دعا أول، أمس، الأساتذة المشاركون في اليوم الدراسي الذي نظمته جامعة ''الجزائر ,''3 بن عكنون، حول استخدام المحروقات: تصفية المديونية وتمويل الإقتصاد الوطني إلى الإستخدام الأفضل لعائدات المحروقات. يأتي تنظيم هذا اليوم الدراسي لوضع الجدل القائم حول مكانة الريع الذي يوصف لدى البعض ب ''نقمة المواد'' باعتبار أنه لا يساعد على بروز قطاعات اقتصادية أخرى، وبين من يرى في أن استغلال هذا المورد بطريقة عقلانية من شأنه أن يلعب دورا في خلق اقتصاد يتسم بالتنوع. 80 بالمائة من ميزانية الأسرة الجزائرية تصرف في التغذية أكدت أستاذة الإقتصاد ب ''جامعة الجزائر ''3 أن العديد من العائلات مهددة بالإفلاس بسبب ارتفاع المديونية المرتبة عن القروض الاستهلاكية لدى الأسر الجزائرية التي تصرف 80 بالمائة من ميزانيتها الجزائرية في التغدية، ونظرا لتظافر جملة من العوامل الإجتماعية ما يعني أن لهذا الإجراء نتائج ايجابية على المدى المتوسط، وتسبب على المدى البعيد في إفلاس العائلات نتيجة ارتفاع نسب الفوائد. تشير الدراسة التي قدمتها أستاذة الاقتصاد بجامعة الجزائر ,3 حريتي فضيلة، ارتفاع نسبة مصاريف الأسر الجزائرية لتغطية مصاريف التغذية أي في اقتناء الحبوب ومشتقاتها حيث قدرت نسبتها ب80 بالمائة من ميزانية الأسر، وهي الوضعية التي تعكس -حسبها- صورة عن الفقر المتفشي في المجتمع والدافع الأساسي للجوء العائلات إلى القروض الاستهلاكية التي شهدت -حسبها- ارتفاعا سريعا بالجزائر رغم نسب الفائدة التي تقتطعها البنوك، حيث يقدر معدل العائلات التي استفادت من قروض اقتناء السيارات مليون عائلة، كما احتل هذا النوع من القروض المرتبة الثانية في محفظة البنوك العامة والخاصة التي تعد أكبر مستفيد منها أي ما يعادل 120 ألف قرض لكل بنك سجل سنة .2005 بينما لم تتعد نسبة القروض العقارية 60 بالمائة من المجموع. وخلصت أستاذة الاقتصاد إلى القول أن القروض الاستهلاكية عليها نتائج سلبية على المدى البعيد، باعتبار أنها تهدد العائلات بالإفلاس في ظل ارتفاع المواد أسعار المواد الاستهلاكية مقابل انخفاض الدخل الشهري، هذا ما يترتب عنه مشاكل كبيرة في مسألة تسديد الديون يضاف إلى ذلك العقوبات التي تفرضها البنوك الخاصة على الأسر التي تتأخر عن دفع الديون بداية كل شهر. استمرار مسح ديون الفلاحين يكرس النزعة الاتكالية شددت أستاذة بكلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير من خلال مداخلتها المتعلقة تصفية ديون المتعاملين: حالة مسح ديون الفلاحين على ضرورة وقف عملية المسح وتقييم إجرءات الدعم التي تقدمها الدولة للفلاحين من حيث تحقيقها الأهداف التي وجدت من أجلها من عدمه. وقالت إن الاستمرار في مسح ديون الفلاحين المسفيدين من القروض المقدر عددهم ب180 ألف فلاح خاصة أن قيمة الديون التي مسحها خلال العشرين شهر الماضية بلغت 37 مليار دينار، لأنها شملت 77 ألف فلاح يكرس منطق الاتكال والاستغلال دون الحصول على نتائج مرجوة، الأمر الذي يستدعي إيجاد آليات تقييم لأن ما تقدمه الدولة من دون مقابل. ------------------------------------------------------------------------ نقاش أجمع أساتذة الاقتصاد المشاركون في اليوم الدراسي الذي نظمته جامعة ''الجزائر ''3 حول ''استخدام دخول المحروقات: تصفية المديونية وتمويل الاقتصاد الوطني والتوظيف في الخارج'' على أن تأثير المحروقات على التنمية مرتبط بطريقة استغلالها، داعين بذلك إلى ضرورة انتهاج سياسة اقتصادية حكيمة، من شأنها أن تساعد على تنمية الاقتصاد خارج قطاع المحروقات. الدكتور مسعود مجيطنة (عميد كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير والعلوم التجارية): ''هناك جدل علمي قائم حول دور الريع الذي تدره المواد الأولية، وعلى وجه التحديد المحروقات، حيث يعتبر البعض أن هذه الميزة التي يصفونها بنقمة المواد لا تساعد على ظهور قطاعات اقتصادية متنوعة. أنا لا أتفق مع هذا الرأي وأعتقد أن البترول هو نعمة بالنسبة للجزائر، ولا يمكن التخلي عنه لحساب دولة أخرى، ويترتب عن ذلك وجوب التفكير في كيفية استغلال مداخيل المحروقات بشكل عقلاني ورشيد، وأعتقد أن هذا مرهون بانتهاج سياسة اقتصادية محكمة، باعتماد سياسة اقتصادية جيدة لعائدات المحروقات من شأنها أن تلعب دورا في نمو قطاعات أخرى، أعتقد أن الحديث عن ثأتير المحروقات في تنمية الدول العربية يستدعي التفصيل أكثر لاختلاف الدول عن بعضها البعض''. حريتي فضيلة (أستاذة الاقتصاد بجامعة الجزائر 3): ''هناك من يقول إن الموارد الأولية على غرار المحروقات هي نقمة وليست نعمة بحكم أنها تحد من بروز قطاعات اقتصادية أخرى بالرغم من أنها موارد ناضبة، أعتقد أن المحروقات نعمة وليست نقمة بالنسبة للجزائر التي تمثل نسبة 97 بالمائة من صادراتها، ما يعني أن الشعب الجزائري هو من يملك أكبر نسبة من الإنتاج مقارنة بدول المغرب العربي على غرار المغرب. وحسب ما أراه صائبا، فإنه لابد من تشجيع الإنتاج خارج قطاع المحروقات، والاتجاه نحو قطاعات أخرى عن طريق دعم الشباب لفتح مؤسسات متوسطة ومصغرة والاستثمار في مختلف القطاعات الاقتصادية، وعند الحديث عن الاستثمار أريد الإشارة في هذا المقام إلى البنوك الأجنبية بالجزائر التي تهدف إلى تحقيق الربح فقط، أي لابد من توسيع دائرة الإنتاج عن طريق الاهتمام والتركيز على العقارات التي تخدم بالدرجة الأولى المواطن الجزائري، أعتقد أن قانون المالية التكميلي لسنة 2009 شرح بالتفصيل ما يتعلق بهذا المجال''. مليكة أوصديق (أستاذة اقتصاد بجامعة الجزائر 3): ''المحروقات تعد من الموارد الأولية التي تعتمد عليها الدول التي تتمتع بها في عملية التنمية، لكن لابد من التأكيد على أن سعر المحروقات في الأسواق العالمية ليس مستقرا لأنه مرهون بالعرض والطلب، ما نسجله في الفترة الحالية هو عودة النشاط الاقتصادي لأن أسعار المحروقات ارتفعت من جديد ووصلت إلى معدلات لم يشهدها عالم الأسعار في الفترات الماضية، هذا ما يدفعني إلى القول إن ما يفترض أن تنتهجه الدول التي تشكل المحروقات موردا رئيسيا لها أن تستغل عائدات المحروقات أو ما يعرف بالمداخيل في خلق مؤسسات اقتصادية متنوعة التي تسمح بتوفير مناصب الشغل وامتصاص البطالة بتشجيع القطاع الفلاحي، ترقية القطاعات الخدماتية التي تنعكس إيجابا على التنمية في هذه الدول، خاصة وأننا نعلم أن المحروقات هي مورد زائل، بالإضافة إلى ذلك فإن أسعار المحروقات من الصعب التحكم فيها نظرا لتقلبات السوق العالمية التي تجعل الدول تعيش تحت سيطرتها''. فريد بن يوسف (دكتور في الاقتصاد المالي بجامعة الجزائر 3): ''بداية، أقول إن الجدل القائم حول المحروقات ناتج عن وجود أصحاب النزعة التشاؤمية والتفاؤلية، باعتبار أن الاعتقاد بأن المحروقات نعمة وليد الاستنتاج القائم على أن الموارد المحصل عليها من خلال المحروقات مصدر أساسي لتمويل الاقتصاد خارج هذا القطاع إذا كان النمط المعتمد في استغلال المداخيل أو عائدات المحروقات في صالح تفعيل نمو وتنمية قطاعات اقتصادية أخرى التي تحتاج إلى الاهتمام بالعنصر البشري عن طريق التكوين والتعليم وتكييف الأجور حسب احتياجات الأفراد، وهذا ما يعود بالفائدة، أضف إلى ذلك البحث في كيفية تمكين الأجيال القادمة من الاستفادة من الثروات الحاضرة أي تحويلها إلى قطاعات أخرى على غرار الصناعة والفلاحة، وفقا لما يسمح بخلق ثروات جديدة أي كأنك حوّلت ثروات الجيل الحاضر إلى القادم عن طريق تطوير قطاعات مختلفة، وهذا ما يسميه بعض المحللين تضامنا ما بين الأجيال وليس تنمية مستدامة لأنها تعني استعمال المواد الضرورية. أما الرأي القائل إن الريع هو نقمة الموارد، فأعتقد أن الخيرات تكون نقمة عندما يرتكز الاقتصاد على قطاع المحروقات، ويبقى مهيمنا، أي أن حصته الأكبر في الناتج القومي على حساب قطاعات اقتصادية أخرى، فإذا تأزم هذا القطاع يتأزم الاقتصاد ككل''. محفوظ جبار (أستاذ بجامعة سطيف مختص في الأسواق المالية): ''كل التمويلات التي تمت في الجزائر كانت عن طريق المحروقات على غرار بقية الدول التي تملك هذا المورد، وكان لذلك أثر إيجابي، لكن السؤال المطروح يتعلق بالمصدر البديل في حال غياب المحروقات التي تعد ثروة زائلة وناضبة، أريد التأكيد على أن المحروقات لا تشكل عائقا أمام أي دولة تريد تطوير بقية القطاعات الاقتصادية وفقا لما يسمح بخلق اقتصاد متنوع عن طريق استثمار البنوك تعمل على تمويل لتطوير السوق المالية، وتمويل الاقتصاد يرتكز على تشجيع مؤسسات اقتصادية. وخلاصة القول إن المحروقات لا تغيّب بقية الاقتطاعات، ولا يمكن أن نعتمد عليها في تغطية المصاريف، أقصد بذلك إنشاء الطرق والمستشفيات، بل لابد من الاستغلال العقلاني والأمثل لعائدات المحروقات''. 5 ------------------------------------------------------------------------ أسئلة إلى: كمال رزيق (خبير اقتصادي) ''لا يمكن أن نحقق الاستقرار لأن %78 من الجباية البترولية تموّل خزينة الدولة'' ما تعليقكم على الرأي القائل إن المحروقات ''نقمة الموارد'' وفقا للوصف الذي أطلقة المحللون الذين يعتبرون بأن وجود الريع لا يساهم في بروز قطاعات اقتصادية أخرى؟ لا أتفق مع هذا الرأي، وأعتقد أنها تتحوّل إلى نقمة في حال عدم استغلالها بطرقة عقلانية، فهي نعمة في الأصل، في كثير من الدول استطاعت أن تستغل هذه النعمة وحققت تقدما، وبالمقابل هناك دول أخرى لا تحسن استغلال هذه الموارد. هل يمكن أن تقدم لنا مثالا على ذلك؟ مثلا دول الخليج على غرار الكويت والسعودية، استطاعت أن تحدث نهضة، وبالتالي المحروقات لن تكون نقمة بالنسبة لها، وعلى النقيض من ذلك نجد أن ليبيا بالرغم من الأموال الموجودة نجد أن شريحة من الأفراد تعيش في الفقر والكبت وعدم الاستقرار، واللامساواة. أما في الجزائر فلابد أن نأخذ بعين الاعتبار المشاكل الموجود بها منذ الاستقلال، وما يمكن قوله إنها لا تتمتع باستقرار حقيقي، فعائدات البترول تم استغلالها في إنشاء هياكل ومنشآت وفي مشاريع أخرى، ولكن سنكون جاحدين إذا قلنا لا يوجد أي تقدم. تحدثم عن دور الضريبة في تمويل الاقتصاد، وأن الجباية البترولية هي المصدر الرئيسي لتمويل ميزانية الدولة، ما هي انعكاسات ذلك؟ لو نرجع إلى ميزانية الدولة نجد أن هناك عجزا موازيا يتم تمويله من الجباية البترولية، لأن الميزانية تموّل بنسبة 20 بالمائة من الجباية العادية وأن 78 بالمائة من ميزانية الدولة تموّل من الجباية البترولية، وهنا يمكن الخطر، نحن نتمنى أن تكون العملية عكسية أي أن نسبة التمويل من الجبائية العادية أكبر، لأن ذلك يعتبر مؤشرا على الاستقرار، ولأن الاعتماد على الجباية البترولية التي تجعلنا دوما تحت رحمة الأسواق العالمية خاصة، هو مورد لا نتحكم فيه، يتعلق بالسوق العالمية وسعر الدولار، أي يمكن أن يضطرب في لحظة ويوفر لنا استقرار على مدى سنتين إلى ثلاث سنوات، لابد من إعادة النظر أن تموّل الجباية العادية قطاع التسيير حتى نحقق الاستقرار. تحدث أحد المتدخلون عن الازدواج الضريبي، ألا تعتقدون أنه من بين أسباب تراجع الجباية العادية؟ لا وجود للازدواج الضريبي، لأن الازدواج يعني دفع نفس الضريبة على نفس السلعة، المشكل المطروح هو نقل العبء الضريبي الذي يتحمّله المستهلك النهائي. من بين الإجراءات التي اتخذتها الحكومة هو الإعفاء من الضرائب، ما تعليقكم على ذلك؟ أعتقد أن كل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في الاجتماع الوزاري إيجابية تهدف إلى خلق مناصب عمل من خلال الإعفاء الضريبي لسنوات مقبولة، أربع سنوات، أي تمكن الشاب من الاستقرار في المشروع وتمنح له قرضا من دون فائدة، وبالتالي أرادت من خلال هذا الإجراء مرافقة الشاب في مشروعه ورفع كل الحواجز.