يحاول المخرج الجزائري، المغترب بسويسرا، محمد سوداني، في فيلم ''تاكسيفون''(2010)، المندرج في المنافسة الرسمية لمهرجان الفيلم العربي، تحديد علاقة جديدة بين الشّمال والجنوب ونقل مسار الهجرة من أوروبا صوب إفريقيا، وكشف مغالطات فرضية صدام الديانات. قال المخرج محمد سوداني أمس ل ''الخبر'': ''نلاحظ، في الغالب، عند الحديث عن العلاقة أو التقارب بين الشمال والجنوب، أن محور الحركة ينتقل صوب الشمال، خصوصا مع بروز، خلال السنوات الماضية، ظاهرة الهجرة غير الشرعية. وحاولت في الفيلم قلب القناعات والأحكام المسبقة، ووضع شخصيتان سويسريتان في ديكور جزائري، صحراوي''. كما يركز المخرج نفسه، الذي يمتلك في رصيده تجربة سينمائية تتعدى الثلاثين سنة، على نقطة محوريّة، تتجسد في إمكانية التّعايش بين الإسلام والمسيحية ونفي فرضية صدام الديانات ويقول: ''الشّخصيتان المحوريّتان من الفيلم يعتنقان المسيحية. يلتقيان في مسيرتهما، في الصحراء، صوب تومبوكتو، شابة، بتاغيت، مسلمة، وهنا تظهر القيّم الحضاريّة وروح التسامح والتبادل الحرّ في مختلف شخصيات الفيلم''. يسلّط العمل نفسه الذي سبق أن حصد، مطلع السنة الجارية، جائزة الجمهور بمهرجان سينمائي بسلوفينيا، الضوء على ''تاكسيفون''، واقع على طرف الصحراء، يفكر صاحبه في إمكانية تحويله إلى أكبر وأهم تاكسيفون في المنطقة، متكئا في طموحه على ''بركة الأولياء الصالحين''، ويجد في السويسريان اللذين تقتادهما الأقدار، بعد عطب في الشاحنة التي كانت تقلهما، فرصة من أجل الترويج لمحله. وبدا المخرج محمد سوداني 61 سنة، أصيل الشلف، سعيدا بمشروع الفيلم، الذي تم تصويره في تاغيت (2009/2008)، والذي منحه مشروعية العودة لأرض الوطن، بعد انتظار دام قرابة ثلاثة عقود ، حيث يعتبر الفيلم الخامس الطويل في مسيرة المعني، بعد تجارب كثيرة منها ''ناوا، رجل وماء''(1989)، ''أبيدجان، مدينة تناقضات''(1992)، إضافة إلى فيلم وثائقي بعنوان ''حرب بلا صور''(2004) يحاول مقاربة تاريخ الجزائر. ويتحدث محمد سوداني عن نفسه: ''هجرت الجزائر بسبب كرة القدم. لعبت في المنتخب الوطني أواسط سنة 1966، وانتقلت للاحتراف في نادي لوكارنو، بسويسرا. واستقريت هناك. درست، بعد الحصول على البكالوريا، طب، وتوقفت بعد سنة ونصف وانتقلت لفضاء السمعي البصري، من مصور إلى مدير تصوير ثم مخرج''.