يعود محمد ظريف، الأستاذ الجامعي بجامعة محمد الخامس بالمملكة المغربية والخبير المتخصص في شؤون الجماعات المسلحة، في حواره الذي أجريناه معه بمقر سكنه في الدارالبيضاء، إلى تشريح دقيق للظروف التي نشأت فيها فكرة الجماعات الإسلامية الجهادية في العالم، ومدى تأثير مختلف العوامل المؤدية إلى تطور نشاطها من الممارسة السياسية إلى مرحلة العنف، محمد ظريف الذي تحدث بإسهاب عن هذا الموضوع أكد أن ما شهدته الجزائر خلال العشرية الحمراء كان ضمن مخطط جهادي عالمي هدف إلى تحويل البلد إلى بؤرة ثورية إسلامية بموقعها الاستراتيجي وثرواتها الطبيعية واشتراك حدودها البرية مع كافة دول المغرب العربي، مشيرا إلى أن هذا المخطط مني بفشل ذريع بفضل اعتماد الجزائر لسياسة الوئام المدني والمصالحة الوطنية كمقاربة قانونية لفلسفة احتواء الأحزاب الدينية، كاشفا أن تحول الجماعة السلفية للدعوة والقتال إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي هو مؤشر ضعف في الداخل لاستقطاب دعم الخارج بوصفكم خبيرا في الجماعات الأصولية والجماعات المسلحة ما هي التطورات التي شهدتها هذه الحركات منذ نشأتها كفكرة قبل انتقالها إلى حركات مسلحة؟ إذاأردنا رصد سياقات التيار الإسلامي السياسي، لا بد أن نتحدث عن مسارين مختلفين، الأول يخص تجربة الإخوان المسلمين بقيادة حسن البنا وجماعة 1928،الثاني يتمثل في المسار الآسيوي مثله أبو الأعلى المودودي في الهند قبل أن تنقسم سنة 1947. مسار الإسلام السياسي العربي جسده إسلاميون عرب تحت الخضوع لعدة اعتبارات بينها إلغاء نظام الخلافة سنة 1924، حيث شكلت هذه الحادثة مجموعات كبيرة من المسلمين الذين كانوا يرون الهوية الإسلامية متناهية مع الخلافة، لذلك حاول حسن البنا تأسيس الإخوان المسلمين بالإجابة عن سؤال كيف يمكن حماية الجماعة المسلمة في ذلك الوقت. أماة مسار الإسلام السياسي الآسيوي الذي جسده ابو الأعلى المودودي فكان يخضع لعدة تأثيرات لكونه كان يعيش داخل دولة محتلة من طرف بريطانيا، وكان المسلمون يشكلون أقلية داخل المجتمع الهندي، مما استوجب حمايتها بخلق مفاهيم تنطبق على المجتمع الهندي وتتشبث بمفهوم الحاكمية. وعندما نركز نحن على مسار الإسلام السياسي العربي، فقد مر بعدة محطات انطلاقا من مرحلة التأسيس سنة 1928، ثم مرحلة التجذر والتحول لهذا التيار، من تبني مواقف معتدلة إلى الرغبة في مواجهة السلطة وتكفير المجتمع، واختزل المرحلة بكل أبعادها السيد قطب من خلال كتابه معالم في الطريق، الذي تحول إلى "إنجيل مقدس" استخدمه المتطرفون كقاعدة لمواجهة المجتمع والسلطة، من خلال مصطفى شكري مؤسس الهجرة والتكفير وعبد السلام فرج صاحب كتاب الفريضة الغائبة "الجهاد في المنظور السياسي." أما ثالث محطة فقد ارتبطت بنجاح الثورة الإيرانية على يد الخميني الذي أسقط نظام الشاه في إيران سنة 1979،ورغم أن هذه الحرب كانت شيعية فقد أثرت في الإسلاميين الذين صاروا يحلمون بالوصول إلى السلطة. وآخر محطة فاتت بانهيار المعسكر الشرقي الذي تحطم بعدما تمكن المجاهدون الأفغان إلحاق الهزيمة بالاتحاد السوفيات، مع الإشارة هنا إلى أن ظهور التيار "السلفي الجهادي" أضعف الإسلام السياسي بعدما طعن في شرعيته من خلال الكتاب الذي أصدره الرجل الثاني حاليا في تنظيم القاعدة أيمن الظواهري تحت عنوان "الحصاد المر"، وهو كتاب يؤكد فيه الجهاديون السلفيون أن الإسلاميين لا يختلفوا عن الديمقراطيين والعلمانيين في شيء. بحديثكم عن المحطة الرابعة في هذا المسار، ونقصد بها بداية التسعينيات، تغلغلت هذه الأفكار إلى الجزائر، وتحولت فيما بعد إلى أعمال عنف دموية إرهابية، كيف تمت عملية الانتقال برأيكم؟ لا يمكن فصل ذلك عن طبيعة الحركات الوطنية وطبيعة السلطة، فالحركة الوطنية الجزائرية لم تكن منفصلة عن الإسلام، ودور المشايخ أمثال الأمير عبد القادر الجزائري، عبد الحميد بن باديس وغيرهما من علماء الدين الذين لعبوا دورا كبيرا في المقاومة السياسية، وحتى جبهة التحرير الوطني لم تكن مبادئها منفصلة عن الأجواء الدينية، وهذا مفهوم لأن الجزائر واجهت استعمارا فرنسيا استيطانيا حاول القضاء على مكونات الهوية الجزائرية. العامل الثاني يتمثل في طبيعة السلطة المستقلة في الجزائر، والتي لم تكن معادية للتوجهات الدينية وظلت بعيدة عن العلمانية، فهواري بومدين الذي لعب دورا مركزيا بعد استقلال الجزائر كان أزهريا، وأعتقد شخصيا أن الجزائر كان من الممكن أن لا تشهد التجربة الدموية باعتبار أن السلطة لم تكن معادية للقيم الدينية، لكن حدثت بعض التغييرات خلال مطلع التسعينيات أخلت بالمفاهيم وأدت إلى الصراع السياسي. إذا كان من المفترض عدم وقوع ذلك، فما الذي حدث إذن وأدى إلى الصدام بين السلطة والإسلاميين؟ جزء كبير مما وقع في الجزائر جاء من الخارج، وكان المطلوب وقتها احتواء التناقضات الاجتماعية والسياسية، أعتقد أن ما فعله الشاذلي بن جديد من خلال تغيير الدستور وإقرار التعددية كان قرارا يستحضر هذه اللحظة التاريخية من خلال انهيار المعسكر الشرقي الذي أنتج تحولات عالمية تنص على احترام التعددية وحقوق الإنسان، الشاذلي بن جديد كان مستوعبا لتلك اللحظة التاريخية، لكن لسوء حظ الجزائر أن التيار الجهادي العالمي كان قويا بعد خروجه منتصرا من أفغانستان، حيث ترسخ وهم واقتناع لدى زعماء هذا التيار أنه بإمكانهم إقامة دولة إسلامية في العالم العربي وبالتحديد في الجزائر، باعتبار أنها قطب مؤثر لقوتها وموقعها الاستراتيجي في خريطة العالم العربي من جهة وكذا تضاريسها المساعدة على حرب العصابات. لم يكن صدفة انتقال الآلاف من الأفغان العرب إلى بلدانهم بعد انتهاء الحرب في أفغانستان من بينهم أكثر من 3000 جزائري أفغاني انتقلوا إلى الجزائر بعدما مورست عليهم ضغوط في أفغانستان واليمن والسودان، وهؤلاء لم يعودوا للاندماج في مجتمعاتهم، بل كانوا يحملون مشروعا جهاديا لإقامة دولة إسلامية كبرى، ولا يمكنني أن أصدق أن العنف الذي شهدته الجزائر كان وليد قرار إلغاء المسار الانتخابي، فهناك عمليات مبكرة سجلت في الجزائر مثل حادثة قمار في ولاية وادي سوف، فالتيار الجهادي العالمي اختار الجزائر لأسباب كثيرة، خاصة منها الطبيعة الجغرافية المساعدة على حرب العصابات ومواردها الطبيعية، لذلك راهن الجهاديون على هذه البلاد الشاسعة من العالم العربي بهدف تحويلها إلى بؤرة ثورية بمساهمة أشخاص من جنسيات مختلفة.. فمثلا تكشف لنا مذكرات أبو مصعب السوري، والذي كان ضمن الجماعات المسلحة في جبال الجزائر، عن حلمه في إقامة دولة إسلامية مجسدا من خلالها الآمال التي عقدها التيار الإسلامي العالمي خاصة في الفترة ما بين 1992 و1996، فقد تحدث عن التجربة التي عاشها وكأنها تجربة وطنية خاصة به، كل ذلك تساوق مع الآلة الإعلامية التي جسدها أبو قتادة الفلسطيني من خلال فتاوى إباحة ذبح النساء والأطفال والرضع والشيوخ... فالمعركة في الجزائر كانت تدار من لندنوأفغانستان، ثم لا بد أن لا ننسى أن أسامة بن لادن كان في الجوار الإقليمي، وليس غائبا عن ما كان يجري في الجزائر قبل مغادرته السودان، إذن فهناك مخطط لتيار الجهاد العالمي المتشكل من إرهابيين من مختلف الجنسيات ينشطون عبر العالم وداخل التراب الجزائري، ولم تكن الجماعة الإسلامية المسلحة "الجيا" سوى أداة في خدمة المخطط. كانت قوى عظمى ودول تدعم نشاط المسلحين في الجزائر؟؟ لا يمكن الحديث عن دول معينة، ليست هناك أدلة في هذا الشأن، لكن الأكيد أن الصمت الذي التزمت به دول غربية تجاه ما كان يحدث في الجزائر وفر مناخا مساعدا لتزايد نشاط الجماعات الإرهابية، ولا ننسى أن ألمانيا احتضنت إقامة رابح كبير والولاياتالمتحدةالأمريكية احتضنت إقامة أنور هدام، بالإضافة إلى بعض الشخصيات الأخرى التي كانت لها يد في تحريك الآلة الدموية في الجزائر. والعالم لم يتفطن لخطورة التيار الجهادي إلا بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، حيث تأكد من أن كل ما شهدته الجزائر خلال التسعينيات كان في إطار مخطط جهادي عالمي وجد ظروفا داخلية ساعدته على توظيف إرهابيي العالم، خاصة وأن بن لادن كان يبحث عن قاعدة خلفية لتجسيد مشروعه الجهادي في العالم. وطبيعي جدا أن نقول إن السلطة في الجزائر ارتكبت أخطاء في كيفية إدارة الأزمة في بدايتها، من خلال فتح جبهات عديدة لا يمكن لأي سلطة في العالم مواجهتها دفعة واحدة، حيث لم توظف مثلا تناقض توجهات الجبهة الإسلامية للإنقاذ مع توجهات الجماعة الإسلامية المسلحة، ما جعلها تواجه عدوا متوحدا بعد التحام التيارين المختلفين، كما أنها لم توظف حركة محفوظ نحناح الذي كان يشكل قاعدة خلفية إسلامية معتدلة تقبل العمل من داخل النظام، ومشهد كهذا كان يساعد على احتواء الأزمة ويجنب كثيرا من الأضرار والخسائر. رأيكم ما هي أسباب فشل الجماعات المسلحة في الجزائر؟ ألا ترون أن الوئام المدني والمصالحة الوطنية كان لهما أثر في عملية الاحتواء التي تتحدثون عنها؟ ؟ الواقع يؤكد أن الخطوات التي بادر إليها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة منذ مجيئه إلى سدة الحكم سنة 1999، من خلال تجسيد مشروع الوئام المدني وبعده المصالحة الوطنية، ساهم بشكل كبير في حسن تدبير وإدارة الأزمة، من خلال إجراءات مواكبة لمداخل أساسية تمثلت في استقطاب الإسلاميين المعتدلين في اللعبة السياسية شرط احترامهم لقواعد الممارسة السياسية مثل حركات حمس، الإصلاح والنهضة، حيث أن الإسلام السياسي نتج عن سياسات الإقصاء والتهميش عن المشاركة في السلطة، وأعتقد أن المقاربة الحقوقية التي فتحت باب التوبة أمام هؤلاء تجسد فلسفة الدولة التي تسمح للجميع بالمشاركة في الحكم شريطة احترام الضوابط والقواعد المعمول بها، حيث أن المصالحة أصلحت بعض الأخطاء التي ارتكبت في السابق من خلال رؤية تبسيطية ترى في أن الإرهابيين هم مجرد مجموعة من اللصوص، دون البحث الجدي عن الأسباب السياسية، وأن أفضل وسيلة لاحتواء الإسلاميين ومنعهم من التجنيد كإرهابيين هو التعامل معهم وإدماجهم في اللعبة السياسية من خلال عقد اتفاق يحدد قواعد الممارسة السياسية مثل احترام الحريات الشخصية والجماعية والخضوع لقوانين الدستور. هذا من الجانب السياسي، لكن من الجانب العسكري كيف تقيّمون وضع الجماعات المسلحة في منطقة المغرب العربي حاليا؟ لدي قراءة خاصة، الإرهاب تراجع بشكل كبير في الجزائر لعدة عوامل، أهمها في نظري وقع سنة 1998 عندما انشقت "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" عن الجماعة الإسلامية، هذا أضعف كثيرا هذه الجماعات، أيضا ساهمت الضربة الموجعة التي وجهتها قوات الجيش الجزائري لعنتر زوابري في إنهاء عصر الجيا. وتزامن ذلك مع إعلان التنسيق الدولي في مجال مكافحة الإرهاب وتصنيفه كجريمة عابرة للحدود والقارات، بعد أحداث 11 سبتمبر، حيث أصبحت الولاياتالأمريكية أكثر اهتماما وتعاونا مع كل الأنظمة من خلال محاربة الإرهاب في معاقله، وقد استطاعت السلطات الجزائرية بضغطها المتواصل إجبار الجماعات المسلحة على الفرار إلى دول ساحل الصحراء، فعبد الرزاق البارا واسمه الحقيقي عماري صايفي تم القبض عليه في تشاد من طرف جماعة محلية سلمته إلى ليبيا التي سلمته بدورها إلى الجزائر سنة 2004، فيما يبدو أن بقايا الجماعات السلفية للدعوة والقتال أضحت متمركزة في بعض المناطق الجبلية الوعرة في الجزائر وتحديدا في منطقة الوسط كالبويرة، بومرداس وتيزي وزو، عكس ما يروج له، فإن تنظيم "القاعدة في المغرب الإسلامي" ليس قويا، فالخلاف الذي نشب في صفوف "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" سنة 2004 بين تيار يركز على الداخل الجزائري من خلال حسان حطاب وتيار عبد المالك درودكال "أبو مصعب عبد الودود" الذي يدرك أن الأمور تعقدت داخل الجزائر بسبب محاصرة مصالح الأمن للنشاط الإرهابي، مما دفعه بسبب ضعفه إلى البحث عن شرعية خارجية والانضمام إلى تنظيم القاعدة ومبايعة بن لادن في سبتمبر 2006 من خلال تغييره لتسمية تنظيمه من الجماعة السلفية للدعوة والقتال إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي، مما جسد ضعفا مس بنية الجماعة السلفية للدعوة والقتال التي اصبحت تبحث عن مبررات خارجية حيث لم يعد مستغربا وجود إرهابيين من تونس وليبيا وموريتانيا والمغرب ودول الساحل. إن مهاجمة الجماعة السلفية لثكنة المغيطي في موريتانيا سنة 2005 يؤكد ضعفها في الداخل الجزائري وبحثها عن الحلقات الضعيفة في المنطقة، وهي رسالة واضحة وجهتها للحصول على تزكية أمراء القاعدة. إن تنظيم القاعدة لا يشكل خطرا استراتيجيا على الأنظمة في المنطقة ولا يمكنه بأي حال من الأحوال تغييرها أو الإطاحة بأي واحد منها في بلدان المغرب العربي، فكل عملياتها خلال السنوات الماضية ظلت عمليات عبثية في الجزائر والمغرب وحتى في موريتانيا التي شهدت عملية انتحارية أمام السفارة الفرنسية في يوم عطلة أدت إلى مقتل منفذها فقط، فالقاعدة هي مجرد أداة تشويش فقط على الأنظمة تبحث عن الضجة الإعلامية وحتى عمليات الاختطاف التي تحدث في الساحل الصحراوي هي من تنفيذ جماعات قبلية محلية لا تبحث سوى عن الأموال، مقابل تسليم المختطفين إلى القاعدة، وقد كنت أول من صرح بذلك عندما اختطف الرعايا الإسبان من طرف عمر صحراوي. وأرى أن القاعدة تنتشر في الفضاءات السياسية والدول ذات البنية الهشة، ولا يمكنها أن تتطور في الجزائر والمغرب أو تونس لأنها دول قوية وذات مؤسسات وأجهزة حكم منظمة، بالمقابل تنتشر في العراق المتفتت وأفغانستان المنكوبة واليمن الذي يعاني من عدة إشكالات عرقية وقبلية ومذهبية، وكذا جنوب الصحراء كموريتانيا، النيجر ومالي لافتقارها لهياكل مؤسساتية منظمة. في المغرب أصوات تتهم الجزائر والنظام بالوقوف وراء اختطاف الرهائن في دول الساحل لتوظيفهم كورقة ضغط على عدة بلدان مثل فرنساوإسبانيا لإجبارها على تعديل موقفها في ملف الصحراء الغربية، بل هناك من يحاول الربط العضوي بين القاعدة وجبهة البوليساريو؟ كلام غير معقول، دول مثل فرنساوإسبانيا تعرف جيدا من خطف الرعايا ولها من الوسائل المادية والتكنولوجية ما يمكنها من كشف من ينفذ هذه العمليات، إذن هذا غير واقعي، أنا أستبعد تماما أن تكون الاختطافات من تدبير المخابرات الجزائرية، لأن الجزائر من أكبر المتضررين من الإرهاب. بالنسبة لعلاقة البوليساريو والقاعدة فليست هناك علاقة بينهما، طبعا عندما أقول هذا الكلام هنا في المغرب يثور علي بعض المغاربة ويقولون لي كيف تقول هذا الكلام، فأجيبهم بضرورة توخي الموضوعية في الخطاب الذي نوجهه للعالم، صحيح يمكن للقاعدة أن تستقطب أفرادا صحراويين معزولين مثلما تستقطب أفرادا مغاربة وجزائريين، لكن أن تكون هناك علاقة عضوية وتنظيمية بين البوليساريو وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي فهذا كلام غير منطقي وغير علمي، وهو من ترويج أشخاص غير متخصصين في الشؤون الأمنية ألا يفرض الواقع أن هذه الجماعات ذات امتداد إقليمي ودولي، تعاونا وتنسيقا أمنيا واستخبارتيا بين دول المغرب العربي فيما بينها من جهة ومع الدول الغربية من جهة أخرى؟ هذا صحيح ومطلوب، وهو موجود بين الجزائر والمغرب على سبيل المثال، وإن طبيعة العمل الإرهابي المعتمد على حرب العصابات واعتداءات ينفذها أفراد لا تتطلب مواجهة عسكرية بل تتطلب تبادلا معلوماتيا واستخباراتيا لأن الممول قد يكون في بلد والمخطط في بلد آخر بينما المنفذ في بلد ثالث، ولا يمكن لأي دولة في العالم مواجهة تيار عالمي عابر للقارات بمفردها، وهذا يتطلب تنسيقا أفقيا بين أقطار المغرب العربي وعموديا بين هذه الأقطار والدول الغربية، وبفضل هذا التعاون فقد تمكن المغرب من تفكيك عدة خلايا إرهابية كانت تستعد لتنفيذ هجمات وعمليات إجرامية بناء على معلومات من إسبانياوفرنسا وغيرها من دول الجوار. ويمكن لهذه الدول أن تحصن نفسها أكثر من خلال دور النخب لتعميق ثقافة الحوار والتعددية لأن المقاربة الأمنية لا تكفي وحدها لمواجهة خطر الجماعات المتطرفة، كما ينبغي نقد وتعديل سياسات الدول الكبرى تجاه القضايا المهمة في المنطقة العربية "فلسطين والعراق..." لأن هذه الأحداث تبين أن الدول الكبرى تنتهج سياسات ضد المصالح العربية ولتحقيق مصالحها المادية والثرواتية الخاصة ما يولد ردود فعل عنيفة، وتحاول القاعدة استثمار ذلك من خلال التركيز على ضرب المصالح الغربية، لاستقطاب الفئات المتأثرة بهذا الخطاب. ؟ يتبع