سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
11 مليارا تعويضا للمستفيدين من المصالحة الوطنية والغلاف المالي يبقى مفتوحا / الحمض النووي لتحديد نسب 1200 طفل ولدوا في الجبال بعد أربع سنوات من الاستفتاء حول ميثاق السلم والمصالحة الوطنية
محسن ساسي وفيما يخص التكفل بملف الذين طردوا من مناصب عملهم لأسباب سياسية أثناء الأزمة الأمنية، فقد أوضح أن 5236 ملف تم التأشير عليها بالموافقة، وتمت إعادة إدماج 1361 معني في مناصب عملهم، في حين تلقى 3875 منحة شهرية، بغلاف مالي يتجاوز 4 ملايير دينار، وأن ما يقارب 3 ملايير دينار منها وجهت إلى الضمان الاجتماعي لصالح هؤلاء، أما الغلاف المالي الإجمالي الذي أنفقته الوزارة في إطار التكفل بضحايا المأساة الوطنية فيقدر ب11مليار دينار، من مجموع 22 مليار دينار خصصتها الدولة لملف المصالحة الوطنية· وفي سياق ذي صلة كشف الوزير عن الانتهاء من معالجة ملفات ضحايا المأساة الوطنية على المستوى الوطني، في حين لا تزال بعض الملفات عالقة لعدة أسباب، منها رفض عدد من العائلات الحصول على التعويضات، وقالت إنها ترفض أن يسجل التاريخ عنها أن أحد أبنائها كان ينشط في جماعة إرهابية· وسبق وأن أكد وزير التضامن الوطني والأسرة والجالية الوطنية بالخارج، بشأن تنفيذ القوانين الخاصة بالمصالحة الوطنية، أن حوالي 14 ألف ملف خاص بضحايا المأساة الوطنية تمت تسويتها، من أصل 25 ألف ملف تم إيداعها على مستوى الولايات، وأن أصحابها تلقوا التعويضات المنصوص عليها في تلك القوانين· وتخص العائلات التي استفادت من التعويض تلك التي تورط أحد أفرادها في الإرهاب وعددها 7 آلاف عائلة معوزة، وكذا الأشخاص الذين تعرضوا لإجراءات إدارية خاصة بالتسريح بسبب أحداث مرتبطة بالمأساة الوطنية وعددهم أيضا 7 آلاف شخص· وفي السياق ذاته فإن القيمة الإجمالية التي خصصتها الدولة لفائدة وزارة التضامن الوطني في إطار هذه العملية قدرت ب22 مليار دينار إلى غاية نهاية سنة .2008 وحسب ولد عباس فإن الملفات المتبقية توجد قيد الدارسة وسيتم الفصل فيها قريبا، وأن عدد الملفات العالقة لا يتجاوز 100 ملف، ويعود ذلك إلى أن العائلات نفسها لم تقدم ملفات كاملة للمصالح المخولة باستقبال ملفات التعويض· وبخصوص ملف إعادة إدماج التائبين في مناصب عملهم مجددا، تشير أرقام الوزير إلى أنه تم إحصاء ما يقارب 5000 عامل من هذه الفئة، بمقابل دراسة يجري التحضير لها تتعلق بعدد الأطفال غير الشرعيين، من بينهم الذين ولدوا في معاقل الإرهاب· ونفى الوزير وجود تدابير جديدة في إطار ميثاق السلم والمصالحة، وقال إن المعلومات التي تداولتها بعض الأوساط الإعلامية بخصوص تعميم منح التعويضات لكافة عائلات الإرهابيين الذين قضي عليهم في الجبل عارية من الصحة، مشيرا إلى أن ميثاق السلم ينص على تمكين العائلات المعوزة فقط التي فقدت أحد أفرادها في الجبال من التعويض، ولا ينص على منحها لكل عائلات المسلحين، والتي تأتي حسبه في إطار التضامن الوطني· وعلى صعيد متصل فإن المصالحة الوطنية التي كانت حاضرة في لقاء التحالف، فقد كشف بشأنها عبد العزيز بلخادم الأمين العام للهيئة التنفيذية لحزب جبهة التحرير الوطني، أن تطبيق نصوص ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، المزكاة في سبتمبر 2005 من قبل الشعب الجزائري، أسفرت عن وضع 6000 قطعة سلاح، وهو ما يعتبر إيجابيا حسبه، حيث أشاد بما حققته اجتماعيا من خلال تكريسها لإعادة إدماج العناصر التائبة في المجتمع المدني، أما الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، أحمد أويحيى، فقد اعتبر مسار المصالحة إيجابيا، بالنظر لما أفرزه من معالجة قانونية لعدد من الملفات، كتلك المتعلقة بالمفقودين وأقارب الإرهابيين الذين قتلوا وبعض الحالات الاجتماعية، وذلك بفضل الجهود الكبيرة التي قام بها رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، في إرساء قواعد السلم والمصالحة في الجزائر· رسائل ونداءات التوبة لقياديي ومنظري الجهاد زادت من مصداقيتها المصالحة الوطنية أشمل من المراجعات في توقيف العمل المسلح ياحي·ع ظهر نموذج ''المراجعات'' لمواجهة الفكر الجهادي للحركات والمنظمات الإسلامية المسلحة في العالم الإسلامي انطلاقا من مصر، وليبيا مؤخرا مع الجماعة المقاتلة الليبية، في محاولة لوضع العناصر المسلحة أمام المفهوم الشرعي الصحيح والفهم الصائب للدين الإسلامي، الذي اتخذته في وقت سابق وسيلة لتبرئة أعمالها الإرهابية وفكرها المنحصر في القتل والدمار إزاء كل متحرك باسم الجهاد· غير أن تصاعد أعمال العنف داخل المجتمعات الإسلامية دفع إلى طرح سؤال لدى الدعاة والمنظرين في العالم الإسلامي: الجهاد ضد من؟ وبعد أن أسست الجماعات الإرهابية فكر الانقلاب والعنف والتكفير مستعملة في خطاباتها أسماء عدة مرجعيات إسلامية فقهية وعلمية، انقلبت فيما بعد عليها قيادات بعد أن أعلنت براءتها وتوبتها من الأعمال المسلحة الإرهابية والدموية باسم الجهاد، لدرجة أن هددتها بالقتل والتصفية بعد تكفيرها ووصفها بشتى الأوصاف، لا لشيء سوى أنها تراجعت عن الفكر الظلامي والدموي، وطرحت رسائل وثائق تعلن من خلالها عن براءة الإسلام من فكرهم الخاطئ، مثل التائبين حسان حطاب وعماري صايفي وعودة عبد الحق لعيايدة ومدني مزراق وغيرهم من القياديين السابقين في التنظيمات المسلحة و''إمام الشريف'' المصري و''المقدسي'' السوري وغيرهم من الرموز الإسلامية العالمية التي تبرأت من الحركات والتنظيمات المسلحة التي تتخذ العنف والعمل الإرهابي وسيلة لإسماع صوتها· إن ظهور ''المراجعات'' لدى القيادات السابقة لمختلف الجماعات المسلحة من خلال توجيهها لنداءات التوبة ورسائل النزول من الجبال وترك العمل المسلح نموذج توصلت إليه المصالح المختصة يساهم بشكل وآخر في إنهاء الأزمة الأمنية، بعد دراسة معمقة لكل جوانب مراجعات الدول السباقة في انتهاجها، آخذة خصائص المجتمع الجزائري بعين الاعتبار· وبادرت السلطات الأمنية إلى طرح فكرة ''المراجعات'' وتبنتها ولازالت ترعاها في وقت تعاملت عدة أطراف سياسية وفكرية بسلبية كبيرة معها، وحاولت الدفاع عن تلك الإيديولوجيات الإرهابية التي لا تمت بصلة بالمجتمع الجزائري، رغم أنها لا تتوافق معها في الفكر والأسلوب، رضخت أغلبها إلى ما تقدمت به الدولة بعد النتائج الكبيرة المحققة· وعرفت الجماعات الإسلامية في الجزائر ظاهرة ما يسمى ''المراجعات'' بعد أن أعلنت قيادتها براءتها من العمل المسلح ونبذها للعنف منذ أن بادرت السلطات الأمنية إلى فتح أبواب التوبة والعودة لأحضان المجتمع، وقدمت قيادات سابقة معروفة في الجماعة الإسلامية المسلحة والجماعة السلفية للدعوة والقتال والجيش الإسلامي للإنقاذ، عدة رسائل ونداءات تكشف فيها الانحرافات التي أصابت الجماعات الإسلامية وتشرح فيها أسباب تراجعها عن العنف وتدعو إلى التوبة، ونقضت فيها الأساس الشرعي والفكري لخروجها على الدولة وإعلان حربها ضد النظام، بعد أن كانت قد اتخذت العمل المسلح منهجا في التغيير وتبنت قناعاته· ويضيف المتتبعون للحركة الإسلامية أن انكسار الجماعات المسلحة فتح الباب لتقبل ظاهرة ''المراجعات''، وتتعاطى معها بإيجابية وترعاها على جميع الأصعدة لطي الملف الأمني بصفة نهائية، رغم تصاعد أصوات راغبة في استمرار الوضع على حاله من حين لآخر، ومادام الشعب سيدا في اتخاذ مواقف تخصه بالدرجة الأولى رحب بالسياسة الرشيدة لرئيس الجمهورية والاحترافية التي تنتهجها السلطات الأمنية في معالجة هذه القضايا، حين أصرت بقوة على ميثاق السلم والمصالحة الذي راعى خصائص الفرد الجزائري دينيا وسياسيا واجتماعيا، مع ملاحقة بقايا الإرهاب الرافضة لليد الممدودة، فإن العصافير المغردة خارج صوت الشعب أصبحت معزولة· قانون الرحمة، الوئام المدني وميثاق المصالحة أحزاب تتخندق في كل المساعي إيمانا منها بوقف إراقة الدماء وأخرى تتحفظ مالك رداد لا يختلف اثنان في أن الأحزاب السياسية في الجزائر انخرطت غالبيتها ضمن مسعى الوئام المدني الذي بادر به رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، عند مجيئه إلى الحكم سنة ,1999 باعتبارها ورقة طريق عهدته الرئاسية الأولى، وهو المسعى الذي تواصل ليتم توسيعه إلى المصالحة الوطنية بعد النجاح الكبير الذي تحقق في تثبيت الاستقرار واحتواء الأزمة الأمنية، التي لقيت هي الأخرى ترحابا كبيرا، الأمر الذي دفع نفس تلك التشكيلات السياسية إلى المطالبة بالارتقاء بالمصالحة الوطنية إلى عفو شامل· لقد مر مسار المصالحة الوطنية بالعديد من المراحل، حاولت بعض الأحزاب السياسية المساهمة في تفعيلها من خلال الانخراط في المبادرة ولعب دور التعبئة والتجنيد في صفوف المجتمع لإنجاح كل المبادرات التي كان الهدف من ورائها وقف إراقة دماء الجزائريين، وقد كانت البداية بقانون الرحمة الذي أصدره الرئيس السابق اليمين زروال، حيث ساهمت التشكيلات السياسية في نجاح المسعى، رغم أنه كان محددا بالظرف والزمن، بالإضافة إلى خلوه من العديد من التدابير التي كانت في صالح المغرر بهم· نفس الانطباع والمصير عرفه قانون الوئام المدني الذي أقره الرئيس بوتفليقة سنة ,1999 حيث لقي مساندة الأحزاب السياسية المشكلة للتحالف الرئاسي، فيما اعتبرته باقي الأحزاب السياسية مشروعا يفتقد إلى التدابير التي من شأنها محو آثار الأزمة، في حين واجه انتقادات حادة من قبل أحزاب المعارضة وبعض التنظيمات الحقوقية التي صنفته في خانة ''عدم احترام قوانين الجمهورية وتكريس منطق اللاعقاب''، وطالبت بمعاقبة ''الذين ارتكبوا مجازر في حق الشعب الجزائري''· رأى بعدها الرئيس بوتفليقة اللجوء إلى استكمال مسعى الوئام المدني والارتقاء به إلى ميثاق للسلم والمصالحة الوطنية، والذي حظي بدعم واسع من قبل الطبقة السياسية وزكاه الشعب الجزائري، من خلال استفتاء شعبي حصل من خلاله الرئيس على الورقة البيضاء للشروع في تطبيق تدابير ميثاق السلم والمصالحة، مع منحه صلاحية التصرف والتقدير في كل القضايا التي يمكن أن تطرح لاحقا· ولم تتوقف مساندة الأحزاب السياسية عند هذا المسعى فقط، حيث راحت العديد منها تطالب بالارتقاء بالمصالحة الوطنية إلى عفو شامل، وهو الإجراء الذي لم يتحدث عنه الرئيس بشكل واضح، رغم التلميح إليه من حين لآخر، لكن المؤكد أنه في حالة المبادرة به سيجد إلى جانبه كل التشكيلات السياسية التي ستتبنى بدورها المشروع، وتكون في الصفوف الأولى للقيام بالحملة التحسيسية، خاصة الأفالان، حركة حمس، حركة النهضة والإصلاح، التي رافعت لصالح توسيع المصالحة إلى عفو شامل خاص بالأزمة الأمنية والمأساة الوطنية، حتى أنها كثيرا ما برزت وكأنها تغرد خارج السرب، في ظل تصريحات مسؤولين في الدولة، مثل الوزير الأول أحمد أويحيى، ووزير الداخلية نور الدين يزيد زرهوني، تشير إلى أن العفو الشامل غير مطروح في الوقت الراهن· لكن هذا لا يعني أن الأحزاب السياسية المعارضة سوف لن تتوانى ولو للحظة واحدة في البحث عن الثغرات التي يتجاهلها المشروع، مثلما حدث مع ميثاق السلم والمصالحة الواحدة الذي انتقده الأرسيدي والأفافاس، بالإضافة إلى أحزاب أخرى واعتبروه بمثابة ''تبييض للجرائم التي تم ارتكابها طوال عشرية كاملة ضد المدنيين و العزل'' وتكريس لللاعقاب، على اعتبار أن تدابير المصالحة تمنع أية متابعة ضد مصالح الأمن أو أية جهة في قضية متصلة بالمأساة الوطنية، كآلية لوضع حد نهائي لاستمرار المأساة ومضاعفاتها الارتدادية· تسهر على تنفيذها لجنة حكومية من خمس وزارات إجراءات جديدة للتكفل بأبناء الجبال والمغتصبات رشيد حمادو تعكف لجنة وزارية مشتركة تحت إشراف مصالح الداخلية والجماعات المحلية على التكفل بالملفات العالقة للأزمة الأمنية في العشرية الأخيرة، وهي بمثابة إجراءات شبه تكميلية لميثاق السلم والمصالحة الوطنية· وتشمل هذه الإجراءات بالخصوص فئتي أبناء الجبال، كتسهيل تسجيلهم في وثائق هوية الحالة المدنية، فيما تستفيد النساء المغتصبات من الأولوية في العمل والسكن وامتيازات أخرى للتكفل بأبناء الجبال· أفادت مصادر على صلة بالإجراءات التكميلية لميثاق السلم والمصالحة الوطنية ل''الفجر'' عن إجراءات جديدة تضمنها الدولة لضحايا المأساة الوطنية من النساء والمغتصبات وأبناء الجبال، ومن هذه الإجراءات المقررة للنساء المغتصبات، حسب ذات المصدر، أولوية الاستفادة من مناصب الشغل الجديدة والسكنات الاجتماعية في مختلف المشاريع التي يتم إنجازها عبر العديد من الولايات الوطنية، بالإضافة إلى مزايا مادية أخرى للتكفل بأبناء الجبال· كما تشمل ذات الإجراءات الجديدة التي تسهر على تطبيقها لجنة وزارية مكونة من ممثلين عن وزارات العدل، التضامن الوطني، الشؤون الدينية والأوقاف، التربية الوطنية، بالإضافة إلى وزارة الصحة تحت إشراف مصالح الداخلية والجماعات المحلية، إجراءات جديدة منها تسهيل إجراءات تحاليل الحمض النووي بالمؤسسات الصحية، لتمكينهم من إثبات النسب وتسهيلات التسجيل في سجلات الحالة المدنية ومن ثم تمكينهم من الالتحاق بالمؤسسات التربوية والتعليمية دون عراقيل· الأستاذ خبابة يصرح ''على المشرع أن يرتقي بقوانين المصالحة من الشق الاجتماعي إلى السياسي'' يرى المحامي عمر خبابة أن المشرع الجزائري رسم إطارا محددا لمعالجة آثار المأساة الوطنية، تمثلت في الجانب القانوني والاجتماعي، حيث جاءت نصوص ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ''وفية'' لهذا الهدف، مضيفا أن المواد القانونية جاءت ملمة بجوانب الهدف الذي سطره المشرع الجزائري· وأشار المحامي خبابة، في اتصال مع ''الفجر'' إلى بعض الصعوبات والمشاكل التي تكتنف عملية تطبيق قوانين المصالحة في الواقع، حيث برر ذلك بطبيعة النص القانوني الذي هو عبارة عن قواعد عامة يمكن تعديله وتنقيحه عندما تتضح نقائصه في الميدان· وتطرق محدثنا إلى وجود جهة تنظر إلى المصالحة الوطنية من زاوية أنها يجب أن تعالج مواضيع ونقاط متعددة لم يتناولها قانون المصالحة الوطنية، مضيفا أن هذه الجهة ترى أنه يجب الارتقاء بالمصالحة الوطنية إلى مستويات جديدة تمكن من إنهاء معاناة الكثير من المواطنين الذين لم يتمكنوا الى اليوم من الحصول على جوازات السفر، وهو ما يدخل في إطار حق كل مواطن في التنقل، وكذا حق الترشح وحق الانتخاب، أي بالمعنى الواضح الانتقال من معالجة الآثار السلبية للأزمة من الناحية الإجتماعية والارتقاء بها إلى الناحية السياسية لتحقيق قيم وممارسات المواطنة، موضحا في هذا الصدد أنه لا يمكن المواصلة في ممارسة العقاب ضد الفئات الممنوعة من التنقل والترشح والانتخاب إلى مدة غير محدودة ومفتوحة·