اعتبر المعارض الإسلامي عبد الله جاب الله، المهمة التي يؤديها عبد القادر بن صالح بتكليف من رئيس الجمهورية ''استشارة غير ملزمة''، وهي بذلك، حسبه، ''سلوك فيه طعن صارخ لحجية مبدأ الأغلبية''. وذكر بأن الإصلاح العميق في الجزائر ''يحتاج إلى إصلاح في الرجال والقوانين والسياسات''. وبناءً على هذه المعاينة، رفض جاب الله دعوة بن صالح للمشاركة في المشاورات. سلّم عبد الله جاب الله، أمس، هيئة المشاورات رسالة تتضمن سبع ملاحظات، بنى عليها، المعارض الإسلامي، رفضه الانخراط في مشاورات الإصلاحات الجارية منذ 21 ماي الماضي. وورد في الرسالة التي حصلت ''الخبر'' على نسخة منها، أن ما يقوم به بن صالح ''استشارة غير ملزمة، والاستشارة الملزمة سلوك فيه طعن صارخ لحجيّة مبدأ الأغلبية، لأن فيه عدوانا عليها''. وأحال جاب الله هيئة المشاورات على مقترحات لإصلاح شامل، من بينها عقد ندوة وطنية، رفعها إلى الرئيس بوتفليقة في 1 مارس الماضي. وقال جاب الله إن مقترح الندوة لا أثر له في ما يقوم به بن صالح. وأفاد جاب الله في رسالته، أن المواضيع محل مشاورات ''لا يقبل الاقتصار فيها على الاستشارة، بل تجب فيها الشورى من أهلها''. مشيرا إلى أن الإصلاح الشامل والعميق ''يحتاج إلى شورى حقيقية، يكون القرار فيها قرار الأغلبية، بعد استظهار الحجج ومقابلة الأدلة، وبديهي أن هذا لا يتحقق إلا من خلال مؤتمر أو ندوة يحضرها أهل الرأي والمكانة في الأمة''. ويحمل حديثه عن ''أهل الرأي والمكانة''، انتقادا غير مباشر لإشراك أشخاص معينين في المشاورات، ويعتقد جاب الله أن وزنهم السياسي لا يؤهلهم لإبداء الرأي في ملفات مفصلية مثل الدستور. ويذكر جاب الله أن الدعوة التي جاءته من بن صالح، كشخصية وطنية، ''مجرّد استشارة تسمعون فيها الرأي أو تستقبلونه، ثم ترفعونه إلى الرئيس ضمن عشرات أو مئات الآراء الأخرى ليقرّر بعد ذلك ما يراه.. إن هذا السلوك يركّز على الأشكال والصور، ويُهمل الحقائق والمقاصد الجديّة والمشروعة، ولذلك فهو يهدّم مبدأ حجية الأغلبية التي هي أصل من أصول النظام السياسي الديمقراطي''. ويعتقد صاحب الرسالة، الموقّعة باسم ''مرشح سابق للرئاسيات'' و''رئيس حركة الإصلاح الوطني الشرعية''، أن مواضيع الاستشارة التي تتناولها اجتماعات بن صالح ''تظل محدودة على أهميتها، بالنظر إلى المواضيع التي يتطلّبها الإصلاح الديمقراطي الواسع والعميق خدمة للشرعية الكاملة''. وأضاف جاب الله: ''إننا نبحث في دعوتنا للإصلاح الشامل على الحلول التي تكرّس مبدأ كون الشعب هو من يملك السلطة والثروة.. وأنتم بهذه الطريقة والمنهجية أكّدتم القناعة بأن السلطة تتصرّف بمنطق أنها هي من يملك الشعب، وأن كل ما فيه، من سلطات ومؤسسات وأحزاب ومنظمات هي ملك للسلطة العليا في البلاد، فلا صوت يعلو إلا صوت الحاكم، ولا سلطة إلا سلطة المتربّعين على هرم أهم الأجهزة في البلاد، وأن النخب النافذة فوق القانون وفوق القضاء وفوق البرلمان، وفوق سائر المؤسسات والأحزاب.. ورأيها هو القانون، وقرارها هو الحكم الذي ينبغي أن يُسمع ويُطاع، ومثل هذه الممارسات الظالمة دفعت الكثير إلى الانكفاء على ذواتهم ومقاطعة الاستشارة''. ويرى جاب الله أن الإصلاح العميق والشامل ''لا يقوى عليه إلا المتشبّع بثقافة الإصلاح الديمقراطي''. ما يعني، في حال عكسنا هذه الرؤية، أن فضائل الإصلاح، كما يتصورها جاب الله، غير متوفرة في عبد العزيز بوتفليقة. لذلك يشير في آخر رسالته إلى أنه ''يعتذر عن تلبية دعوتكم''.