أحدث قرار العودة لاستيراد ''الشيفون'' الذي صادق عليه البرلمان فتنة، من جهة بين عائلات تسترزق من المهنة وعددها يقارب ال 4 آلاف، ومن جهة أخرى 18 ألف عامل يشتغلون في مصانع النسيج العمومية والخاصة يعتبرون أن عودة ''الشيفون'' خطر يهدد بغلق مصدر رزقهم. والنتيجة أن البرلمان عوض أن يجد الحل خلق مشكلة وبالتالي فهو في حكم ''جا يكحّلها عماها''. من رفع الحظر عن الويسكي والريكار إلى استيراد ملابس ''الشيفون'' برلمان يشرّع لأصحاب ''الشكارة''
فتح التعديل الجديد في قانون المالية التكميلي لسنة 2011 والقاضي برفع الحظر عن استيراد ملابس ''الشيفون''، باب الجدل السياسي مجددا، هل نواب البرلمان يشرعون للأمة؟ أم أنهم يسعون لتحقيق أهداف فئوية لأصحاب ''الشكارة'' سواء بسبب انتمائهم إليها أو لأنهم سيستفيدون منها بطريقة أو بأخرى ؟ تجد هذه الأسئلة مبررها بعدما شهدت شاهدة من أهلها، وهي لويزة حنون التي اتهمت النواب صراحة بأنهم جندوا من قبل أحد مستوردي ''الشيفون'' لدفع الحكومة على إلغاء الحظر عن استيراد الملابس المستعملة ''الفريبري''. ولمن لا يعرف فإن قيمة مستوردات الألبسة القديمة، حسب أرقام الجمارك، وصلت قبل منعها سنة 2009 إلى أزيد من 16 مليون دولار، تجلب في معظمها من إيطاليا وفرنسا وسويسرا وألمانيا، وهو الرقم المصرح به، ناهيك عن المهرب، ما يعني أنها تمثل سوقا بعشرات الملايير يتهافت عليها المستوردون بقوة. وقبل ''عودة الشيفون''، استسلمت الحكومة بموافقة النواب طبعا، لضغوط وكلاء السيارات المعتمدين في الجزائر، بمنع استيراد السيارات الأقل من 3 سنوات من الخارج بحجة أنها بعيدة عن المواصفات الأمنية، قبل أن يتبين أن سوق استيراد السيارات في الجزائر يقارب 3 ملايير دولار سنويا. والكل يتذكر حكاية الحظر عن استيراد الخمور من الخارج التي رسمت في قانون المالية، قبل أن يتم رفعها في أقل من سنة عن ذلك، من طرف الحكومة وبموافقة النواب، بحجة تعارضه مع الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، قبل أن يتبين أنه جاء بضغط من المستوردين لا أكثر ولا أقل. كما نجح ''أباطرة'' الاستيراد سنة 2007 في فرض قرار إلغاء الرسوم الجمركية، بواسطة أمرية رئاسية وبموافقة النواب، على استيراد مادة البطاطا التي أثبتت التحقيقات الحكومية ذاتها، أن إلغاء الرسوم لم يساهم قط في تخفيض أسعارها . لقد قال رئيس الجمهورية ذات يوم، إن هناك 15 نفرا يحكمون ويتحكمون في التجارة الخارجية. لكن هل يمكن التحكم في التجارة خارج قوانين المالية التي ترسم فيها الرسوم الجديدة وتمنح فيها الامتيازات؟ ما حدث ويحدث أمر لا يمكن تفسيره سوى بكون برلمان الجزائر لا يريد أن يكبر في نظر الجزائريين، وهو من طينة ''من لا يحب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر''. فهل يفهم النواب الدرس بأن مهمتهم رقابية وليست تسخين مقاعد البرلمان؟ ح.س اختاروا حماية 4 آلاف منصب شغل وتضييع 18 ألف في قطاع النسيج نواب يدافعون عن ''شيفون'' فرنسا وإيطاليا في برلمان الجزائر لم يثر لا نواب فرنسا ولا إيطاليا ولا أمريكا لمطالبة حكوماتهم بالضغط على الحكومة الجزائرية، من أجل السماح بعبور آلاف الأطنان من ألبسة ''الشيفون'' إلى السوق الجزائرية، جراء الحظر المفروض عليها منذ ,2008 وإنما الذي بدأ بالصراخ هم نواب جزائريون دافعوا باستماتة في برلمان الجزائر، إلى غاية تحرير ''الشيفون'' من قبضة الحظر الحكومي. قبل أيام شهد البرلمان الفرنسي ''ثورة''، فقط لأن شركة الخطوط الجوية الفرنسية أرادت تجديد أسطولها الجوي من خلال شراء طائرات ''بووينغ''، وهو ما وقف ضده ممثلو الشعب الذين طالبوا الحكومة بفرض اقتناء طائرات ''الايرباص'' على الجوية الفرنسية لدعم الوطنية الاقتصادية وتشجيع الإنتاج الوطني. لكن الأمر مختلف بالنسبة لنواب البرلمان الجزائري الذين دافعوا على ضرورة استيراد ''الشيفون'' من الخارج، بحجة أنها ستحمي 4 آلاف منصب شغل يوفرها أصحاب هذه المهنة. لكن الذي حدث أن نوابنا من الذين يطبقون السنة وينسون الفروض، لأن استيراد الشيفون من شأنه باعتراف الحكومة وأرباب العمل الخواص والعموميين، القضاء على 18 ألف منصب شغل في مصانع النسيج الوطنية، وهو ما يعني أن البرلمان في آخر ''سبولة قطع صباعو''. الغريب في الأمر أن نفس نواب البرلمان الذين ''شفهم'' حال وحدات استيراد الشيفون، هم الذين وافقوا الحكومة في إقامة الحظر عن تصدير النفايات الحديدية التي تشغل قرابة 40 ألف عامل وتجلب لخزينة الدولة 200 مليون أورو سنويا، في حين استيراد الشيفون يفقد البلاد 16 مليون دولار سنويا. هذه المعطيات لم تحدث لا في برلمان فرنسا ولا في إيطاليا وتبين أن نواب ''الشيفون'' لا يعرفون فن الحساب. في عيون البرلمانيين على النقيض رئيس جمعية مستوردي الشيفون شريف فرحي ل ''الخبر'' ''منتقدو القرار يشترون الشيفون من روما وباريس بالأورو ويستحون من شرائه بالدينار'' اتهمتم كجمعية بتسخير نواب البرلمان لتمرير مادة إعادة استيراد الملابس المستعملة. ما ردكم؟ بالنسبة لي ولزملائي المنخرطين في الجمعية، لقد لجأنا إلى كل نواب المجلس الشعبي الوطني وبعض الوزراء، وقدنا حملة منظمة للمطالبة بحقوقنا في إطار القانون، وهذا بالنسبة لنا افتخار ولا يوجد أي محل للشبهة. وكنا سنتحرك نحو العدالة لولا تحقيق أهدافنا. ثم إن المادة 50 من قانون المالية التكميلي التي جمدت نشاط وحدات الشيفون، أعطيت لها قراءة خاطئة من طرف البنوك، كونها تنص على منع تلك البضائع التي تباع على حالها، بينما تصنفنا التشريعات التجارية في السجل التجاري كوحدات تحويلية. هل لديكم ضمانات بأن الألبسة المستوردة صالحة وخالية من المرض؟ إضافة إلى الضمانات القانونية، بداية من رقابة الدولة المستورد منها وصولا إلى التراب الوطني، فإن مصالح مديرية الصحة تقوم بإلزامنا بإحضار الشهادة الصحية من المصدر، وهي دول أوروبية تحوز على مخابر ذات مقاييس عالمية. البضاعة تخضع لتحاليل وأشعة فوق الحمراء حتى تحزم وتوجه إلى الاستيراد. وعند وصول الحاويات تخرج مصالح الصحة الوقائية إلى نقطة العبور وتعاين البضاعة وتسلم لنا شهادة صحية، وهو ما يعني أن الرقابة الوقائية متوفرة وطنيا ودوليا عبر حدود الدول. ما هو ردكم على من يريدون منع استيراد الشيفون؟ الحمد لله أن هؤلاء لم يحققوا أغراضهم بتشريد 45 ألف عائلة تسترزق من تجارة الشيفون. الرد المفحم أن هؤلاء عجزوا لسنوات عن تقديم بديل في خلق الثروة وتوفير مناصب الشغل، هذا النشاط يعد تجارة عالمية في أرقى الدول المتقدمة وحتى بعض من يقفون ضده من مجلس الأمة أو إطارات، يتسوقون في روما وباريس ويشترون الشيفون بالأورو ويستحون من شرائه بالدينار الجزائري، إنها مفارقات ومغالطات مدفوعة من أطراف نافذة. لماذا لا تفرض رقابة على الملابس الصينية وتحليل المواد التي تدخل في صناعتها والموجهة حتى للأطفال. ما هو عدد العمال بوحدات الشيفون المصرح بهم؟ أحصينا 3500 عامل وعاملة ب70 وحدة مصرح بهم لدى الضمان الاجتماعي ويستفيدون من كل التأمينات الاجتماعية. كما أشير إلى أن هذا النشاط أدى إلى بروز 70 ألف سجل تجاري، معنى ذلك أن هذه العائلات كلها تعيش من هذا النشاط وكل الشركات تسدد الضرائب. مسؤول الاتصال والعلاقات الخارجية في حزب العمال جلول جودي ''لوبي وراء الترخيص لاستيراد الشيفون'' ما خلفيات التعديل لصالح المادة المرخصة لاستيراد الملابس المستعملة؟ نعرف أن نوابا هم من قاموا بالتعديل، ولم تكن تلك المادة مدرجة في قانون المالية التكميلي في نسخته التي نزلت إلى اللجنة البرلمانية. هناك لوبيات بالتأكيد تؤثر على المجلس الشعبي الوطني لخدمة مصالحها الخاصة، لأن استيراد الشيفون لا يخدم المصلحة العامة ببساطة، ونرى بأن من كانت له النية في التعديل والتصويت على هذه المادة، له مصالح بالتأكيد تتعارض مع المصلحة العامة ومصلحة الجزائر ككل. حزب العمال عارض استيراد الشيفون، إلى ما يستند في موقفه وهل يرى أن هناك أثرا سلبيا على الاقتصاد؟ أتذكر أن أول تعديل قامت به السيدة لويزة حنون، وكان ذلك سنة 2000، من أجل إلغاء المادة المتعلقة باستيراد الألبسة المستعملة، وذلك لأسباب عدة، أولها اقتصادي، حيث لها أثر بالغ على الإنتاج الوطني ونحن نساند فيدرالية النسيج التي خرج عمالها للتنديد بالتعديل لصالح استيراد الشيفون أمام دار الشعب، ولأن هذه المادة تتعارض مع قانون المالية التكميلي لسنة 2009، الذي يقر بمبدأ الأفضلية الوطنية، علاوة على تضرر مناصب الشغل، حيث يشغل قطاع النسيج حوالي مليوني عامل، فماذا يكون مصيرهم لما يتراجع إنتاج مؤسساتهم؟ وما صوت عليه النواب يتعارض مع الإرادة السياسية الرامية إلى تفضيل الإنتاج المحلي على الأجنبي، أما صحيا، فتلك الألبسة خطر على صحة الجزائريين. دعت حنون الرئيس بوتفليقة إلى إلغاء هذه المادة في قانون المالية المقبل، هل لكم أمل في أن يتم ذلك؟ نحن دائما كان لدينا أمل في تحقيق أي مطلب نرفعه، والدليل على ذلك أن قانون المحروقات تم سحبه بقرار من الرئيس بوتفليقة، بعد حملة كبيرة قام بها حزب العمال، وفي كل مرة تتاح لنا الفرصة، نطالب فيها بإلغاء مادة الشيفون.. لقد أصبح البرلمان يشرع لصالح الشيفون وهذا خطر على الأمة وعلى الاقتصاد الوطني، إنه دليل آخر على أن هناك من لا يرضى إلا بخدمة مصلحته الشخصية وخدمة اللوبيات. في عيون البرلمانيين
النائب عماد جعفري رئيس كتلة الأحرار لا أثر سلبي للقرار على وحدات النسيج في الجزائر يعتقد رئيس كتلة الأحرار في المجلس الشعبي الوطني، بأن تقنين هذا النشاط أفضل من الإبقاء عليه كنشاط عشوائي . وقال جعفري ل''الخبر'' إن هناك العديد من المؤسسات القائمة بهذا النشاط بشكل مرخص، كانت في وقت سابق ضحية لقرارات غير مدروسة، والمتعاملون استثمروا أموالا كبيرة ووفروا مناصب عمل للآلاف من العاملين، بلغ عددهم أكثر من أربعة آلاف عامل. وذكر جعفري أن هذا النشاط موجود في كل بقاع الدنيا، وهو ليس استثناء في الجزائر. ويرى بأنه لا علاقة له بأي أثر سلبي على وحدات النسيج في الجزائر، مشيرا إلى أن دعم الدولة لهذه الوحدات غير جدي، بدليل أنه لم يعط أي نتائج في الميدان. النائب زين الدين بن مدخن النشاط يمنع ضياع 4 آلاف منصب شغل علل النائب في المجلس الشعبي الوطني زين الدين بن مدخن، صاحب التعديل الذي أقر ترخيص ''الشيفون''، تعديله لمشروع قانون المالية، بوجود الآلاف من العاملين في ورشات معالجة الملابس المستعملة يقدر عددهم بأربعة آلاف عامل، ويمكن أن يخسروا مناصبهم. وبرأي النائب فإن هذا النشاط موجود وتقنينه يسمح للدولة بالحصول على مداخيل جبائية جديدة. السيناتور يحيى عبدالرحمن أتمنى إلغاء هذا الترخيص في قانون المالية 2102 يرفض النائب في مجلس الأمة يحيى عبدالرحمن بشكل مطلق الترخيص باستيراد الملابس المستعملة من الخارج، وقال ''إن القرار ذو أثر سلبي مباشر على وحدات إنتاج النسيج في الجزائر، مشيرا إلى ''أنه من غير المقبول توجيه الأموال إلى خدمة المؤسسات الأجنبية، بدلا من توجيهها وتركيزها على دعم المؤسسات الوطنية. وعبر نفس المصدر عن أمله في أن يتم إلغاء هذا الترخيص في قانون المالية المقبل لسنة .2012 النائب لخضر سيدي عثمان الشيفون سيقضي على صناعة النسيج بالجزائر ''في اعتقادي سيقضي هذا القرار على صناعة النسيج في الجزائر، وسيؤدي إلى غلق 23 وحدة للنسيج يعمل فيها أكثر من 18 ألف عامل، ناهيك عن المضار الصحية للملابس المستعملة المستوردة. في اعتقادي هذا القرار غير منطقي وغير مقبول، ويجب أن يلغى في قانون المالية المقبل''. السيناتور زهرة قراب الترخيص باستيراد الشيفون إهانة للشعب ''من العار أن يستورد الشعب الجزائري الملابس المستعملة بعد 50 سنة من الاستقلال، كما أن هذا القرار إهانة لشعب ودولة تملك النفط، لم يكن مقبولا بالمطلق أن يضع نواب المجلس الشعبي الوطني هكذا مادة. يمكننا الترخيص باستيراد الملابس الجديدة، لكن ليست الملابس المستعملة، هناك الكثير من الآثار السلبية والمضار الصحية لهذا النوع من الملابس''.