أعطت وزارة الداخلية والجماعات المحلية مؤخرا تعليمة لولاة الجمهورية لمباشرة استدعاء المواطنين الذين أودعوا أسلحتهم لدى السلطات الأمنية بداية من سنة ,1993 استجابة لنداء الدولة آنذاك، لتسوية الوضعية التي يرجح أن تكون تعويضا ماديا عن الأسلحة المسحوبة. قرار الداخلية أحيط بتكتم واسع، حيث لم يتم الإعلان عنه رسميا، إلى أن تفاجأ المعنيون باستدعاء من قبل جهازي الدرك والأمن الوطنيين يطلبان فيه التوجه إلى مقر الولايات المقيمين بها لإيداع الملفات، وقد انطلقت العملية في بعض الولايات كعين الدفلى والمدية، في انتظار أن تعمّم على باقي الولايات، باعتبار أن التعليمة تشمل كل ولايات الوطن، وحسب ما ذكره عدد ممن شملهم القرار، فإن الولايات سخرت مصلحة خاصة لجمع الملفات، التي تتكون من نسخة من الوثيقة المسلمة للمعني بعد إيداعه للسلاح خلال فترة التسعينات، وشهادتي الإقامة والميلاد وصحيفة السوابق العدلية للمعني، وكذا شهادة مسلمة من قبل طبيب مختص لمعاينة الصحة العقلية للمستفيد، يضاف لها استمارة تقدم من قبل الجهات المعنية يدوّن فيها المعني كل المعلومات الخاصة به. وحسب المعنيين دائما، فإنه لم يتم تحديد آجال محددة لدراسة الملف، كما لم يتضح بعد إن كانت الأسلحة المودعة سيعاد تسليمها لأصحابها أو أنه ستسلم لهم تعويضات مادية مقابل هذه الأسلحة، على أن ينتظروا استدعاءهم للحصول على التعويض المناسب، وعلى الرغم من وجود شهادة الصحة العقلية ضمن الملف والتي ترجح إعادة السلاح إلى المعني في حالة ثبوت صحته العقلية بالكامل، إلا أنه في المقابل تحدثت مصادر ل''الخبر'' عن استحالة هذا الأمر، وهذا كخطوة احترازية من السلطات لتفادي أي انزلاق قد يعيد التوتر من جديد للدولة التي تواصل محاربتها للإرهاب، وكانت قد سنت تعليمات صارمة لتفادي ذلك منها مثلا حظر الترخيص لبيع الأسلحة. من جهة أخرى ثمّن محمد حديبي، نائب بالبرلمان، عن حركة النهضة في تصريح ل''الخبر'' الإجراء واعتبره استجابة لمطالب المواطنين المعنيين، ونوّه أن حركة النهضة كانت الحركة الوحيدة التي راسلت الوزير المنتدب المكلف بالدفاع عبد المالك فنايزية في بداية سنة ,2009 تطلب إعادة الأسلحة المسحوبة إلى أصحابها بعد استتباب الأمن، وهنا ذكر ممثل النهضة أن المراسلة جاءت بعد الشكاوى التي تقدم بها عدد كبير من المعنيين للحركة وكان من بينهم 400 مواطن من ولاية المدية لوحدها، أين طالبوا باستعادة أسلحتهم بسبب انتشار ظاهرة سرقة المواشي، بالإضافة إلى وجود الحيوانات الضالة في المناطق النائية التي تهدد حياة المقيمين بها، ليرد الوزير فنايزية في بداية 2010 على الحركة بقوله إن الظروف الحالية لا تسمح بإعادتها، إلا أن الدولة، يضيف المتحدث، تكون قد وجدت الحل بتعويض هذه الفئات لتسوية قضية بدأت تتعالى فيها أصوات المحتجين. في المقابل ذكر حديبي أن عدد الأسلحة المسحوبة في التسعينات تجاوز 200 ألف قطعة أغلبها بنادق صيد، ويتراوح ثمن هذه الأسلحة بين 15 و70 مليون سنتيم، وهي مبالغ مهمة، حسبه، لا يمكن لمالكيها التخلي عنها بسهولة.