاعيا كل الحالات السرطانية بل أنواعا منها فقط، في انتظار الانتهاء من تثبيت ماكينة جديدة منتظر تشغيلها في جانفي .2011 وإلى جانب مشكل الماكينات، أكدت لنا مصادر طبية من مركز بيار وماري كوري نقص عدد التقنيين العاملين على تلك الماكنات، فمنهم من ذهب للعمل بالقطاع الخاص بسبب الضغط و02 منهم أحيلا على التقاعد، ومنهم من لجأ للعطل المرضية المتكررة لتفادي ضغوطات العمل، ليبقى عدد قليل لا يفي بالمطلوب مقابل الكم الهائل للمرضى الذين يحتاجون سنويا للعلاج بالأشعة، وعن تقييمه لأعداد هؤلاء أكد لنا البروفيسور عفيان أنه من بين 40 ألف حالة جديدة لمختلف أنواع السرطان التي تسجلها الجزائر سنويا، 28000 حالة تتطلب علاجا بالأشعة، لكن 8000 مريض فقط يستفيدون من هذا العلاج الضروري، لتبقى 20000 حالة عرضة للموت المحتم بسبب استحالة خضوعهم لهذا العلاج، مضيفا أن من بين هؤلاء من تمكّنه ظروفه المادية من التوجه نحو تونس أو المغرب لإتمام علاجه الإشعاعي، وهم قلّة لتموت البقية في صمت وتحسّر. المطلوب فتح المجال للخواص وعن تأخر مواعيد العلاج بالأشعة، التي وصلت حتى أفريل 2011 رغم أنها حالات تتطلب علاجا فوريا، أضاف محدثنا أن كثرة الطلب مع قلة العرض تسبب في انتكاس آلاف المرضى، فمنهم من يعاوده المرض قبل أن يحين دوره، بل وينتشر في أنحاء أخرى من الجسد، ومنهم من يكون قد توفاه الأجل، فنتائج العلاج بالأشعة تتمثل في تدمير خلايا السرطان المتواجدة بمنطقة العلاج، وبالتالي فعدم تلقي العلاج في وقته، يتسبب في انتشار الداء عبر أنحاء أخرى من الجسد، وهو ما يؤدي للموت. وعليه أضاف البروفيسور قائلا: ''إن عددا كبيرا من المرضى الذين استدعيناهم لإتمام علاجهم الإشعاعي بعد تأخر كبير عن مواعيدهم، وجدناهم قد فارقوا الحياة، ما يثير غضب أهاليهم الذين يشتموننا ويحمّلوننا مسؤولية موت المريض بسبب تباعد الموعد رغم أن ما باليد حيلة''، مضيفا ''إننا في حاجة ل50 ماكينة لتلبية الطلب الكبير، والحل يكمن في توفير عدد أكبر من الماكينات على مستوى الوطن، وفتح المجال للخواص في ممارسة العلاج بالأشعة، خاصة وأن عيادة في البليدة تم تجهيزها ومنتظر فقط تسلمها الاعتماد من وزارة الصحة لتباشر عملها''، مواصلا ''إنه من شأنها أن تخفف الضغط على مركز بيار وماري كوري بتكفلها ولو ب1000 مريض سنويا، خاصة وأن مركز العلاج التابع لمستشفى البليدة، وكذا مركز عين النعجة العسكري يعانيان من ذات الضغط''. وفي انتظار أن تفصل وزارة الصحة في الأمر وتتمكن من تشغيل ال57 مركزا خاصا بالعلاج بالأشعة عبر الوطن، يبقى آلاف مرضى السرطان بالجزائر مهددين بالموت المحتم، في ظل الوضع الحالي الذي يعرفه العلاج الإشعاعي عبر المراكز المتوفرة حاليا.