يوجد داخل مقرات أمن الدولة مئات الآلاف من الاعترافات التي ربما جاءت تحت التعذيب أو الترهيب والتلفيق، ومنها ما هو واقعي أصبحت بين أيدي المواطنين الذين اقتحموا المقرات، منذ يوم الجمعة الماضية، خلال مطالبتهم بحل جهاز أمن الدولة. فهذا ملف يحمل اسم حسن حسين، طالب بكلية الهندسة، ويشير الملف إلى انتمائه لتيار الجهاد الإسلامي وشارك في تجنيد عدد من طلاب الجامعة. ويوضح الملف أن حسن اعتقل منذ عام 1990 ولم يحدد مصيره الآن. وهذا علي فاروق يبحث عن ملفه ومعه العشرات من أصدقائه داخل مقر أمن الدولة بلاظوغلي، مقر جهاز أمن الدولة بالقاهرة، ويقول فاروق: تم التحقيق معي أكثر من 7 مرات داخل هذا المقر، في كل مرة كنت أعذب أسبوعين أو أكثر والتهمة مطالبتي بإجراء انتخابات طلابية حقيقية، وكنت أمكث في كل مرة مغمى العينين وجسدي مازال يحمل بقايا تعذيب بشع. ولاء حسين طبيبة جاءت تبحث هي الأخرى عن ملف ولكنها تريد ملف أخيها الأكبر الذي اعتقل قبل 18 عاما ولا تعرف عنه شيئا، وتشاركها هالة فريد مؤكدة أن زوجها اختفى قبل 13 عاما ولا تعرف هل هو ميت أم حي.. وما مصيره، مؤكدة أنها لا تجد ما يسد قوت يومها وأولادها بعد توقف راتب زوجها من قبل الشركة التي كان يعمل بها بعد اختفائه مدة طويلة. المفقودون داخل سراديب مباني أمن الدولة العملاقة كثيرون ولكن وثائق أمن الدولة لا تكف عن كشف المفاجآت، فهذه الحجرة التي تحمل رقم 24 بمقر أمن الدولة بمدينة نصر أو قلعة التعذيب، هي مخصصة لحفظ ملفات عن أعضاء حركة حماس وعدد من الفلسطينيين المقيمين في قطاع غزة، يتضمن كل ملف تقارير تفصيلية عن هؤلاء من مواليدهم إلى يومهم هذا. ومازالت مفاجآت وثائق أمن الدولة متتالية، ويبدو أن بعضها كان ملفات من أجل المساومة والضغط لبعض الشخصيات المناوئة للنظام والبعض الآخر إدانة لأفراد الجهاز، ومن هذا المنطلق أمر المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالقبض على حسن عبد الرحمن، رئيس جهاز مباحث أمن الدولة. وفي الوقت الذي حظر فيه المجلس الأعلى للقوات المسلحة نشر الوثائق الخاصة بأمن الدولة باعتبارها ملفات أمن قومي، وقال في رسائل نصية أرسل بها عبر الهواتف ''نهيب بالشرفاء تسليم ما بحوزتهم من مستندات تخص أمن الدولة لاتخاذ اللازم حيالها''، إلا أن المواطنين يطالبون بتشكيل لجنة للتحقيق في تلك الوثائق، خاصة وأنها تتحدث عن مئات الشخصيات العامة وتكشف عن عوراتهم. وتحولت تلك الوثائق لحكايات يرويها الشارع المصري بعضها أصابه بالصدمة والبعض ساهم في ضخ كمية كبيرة من النميمة حول الفنانات والرياضيين والإعلاميين. ولكن كشفت المباحث العامة، أول أمس، عن عصابة تقوم بتزوير كميات كبيرة من المستندات وتنسبها لأمن الدولة، وكشفت العصابة خلال التحقيقات بأن مجموعة من رجال الأعمال قاموا باستئجارهم، مستغلين انتشار الوثائق الأمنية ليقوم بتزوير مستندات ونسبها لأمن الدولة، تحوي معلومات عن منافسين لهم سواء على مستوى الأعمال التجارية أو الانتخابات. ووجود مثل تلك الوثائق المضبوطة تشكك في حقيقة ما يتم نشره من وثائق حصل عليها داخل مقرات أمن الدولة، ومن هنا يطالب المواطنون بتشكيل لجنة من القضاة للتحقيق في تلك المستندات ومحاسبة أصحابها في حالة ثبوت ما تحمله من مخالفات، وكذلك محاسبة من أعدّها بتهمة التجسس ومخالفة القانون. وهو الأمر الذي وعد المجلس الأعلى للقوات المسلحة بدراسته. وفي الوقت ذاته مازال الثوار يطالبون بحل جهاز أمن الدولة والاكتفاء بجهاز المباحث العامة، مؤكدين أن أمن الدولة كان يحمي النظام ويضطهد الشعب.