أشعلت قضية استيراد الملابس المستعملة، المعروفة شعبيا باسم (الشيفون) أو (البالة)، ما يمكن وصفه بالحرب البرلمانية بين نوّاب المجلس الشعبي الوطني وأعضاء مجلس الأمّة· فبعد أن أبدى غالبية النوّاب بالغرفة البرلمانية السفلى موافقتهم على القرار القاضي باستيراد الألبسة المستعملة، والذي يتضمّنه مشروع قانون المالية التكميلي، حصل العكس على مستوى الغرفة العليا، حين رفض كثير من السيناتورات تعريض صحّة الجزائريين للخطر واقتصادهم للضرر· ولم يتردّد نوّاب المجلس الشعبي الوطني في الموافقة على إضافة مادة في قانون المالية التكميلي الذي صادقوا عليه قبل أسبوعين تقضي بالسماح باستيراد عبر الموانئ هذه النّوعية من الملابس، وهو القرار الذي اعترض عليه أعضاء الغرفة الثانية للبرلمان بشدّة لأن الألبسة المستعملة تضرّ بصحّة المواطنين وتزيد من أزمة قطاع الصناعات النّسيجية وتخدم مصالح فئة محدودة، حسب تأكيدهم وتأكيد كثير من الخبراء· وفتح عدد غير قليل أعضاء مجلس الأمّة الترخيص باستيراد الألبسة المستعملة التي أجازها قانون المالية التكميلي 2011 مقترحين تعديل المادة الخاصّة بهذا الإجراء وذلك بمناسبة مناقشة هذا القانون يومي الاثنين والثلاثاء على مستوى المجلس· وانتقد أعضاء المجلس ترخيص المجلس الشعبي الوطني باستيراد الألبسة المستعملة، معتبرين أن هذا الإجراء (سيضرّ بصناعة النسيج الجزائرية)· وذكر عضو في مجلس الأمّة أن (المادة المتعلّقة بهذا الترخيص لم تأخذ بعين الاعتبار الجانب الصحّي لهذه الواردات التي أثبتت التحاليل خطرها على صحّة المواطنين)· وقد ندّد السيّد سيدي عثمان لخضر بإقرار هذا الإجراء الذي قامت السلطات بإلغائه في الماضي، داعيا الأعضاء الآخرين في المجلس إلى التصويت على قانون المالية التكميلي من دون المادة 7 مكرّر التي تجيز استيراد الملابس المستعملة· على العموم، فقد تمحور النّقاش الذي حضره حوالي 40 عضوا في المجلس حول الإجراءات الاجتماعية والاقتصادية لقانون المالية التكميلي 2011 الذي يتميّز بنفقات عمومية كبيرة· وفي هذا الصدد، أشار عضو مجلس الأمّة بوزيد لزهاري إلى (ضمان تطبيق هذه الإجراءات على أرض الميدان من أجل استفادة المواطنين الأكثر حرمانا)· أمّا عبد القادر قاسي فقد أكّد على أن الوزارات مطالبة هي الأخرى بأن تقدّم لمجلس الأمّة حصيلة حول نفقاتها مع توضيحات حول عجزها المالي من أجل إعطاء أعضاء المجلس فكرة عن تسيير المالية العمومية· ومن جهة أخرى، أوصى أعضاء من المجلس بأن يستثنى من برامج السكن المدعّمة من الدولة المستفيدين الذين تنازلوا عن سكناتهم التي استفادوا منها حسب صيغة السكن الاجتماعي التساهمي· ويمنح قانون المالية التكميلي للمستفيدين من السكنات المتحصّل عليها في إطار صيغة السكن الاجتماعي التساهمي الحقّ في التنازل عن سكناتهم قبل عشر سنوات المنصوص عليها في القانون شريطة أن يعيدوا للخزينة العمومية المساعدة المالية المقدّرة ب 700000 دينار التي منحها إيّاهم الصندوق الوطني للسكن كدعم من الدولة· من جانبها، أكّدت اللّجنة الاقتصادية والمالية بمجلس الأمّة في تقريرها الأوّلي على أن قانون المالية التكميلي 2011 جاء تطبيقا لإجراءات مجلس الوزراء المنعقد في فيفري الأخير والرّامي إلى حماية القدرة الشرائية للمواطنين وتوفير مناصب الشغل وتشجيع الاستثمار المنتج· وتواصل النّقاش حول هذا القانون حتى مساء أمس الثلاثاء ليفسح المجال بعدها لتقديم أجوبة الحكومة على الأسئلة التي أثارها أعضاء المجلس، أمّا عملية التصويت فمن المرتقب أن تتمّ اليوم الأربعاء· *** الوزير خوذري: "استيراد الشيفون من صلاحيات البرلمان" قال الوزير المكلّف بالعلاقات مع البرلمان السيّد محمد خوذري أمس الثلاثاء بالجزائر إن البرلمان سيّد في إدراج المادة الخاصّة بالترخيص باستيراد للملابس المستعملة في قانون المالية التكميلي· وذكر الوزير في ردّه على أعضاء مجلس الأمّة الذين عارضوا هذا الإجراء خلال مناقشة نص هذا القانون (إن البرلمان سيّد في قراراته، وهو الحائز على الإرادة الشعبية في مجال التشريع)، مضيفا: (نحن رهن سيادة النوّاب، والذي يشرّعونه تلتزم به الحكومة)· وأضاف الوزير في ردّه -نيابة عن وزير المالية كريم جودي-: (لا أشكّ في وطنيتهم (النوّاب) ولا في صدقهم ولا في إخلاصهم لمصلحة شعبهم)· وأضاف خوذري أنه حتى في فترة منع الاستيراد فإن هذه الألبسة كانت تدخل إلى الجزائر عبر الحدود البرّية، لذلك من الأفضل أن نسمح بدخولها عبر الموانئ من قبل مستوردين مصرّح بهم لدى الضرائب ويملكون وحدات لمعالجة هذا النّوع من الألبسة· وأوضح خوذري أن الترخيص بدخول الملابس المستعملة عبر الموانئ سيسمح للدولة بمراقبة أفضل لها، خاصّة من النّاحية الصحّية· *** "الشيفون"·· خطر على الجزائريين إضافة إلى إضراره بالصناعة المحلّية والاقتصاد الوطني، يشكّل (الشيفون) خطرا محدقا بصحّة ملايين الجزائريين، حيث أجمع أطبّاء وخبراء جزائريون وغيرهم على أضراره الصحّية الكثيرة· وفي هذا الشأن قال اختصاصي في الأمراض الجلدية والتناسلية إن ارتداء الملابس المستعملة له أضرار صحّية كبيرة على صحّة الإنسان، إذ تعدّ تلك الملابس مصدرا للأمراض الجلدية المعدية في الغالب، والتي قد تكون بسبب بقاء بعض الفطريات التي ليس من الممكن إزالتها بسهولة أو وجود بعض الفيروسات التي تنشط بين الحين والحين مع توفّر الظروف الخصبة لها في النمو والتكاثر، وهنا يكون جسم الإنسان الأكثر عرضة لها في حال استعمال ملابس كهذه لأن عامل التلامس متحقّق هنا لا ريب فيه· وأضاف الأخصّائي: "وكذلك الأمر لا يقتصر على انتقال الأمراض الجلدية فقط، بل في انتقال عدوى الأمراض الجنسية والزهرية على وجه الخصوص من الشخص المصاب إلى الشخص السليم وذلك بالملامسة، والمقصود بها الجنسية هنا أو في استعمال ملابس الشخص المصاب وخاصّة الملابس الداخلية، إذ تسبّب الكثير من الفطريات والفيروسات به حالها حال الأمراض الجلدية التي سلف الحديث عنها سابقا· ويرى المتحدّث أن الابتعاد عن استعمال هذه الملابس هو الأسلوب المثل للوقاية من تلك الأمراض وشراء الملابس الجديدة أو العمل على غسل الملابس المستعملة بالماء الحارّ وبدرجة الغليان وتعقيمها جيّدا بالمعقّمات قبل الاستعمال منعا للإصابة بالعدوى وتجنّبا للأمراض الجلدية والتناسلية وغيرها، وخلاف ذلك وفي حدوث حالة من حالات المرض على الشخص المصاب مراجعة الطبيب أو المركز الصحّي القريب منه وأخذ العلاج المناسب·