يحرص بعض المرضى على صيام شهر رمضان حتى أولئك المصابين بأمراض يصعب معها الصيام،إذ منهم من لا يتقبل فكرة أن المرض قد يعيقه على أداء فريضة هامة من شعائر ديننا الحنيف،ومنهم من يعتبر رمضان أياما معدودة وما على المريض إلا أن يحاول تكييف جرعات الدواء مع سويعات الصيام. غير أن السؤال يبقى مطروحا كيف يصوم المريض المصاب بالسكري ومتى يجب أن يفطر وما هو الغذاء الصحي المناسب له؟وكيف يمكنه اخذ بعض السكر إن انخفض مستواه نهارا والناس صيام؟ يتحرج الكثير من المرضى من الإفطار نهار رمضان في الوقت الذي يمسك الغير من الأصحاء عن الأكل والشرب ويعتبرون ذلك إنقاصا من شأنهم وتعدٍٍٍٍٍ فاضح على احد أركان الإسلام فتراهم يجاهدون أنفسهم في أيام معدودات لقضاء هذه الفريضة ولو على حساب صحتهم.من هؤلاء محمود وهو مريض بالسكري من الفئة الأولى منذ ما يزيد عن الخمسة عشرة سنة يؤكد انه يؤدي فريضة الصيام كغيره من الناس إذ يقدم حقنة الأنسولين وقت السحور بحيث تكون آخر شيء يتعاطاه قبيل أذان الفجر،كما يحرص على عدم إجهاد نفسه بأمور قد تتسبب في هبوط السكر لديه مثل المشي الطويل أو الإرهاق الشديد في العمل علما أن زملاءه في العمل يعلمون بطبيعة مرضه لذلك فإنهم لا يرهقونه متى أحسوا انه منهكا بسبب الصيام والمرض.كما يحرص محمود على أداء جميع صلواته في المسجد ولا يجد في الصيام ما يرهقه غير انه حدث وان افطر مرات متفرقات بسبب الهبوط الحاد للسكر الذي اضطره لاخذ حقنة الأنسولين بعد أن تناول الماء المسكر،وعلق بقوله أن سبب ذلك كانت حرارة الجو والإرهاق الشديد مع بداية الدخول المدرسي كونه يعمل في أكاديمية التعليم الابتدائي وكون رمضان قد تزامن في السنوات الأخيرة مع الدخول الاجتماعي والمدرسي. من جهتها لا تتحرج لمياء في الإفطار نهار رمضان كونها هي الأخرى مصابة بالسكري منذ إن كانت في العاشرة من عمرها وعليه لم تصم رمضانا في حياتها كون طبيبها المعالج قد منعها من ذلك.و لا تجد نفسها مضطرة لإعطاء شروحات للغير ان هي ارتشفت كاس ماء او أكلت شيئا فجميع أفراد أسرتها يعلمون بمرضها خاصة وأنها تحقن نفسها بالأنسولين مرتين يوميا والكل يعلم ان الحقن من المفطرات.ولكنها بالمقابل ترى انه من غير المنطقي ان تفطر جهارا نهارا فتضطر إلى الأكل خلسة حتى أمام أمها."في البداية كنت لا أعاني من أي عقدة نقص او حرج إذا تناولت فطور الصباح قبل ان اذهب لمدرستي او تناول الغذاء أمام أمي ولكنني اليوم أتحرج كثيرا من ذلك كوني تجاوزت الخامسة والعشرين ولا يمكنني الصيام مثل باقي الخلق حتى إخوتي الصغار يصومون أما أنا فمرضي يصيبني بالخجل رغم انه قدر من الله، مضيفة قد حاولت الصيام عدة مرات ولكنني لا ألبث ان آكل شيئا مع إحساسي بالدوار والفشل العام.حتى والدي وإخوتي يمنعونني من ذلك بسبب حادثة وقعت لي يوما حيث كذبت على والدتي بإخبارها أنني أفطرت وأخذت دوائي في موعده ولكن ما لبث والدي ان حملني على عجل إلى المستوصف قبيل منتصف النهار بسبب هبوط حاد في الضغط والسكري على السواء حقنت هناك بالأنسولين وركّب لي جهاز تنفس اصطناعي ومن حينها يحرص والدي على ان أتناول فطوري وان أتصرف وكأنني في غير رمضان ويسألني إلى اليوم ان أكنت أخذت دوائي وأكلت غذائي ولكنها أسئلة تصيبني بالحرج الشديد و عقدة "فطّارة رمضان" وهم في كل مرة يرددون علي قول الرسول عليه الصلاة والسلام "يحب الله أن تأتى رخصه كما يحب أن تأتى عزائمه". عينة أخرى لمصابة بالسكري لم تتقبل مرضها الذي أصيبت به في بداية الأربعينات من عمرها.كانت تكتفي حينها بتناول أقراص الامرال ولكن ما لبثت ان أصبحت تحقن نفسها بالأنسولين ورغم المنع البات من طبيبيها بألّا تصوم رمضان إلا أنها رفضت الفكرة بشدة فكيف لها تقبل فكرة الأكل نهار الصيام وهي التي تصوم رمضان منذ ان كانت في الابتدائي.وتؤكد المتحدثة ان نتائج التحاليل التي أخضعت لها بعد رمضان كانت جد ايجابية ما يعني ان الصيام قد أفادها جدا،إلا أنها ما لبثت ان خضعت للأمر الواقع بعدها بسنوات حيث ازدادت حدة المرض عليها وبات من الضروري الإفطار إن أرادت الحفاظ على حياتها."احمل بداخلي هم المرض وهم الإفطار في رمضان-تقول-فبالرغم من ان هذا ثالث رمضان افطره بسبب السكري إلا أنني لم أتقبل الفكرة لحد الساعة.والإشكالية المطروحة ليست في إفطار نهار رمضان بسبب المرض بحد ذاته وإنما في تناول الدواء الضروري او أكل شيء ما بسبب مضاعفات المرض،فكيف للمريض بالسكري ان يأخذ أقراصه أو يحقن نفسه او ان يتناول حبة حلوى وهو بالخارج؟ ليس كل الناس على علم بطبيعة مرض السكري ولا مضاعفاته لذلك لا يمكن للمريض ان يتناول ولو حبة حلوى أمام الناس وإلا ينعت بالخارج عن ملة محّمد. في هذا السياق تشير إحدى المريضات بالسكري أنها لا تمتنع إطلاقا في "إغاثة" نفسها بقضم حبة حلوى مثلا أمام الملأ إن رأت أن حالتها الصحية في خطر" ان الله يسر على عباده حياتهم وصومهم أيضا-تقول- وهو القائل في محكم تنزيله"ولا تودوا بأنفسكم إلى التهلكة" فكيف لي ان اهلك نفسي؟في مقر عملي جميع زملائي على علم بمرضي فإذا اضطررت إلى الأكل أكل شيئا خفيفا مثل حبات فاكهة متوفرة لدي او حبة حلوى،أكل ذلك خلسة حيث أستدير عن الجميع لأكل حبة حلوى أو أن اقصد الحمام ان أردت أكل فاكهة رغم شعور ي بالحرج الكبير لإفطاري نهار رمضان، إلا أنني لا أمتنع إطلاقا في حقن نفسي بالأنسولين سواء في مقر عملي او في المواصلات وليس علي تقديم أي شروحات لان المرض بيد الله وحده. ومرض السكري يعتبر من أكثر الأمراض انتشارا بمجتمعنا،إذ ينجم عن توقف الكبد لإنتاج مادة الأنسولين التي تعمل على تخزين السكر في جسم الإنسان.والسكري غالبا نوعان: السكري الذي يصيب الأطفال تتم معالجته باستخدام حقن الأنسولين. أما السكري الذي يصيب الكبار، فيتم علاجه عن طريق الحمية الغذائية والتمارين الرياضية قبل اللجوء الى الأنسولين.وبقدوم شهر رمضان المبارك هناك سؤال يطرح نفسه باستمرار وهو: هل بإمكان المصاب بالسكري الصوم في رمضان؟وما هي الاحتياطات التي يجب أن يراعيها مريض السكري في هذا الشهر؟حول هذه الإشكالية يجيبنا الدكتور سعيداني أخصائي أمراض الغدد بمستشفى مصطفى الجامعي بقوله ان مثل هذه الأسئلة تتكرر كثيرا علينا قبل كل رمضان.ولذلك نقول دائما أن هناك بعض مرضى داء السكري يجب لهم الإفطار في شهر رمضان، وذلك تفاديا للمشاكل الصحية المتفاوتة الخطورة التي قد يتعرض لها الصائم المريض بالسكري، ومن أهمها: تعرضه لانخفاض نسبة السكر في الدم في آخر النهار.ارتفاع مفرط لهذه النسبة خلال الليل الشيء المؤدي إلى الاختلال ومن ثم الدخول في غيبوبة قد تدوم لساعات طوال تستلزم الإنعاش على عجل،أو إلى زيادة حدة المضاعفات المزمنة عند المريض. وبشيء من التفصيل ىقول الدكتور انه إذا كان مرض السكري قد بدأ في سن مبكرة أي قبل الثلاثين لا يسمح لصاحبه بالصوم تحت أي ظرف من الظروف لان مستوى السكر لديه غير مستقر حيث لا يمكن أن يرتفع أو ينخفض فجأة إلى مستوى قد يهدد حياة المرىض.أما مرضى السكري من الذين تسمح حالاتهم بالسيطرة على مرضهم عن طريق تنظيم وجباتهم الغذائية أو الرجيم الغذائي فقط دون الحاجة إلى لتناول العقاقير هؤلاء يمكنهم الصوم بسهولة ويكون مفيدا جدا لحالتهم بشرط الحفاظ على كمية ونوعية الغذاء نفسها الذي وضعها الطبيب المعالج،أما الذين يتناولون أقراصا مخفضة للسكر فمنهم من يمكنهم الصيام بشرط أن يتناولوا الجرعة نفسها في وجبة الإفطار والذين يتناولون جرعتين يمكنهم تناول الأولى مع الإفطار ونصف الجرعة مع السحور نظرا لانخفاض السكر المتوقع خلال ساعات النهار نتيجة الصيام. أما بالنسبة للمرضى الذين يعالجون بالأنسولين فيمكن تقسيمهم إلى مجموعتين الأولى هي الفئة التي تتناول جرعة واحدة وهنا الصوم متروك لرأي الطبيب المعالج،أما التي تأخذ جرعة اكبر من 4 وحدات أنسولين فلا يسمح لهم بالصيام لان مستوى السكر لديهم غير ثابت مما يعرضهم لغيبوبة السكر.وأخيرا نلفت انتباه المرضى انه عليهم الإفطار فورا إذا أحسوا بعض هذه الأعراض ومنها:تصبب العرق المفاجئ والرعشة والإحساس بتنميل في اللسان والشفتين وازدواج الرؤية وتداخل الكلمات أثناء الحديث والتشنجات. أما فيما يخص الاحتياطات اللازمة على المريض بالسكري فهي المحافظة على حميته وأوقات دوائه، وأن يحاول مقاومة السكريات السريعة التي يتم تناولها بكثرة عند المساء.