أبدى الخبير الدولي في التسيير الاستراتيجي، طيب حفصي، تشاؤمه من السياسة الحكومية المتبعة التي تجعل القطاع العام القاطرة الاقتصادية، وشدد على وجوب فتح المجال لمبادرات الخواص إذا أراد أصحاب السلطة في البلاد المحافظة على مناصبهم وتجنب ما وقع في دول عربية مجاورة. أورد طيب حفصي، الأستاذ في جامعة مونريال الكندية، خلال منتدى الأفكار الذي نظمته جريدة ''ليبرتي'' أمس بمطعم ''لا تونترا'' برياض الفتح، أن ما يقلقه بالنسبة للقطاع العام المقرر أن يكون محورا للتنمية الاقتصادية في الجزائر مستقبلا، هو الوضع المهترئ الذي يعيشه هذا القطاع في رده على إشكال طرحه رئيس منتدى رؤساء المؤسسات رضا حمياني الذي أعاب على السياسة الحكومية كونها ستجعل القطاع الخاص في الجزائر في مرتبة أدنى وسيقتصر دوره على مرافقة القطاع العام وانتظار مشاريع المناولة التي تقدمها المؤسسات العمومية الكبيرة. وذهب منشط المنتدى إلى اعتبار أن الفرصة الوحيدة التي ستمكن الجزائر من تحقيق التنمية الاقتصادية في ظل السياسة التي تبنتها الحكومة، هي فصل السياسة عن تسيير المؤسسات العمومية، علما أن الدولة قررت إعادة الاستثمار في القطاع الصناعي العمومي، حيث يستفيد من 16 مليار دولار لهذا الغرض. وإن أعترف الخبير الاقتصادي بالدور الكبير للدولة في البلاد بسن القوانين، فإنه أعلن عن رفضه لأي شكل من لعب دور المؤسسات الاقتصادية. وفي عرضه لمحاضرة حول إمكانية أن تكون لمؤسسات دول الجنوب القدرة على المنافسة في ظل عالم مفتوح، أشار السيد حفصي إلى تجربتين مخالفتين يمكن نجاحاهما. وأوضح أن التجربة الأولى تتمثل في نشاط المؤسسات في دولة شمولية راعية لمصالح مواطنيها وتحسن التسيير، وهو الأمر الذي يحتاج إلى هيئة تنسيق بين جميع الشركات والهيئات في البلاد، وهذا الأمر غير متوفر في الجزائر. أما التجربة الثانية هي تجسيد الديمقراطية في البلاد وفتح المجال لحرية المبادرة والمقاولة في عالم مليء بالتعقيدات، حسبما ركز عليه المتحدث. وأضاف الخبير أن تغيير الوضع في الجزائر أو في أية دولة أخرى، مرتبط بمدى فهم الحكام لواقع دولتهم. وحذر منشط المنتدى الحكام من أن التغيير قادم بفعل تطور الأحداث. ومن الضروري، حسب ما ألمح إليه المصدر، أن يعي هؤلاء الحكام أن مناصبهم مرتبطة بمدى وعيهم لواقعهم والتكيف معه بما يضمن مصالح رعاياهم، في إشارة صريحة إلى وجوب إرساء القواعد الديمقراطية في الحكم بالبلاد وخصوصا في التسيير الاقتصادي، وهو أمر سيجنبهم ما وقع لنظرائهم في تونس ومصر. من جهة أخرى، ركز المحاضر على أن الشركات الجزائرية التي تعد مؤسسات صغيرة ومتوسطة لها القدرة على المنافسة أمام سيطرة الشركات العالمية. فكل مؤسسة لها خصوصياتها ولديها جوانب تفضيلية، يمكن استغلالها للتنافس. ومع تعدد التجارب التي قدمها المتحدث، تمحورت محاضرته على ذكر كيف نال النبي داود عليه السلام من جالوت.