كادت، أمس، محاكمة إطارات مجموعة سوناطراك، المتابعين في قضية مشروع صهاريج الآزوت، أن تتوقف قبل نهاية مرافعة وكيل الجمهورية، لولا ''حكمة'' السيدة غربي، رئيسة هيئة المحكمة، بالقطب الجزائي المتخصص لوهران، حيث انسحب الدفاع في المرة الأولى وسط فوضى عارمة، عندما وصف وكيل الجمهورية محامي الطرف المدني ب''اللاأخلاقي''، واشترط مجموع المحامين من رئيسة هيئة المحكمة اعتذارا من وكيل الجمهورية. فرفعت الجلسة، وعندما استؤنفت قال وكيل الجمهورية ''إن النيابة لن تتمادى في تجريح أي شخص وترافع في إطار القانون''، لتعم الفوضى مجددا وينسحب الدفاع، وترفع الجلسة ثانية. ثم استدعت رئيسة المحكمة النيابة وهيئة الدفاع إلى مكتبها، ليواصل وكيل الجمهورية مرافعته بقراءة التماساته. وهو الذي اعتذر للدفاع في المكتب. وقد حضر أمس، تسعة من الشهود ال12، الذين تأجلت المحاكمة الأسبوع ما قبل الماضي بسبب غيابهم، وركزت السيدة غربي أسئلتها حول الالتزام بقانون الصفقات العمومية، خاصة فيما يتعلق بنشر مناقصة لعرض مشروع إنجاز صهاريج الآزوت. وكانت كل الأجوبة التي قدمها المتهمون تصب في أنه من حق سوناطراك أن توقع عقدا بالتراضي البسيط مع الشركات التي تتبعها، ومنها الشركة المختلطة ''سفير'' التي يملك فيها الطرف الجزائري 51 في المائة من الأسهم، واتفق جميعهم أن المشروع يحمل الطابع الاستعجالي، نظرا لحاجة مركبات سوناطراك إلى مادة الآزوت، في مرحلة تخطيط إنجازه وبعدها عندما تكتمل المشاريع البترولية الجديدة الجاري إنجازها. وشرح الدكتور عبد الحفيظ فغولي للمحكمة أن المشروع استراتيجي لسوناطراك، وأن الطريقة التي أبرمت بها الصفقة كانت شفافة واحترمت الاستثناءات التي يمنحها قانون الصفقات العمومية في حالات الاستعجال والأمن. ومن جهته ذكر السيد محمد مزيان للمحكمة أنه وافق على إنجاز المشروع بالطريقة التي اقترحها عليه خبراء الشركة لأنه لا يمكنه إلا أن يثق فيهم. وعندما استدعت رئيسة هيئة المحكمة الممثل القانوني لشركة سوناطراك قال ''إن الصهاريج العشرة أنجزت في الآجال، وتخضع حاليا للتجارب النهائية بعد رفع كل التحفظات. وهي تشتغل بشكل طبيعي، وأن سوناطراك لم تتعرض لأية خسارة أو تبديد في هذا الموضوع''. لكن عندما أحالت الرئيسة الكلمة للأستاذ فريوي أحمد، محامي سوناطراك، عمّ صمت كبير قاعة الجلسات، خاصة عندما تساءل منذ بداية مرافعته عن أسباب عدم استدعاء قاضي التحقيق لممثل الشركة خلال التحقيق القضائي، ''كنا سنبين له أن الصفقة أبرمت في إطار القانون وأن الشركة لم تتعرض للخسارة، ونعفي هؤلاء الإطارات من مدة الحبس الاحتياطي. ونحافظ على سمعة الشركة على الساحة الدولية''. وعندما انتهى من مرافعته انفجرت القاعة بالتصفيق. وإذا كان استجواب المتهمين الخمسة والشهود التسعة استغرق ثلاث ساعات، فإن وكيل الجمهورية استغرق في مرافعته ساعتين كاملتين، وأصر أن المتهمين خالفوا القانون وفضلوا شركة ''سفير'' وسببوا خسارة للشركة، وتخللت مرافعته الأحداث المذكورة آنفا. قبل أن يلتمس أحكاما بست سنوات حبسا ضد مزيان، فغولي وبن عمر مع مليون دينار غرامة، وأربع سنوات حبسا نافذا ضد نشنيش وهني مع مليون د.ج غرامة. ليفتح الأستاذ ميلود براهيمي سلسلة مرافعات الدفاع و''انقض'' على قانون مكافحة الفساد، وقال ''لماذا لا يتم تعيين السيد وكيل الجمهورية على رأس شركة سوناطراك، مادام أنه لم يعجبه أن تقول هذه الشركة على لسان ممثلها القانوني الذي يتحدث اليوم باسم السيد شرواطي أنها لم تتعرض لأية خسارة''.