اعتمدت الحكومة إجراءات اعتبرها الخبراء مؤقتة وغير قادرة على تغيير بنية الاقتصاد الجزائري المعتمد على معادلة أحادية، هي الريع النفطي الذي يتجسد في شكل قروض بنكية ونفقات عمومية. وتهدف التدابير المتخذة إلى اعتماد التشغيل الشامل وتوفير الدعم لذوي الدخل الضعيف، إلا أن آثار ضخ الأموال لن يكون لها أثر إيجابي على مستوى الآلة الإنتاجية. حسب الخبراء، فإن ضخ موارد مالية إضافية وتوزيع جزء من الريع النفطي بالصيغ المعتمدة، يهدف إلى التخفيف من حدة الاحتجاجات على المستوى الاجتماعي، لكنه لن يغير من المعادلة الاقتصادية. فالحكومة تخصص مبدئيا 1202 مليار دينار لعمليات التحويلات الاجتماعية أي في حدود 72,16 مليار دولار أو نسبة تقارب 11 بالمائة من الناتج المحلي الخام، منها 93 مليار دينار أو ما يعادل 1.294 مليار دولار كانت مخصصة لدعم الحليب والحبوب ومليار دينار أو ما يعادل قرابة 14 مليون دولار، وأضيفت إلى هذه القيمة أغلفة مالية إضافية في مجال دعم المواد الأساسية مع إلغاء الحقوق الجمركية والرسم على القيمة المضافة للمدخلات والمواد الأولية التي تدخل في صناعة السكر والزيت ثم إلغاء الحقوق الجمركية على استيراد السكر الأبيض. وقدرت قيمة هذا الدعم بحوالي 30 مليار دينار أو ما يعادل 417 مليون دولار، تضاف إليها قيمة 180 مليار دينار أي أكثر من 5,2 مليار دولار برسم الإجراءات الخاصة بتمويل المشاريع الخاصة بالشباب. وفي المحصلة، فإن مختلف عمليات الدعم التي تقع على عاتق الدولة ستتجاوز 20 مليار دولار، توزع دون تحديد تأثيراتها الاقتصادية على المديين المتوسط والبعيد على الآلة الإنتاجية، بل إن إمكانية تسجيل عدة إخفاقات قائمة على شاكلة التجارب السابقة، بدءا بالاعتماد، وفقا لمقاربة كينيزية، على التشغيل المكثف غير المدروس والتسهيلات البنكية التي كشفت عن محدوديتها. ولقد بينت تجربة الاعتماد الكامل على النفقات العمومية لتحريك النمو محدوديته، فقد بقي الاقتصاد يعتمد على هذه النفقات كمحرك للنمو وهذه النفقات ظل قوامها عائدات المحروقات. كما ظلت بنية التجارة الخارجية ما بين 2000 إلى 2010 دون تغيير بنسبة صادرات خارج المحروقات لم تتعد 3 بالمائة، وبقيت نسب الإنتاجية الصناعية ضعيفة ونصيب الصناعة لا يتعدى 7 بالمائة من الناتج المحلي الخام. وسجلت الواردات ارتفاعا بنسبة فاقت 400 بالمائة ما بين 2000 و2010، حيث كانت تقدر ب 10 ملايير دولار وارتفعت إلى 40.2 مليار دولار. وفي وقت كانت الجزائر تضخ نسبة 10 إلى 12 بالمائة من الناتج، فإنها ظلت تسجل نسب نمو تتراوح ما بين 3 و5 بالمائة، كما أن كافة المشاريع الهيكلية والهامة عرفت تأخرا كبيرا وإعادة تقييم بلغت، حسب تقدير أولي، 2600 مليار دينار أو ما يعادل 40 مليار دولار منتصف .2008 وتواصلت عمليات إعادة التقييم خلال سنتي 2009 و2010 لأكبر وأهم المشاريع، وهو ما دفع الحكومة إلى تخصيص غلاف مالي ب 131 مليار دولار لإتمام المشاريع المتأخرة في مخطط دعم النمو الجديد المخصص له 286 مليار دولار. وأخيرا سجلت البنوك عموما ديونا متعثرة بلغت، حسب تقديرات وزير المالية كريم جودي، نسبة 35 بالمائة من قيمة الديون التي تجاوزت 3200 مليار دينار لدى القطاعين العمومي والخاص، أي أنها تقدر بحوالي 1120 مليار دينار رغم عمليات التطهير المتتالية ما بين 2000 و2010 والتي كلفت الدولة أكثر من 40 مليار دولار.