رجل وجبت عليه كفارة رمضان، وهو عاجز عن الصوم وعن عتق رقبة، قادر على إطعام ستين مسكيناً، فماذا يفعل؟ شُرعَت الكفارة لجبر أخطاء يقترفها المسلم عن غفلة وسهو أو عن عمد، ثمّ يفيء إلى الله، فتكون الكفّارة طهارة لنفسه، وباباً لتوبته وإنابته. كفارة انتهاك حُرمة صيام شهر رمضان من الكفّارات المشروعة، فهذا الشّهر له حُرمة جعلت أيّامه من أركان الدِّين على الصحيح الحاضر، فمَن أفطر فيه، دون عذر، وجبت عليه الكفارة عن كلّ يوم بعتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً. والحديث الوارد في ذلك صحيح، من رواته البخاري ومسلم في صحيحهما ورواه غيرهما، كما جاء في رواية الدارقطني، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ''جاء رجل على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: هلكتُ يا رسول الله، قال: وما أهلكك؟ قال: وقعتُ على امرأتي في رمضان، قال: هل تجد ما تعتق رقبة؟ قال: لا، قال: هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا، قال: فهل تجد ما تُطعم به ستين مسكيناً؟ قال: لا، قال: ثمّ جلس، فأتى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بعرق فيه تمر، قال: تصدّق بهذا، قال: فهل على أفقر منّي؟ فما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منّا، فضحك النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم حتّى بدت نواجذه، قال: اذهَب فأطعمه أهلك'' رواه الجماعة.فهذا الحديث يثبت أمرين: الأول أنّه مَن انتهك حرمة الصيام وأفطر عمداً، وجبت عليه الكفّارة بفعل إحدى الخصال المذكورة، والثاني: أنّ عليه صيام يوم مكانه، وهذا ما يُعبّر عنه علماؤنا بالقضاء والكفارة، وأمّا الإذن له في أكل كفارته، لفقره، فذلك خاص به.