يغيّر الناس في رمضان عاداتهم وطريقة تغذيتهم من جميع النواحي، سواء فيما تعلق بالكمية المحضرة أو المتناولة التي تصبح أضعافا، سواء من ناحية النوعية التي تتعدد فيها الأصناف والأطباق، أو حتى من جانب الأوقات التي تخضع لتغييرات عميقة، حيث يصبح الإنسان يأكل في الليل بدل النهار، ودون توقف بالنسبة للبعض. في الحقيقة، الصيام ليس بحاجة لتغيير عاداته المألوفة أو الإفراط في الأكل أو المثول للراحة وغيرها من التصرفات غير اللائقة، والتي لا تمت بأي صلة لقواعد الصوم والعبادة، لأن الصيام قبل كل شيء عبادة. وغالبا ما يزيد وزن عدد من هؤلاء الناس بعد شهر رمضان، نتيجة التغييرات في وجباتهم الغذائية التي غالبا ما تكون أوفر من ذي قبل، ونظرا لعامل الجوع أيضا الذي يدفع بالصائم إلى الأكل أكثر وبشهية أكثر. ثم هناك عامل ثالث، وهو مثول جل الصائمين للراحة المطلقة خلال شهر رمضان، حيث لا يتحرك أغلبهم إلا لقضاء أمس الحاجة فقط. بينما ينبغي على الصائم في هذا الشهر المعظم أن يركز كل أفكاره في تطهير النفس والجسد، وأن يحافظ على نفس العادات المألوفة من قبل من ناحية التغذية والنوم والعمل، لأن الصيام ليس بحاجة إلى تزويد الطاولة بجميع أصناف المأكولات من لحوم وأسماك وحلويات ومشروبات وسلاطة وفواكه وغيرها، فهذا إفراط تلجأ إليه أغلب ربات البيوت، علما أنه لا يستهلك منها إلا القليل والباقي فمصيره الرمي في القمامات بالنسبة للكثير من العائلات، فما هذا التصرف إلا إنفاق سدى وتبذير. إذن، فمن الأفضل تحضير وجبات غذائية بالكمية التي نقدر على تناولها عند كل فطور، وتكون متنوعة ومتوازنة من ناحية محتواها (بروتينات، سكريات، دسم، أملاح وفيتامينات) بنسب محدودة، ومن ناحية الكلوريات التي تحدّد حسب كل واحد. ولا بأس أن يتناول الصائم وجبة إضافية خفيفة خلال السهرة ثم عدم تخليه أبدا عن وجبة السحور التي هي في منتهى الأهمية، والتي تضمن له حيوية ونشاطا، وتقيه من الجوع والعطش خلال النهار. كما يحتاج الصائم إلى النوم بالكفاية، لأن نقص النوم سيؤدي، لا محالة، إلى العياء والفشل والإرهاق. أخيرا، يستحسن في شهر رمضان العمل بدل المثول للراحة، لأن العمل هو الذي يشغل بال الصائم وينسيه جوعه وعطشه، ويسرع بقدوم وقت الإفطار.