أستاذي المحترم نم هانئا، نم مطمئنا، لقد غرست فينا ما تحبه وتؤمن به من العمل الدائم تحت عنوان التغلغل في إقليم ولايات تراب الجزائر الحبيبة، ولن نترك ما حيينا مبدأ الدفاع عن الجزائر العميقة، معاناة الجزائريين في أقصى نقطة من هذا الوطن المعطاء الذي أنجب أمثالكم من المخلصين. أيها الظل الدائم الذي يحمي مراسلي الجزائر العميقة في جريدة كل الجزائريين ''الخبر''، لا أجد سوى التضرع لله والدعاء لك بالمغفرة والرحمة، لأنه لن يخفف عنا الألم والحزن والفراق سوى الإيمان بقضاء الله وقدره. أقر بأنني التقيتك مرة واحدة بمكتبك بحيدرة قرابة الساعتين، لكنني آمنت بطريقتك في العمل عبر الهاتف والتوجيهات غير المباشرة عن طريق الزملاء رؤساء الأقسام. كان أمرك ذات يوم في صائفة 2007 عن طريق الهاتف، على الساعة3016 مساء، دافعا قويا لي للرفع من إيماني بمهنة المتاعب. قلت لي: مساء الخير زرفاوي، فأكملت بنبرة سهلة وخافتة وبسيطة وتواضع فيه رفعة وعزة بالنفس، وواصلت... ماذا يجري على الحدود التونسية زرفاوي. كان ردي أن بعض العائلات الفقيرة من الحوض المنجمي بففصة نزحت إلى قرية عقلة أحمد ببلدية بئر العاتر، على مسافة 120 كم من عاصمة الولاية تبسة. وأكدت لك أنني سأرسل الخبر في حدود ربع ساعة. قاطعتني سي عثمان: لا زرفاوي أريد حوارا وتقريرا مفصلا عن الحادثة، يجب أن تكون بعين المكان ماذا تفعل في المكتب؟ حاولت مرة أخرى قائلا المسافة بعيدة وربما لا يكفي الوقت.. لا زرفاوي عندك الوقت إلى غاية الساعة 21 ليلا كل تعويضاتك المادية محسوبة ولا أريد التأخر عن هذا العمل، أرجو أن تكون سريا في عملك وحظ سعيد. وأغلقت الهاتف. فهمت أنه لابد لي أن أتحرك، تحركت فعلا وبحب منقطع النظير لمهنتي إلى الوجهة المقصودة على متن سيارة ''فرود''، كان ثمن التنقل مرتفعا، ولن أذكر السعر لأنني تحصلت عليه تعويضة من إدارة ''الخبر ''. ودخلت الشريط الحدودي التونسي وتحاورت مع العائلات التونسية التي أوضحت أن لا علاقة لها بالسياسة سوى طلب العمل والتعليم وتحسين ظروف المعيشة، والتقطت عدة صور، وكأنني نلت جائزة عالمية عندما عدت عند الساعة 3020 إلى المكتب، وحررت المقالة وأرسلتها عن طريق النات، وكانت حاضرة في الصفحة الأولى في اليوم الموالي. وبعدها قررت السلطات التونسية منعي من دخول التراب التونسي إلى يومنا هذا. المغفور له بإذن الله، سأبقى ما حييت وإلى أن نوافيك وفيا لرسالة الجزائر العميقة. وداعا ''سي'' عثمان في جنات الفردوس مع الصديقين والشهداء والصالحين إن شاء الله.