للسحر والشعوذة في ثقافة القارة السمراء حيّز كبير من الاهتمام، تشهد على ذلك طقوس بعض الأفارقة في مناسباتهم الخاصة أو العامة، كمباريات كرة القدم، هذه اللعبة الشعبية التي لم تسلم بدورها من تأثير الاعتقادات الخرافية المرتبطة بالأسطورة وبقوى ما وراء الطبيعة. لا تستغرب إن وجدت ساحرا يراهن على خلطته السحرية ليكون الفوز حليف فريقك المفضل، ولعل من أشهر السحرة المشعوذين بوبيو ومبينكين من الكاميرون، حيث يقومان بمزج مواد غريبة بأعشاب مجففة مضيفان إليها مسحوقا أخضر ليكوّنا خلطة حسب قولهما كفيلة بإرباك العدو المنافس داخل الملعب وإشاعة التوتر والخوف فيه. ولعل الحادث الأخير حين ذبح ساحر على أبواب أحد الملاعب بجنوب إفريقيا ثورا، كان كافيا ليبرهن على أن الإيمان بالسحر والشعوذة مازال حاضراً ومعمولاً به في كرة القدم الإفريقية، في ظل عدم تدخل الفيفا لمنع ذلك أو سنّ أي بنود قانونية لعقاب مرتكبي ممارسة الشعوذة خلال المونديال. للسحر تاريخ في كرة القدم الإفريقية السحرة فريقان، الأول يعتمد على استحضار الأرواح والتحدث مع الموتى، والثاني يشتغل أفراده بالمعالجة الطبيعية، يجمعون مواد سحرهم من الطبيعة ويمزجونها مع بعض، ويمكن استعمالها إما عن طريق الشرب أو تعليقها كحجاب أو برشها مكان تطأ فيه أرجل الخصم. وفي أغلب الأحيان، لا يبوح السحرة بأسرار مهنتهم خوفا من السرقة الفكرية، وحتى تظل هيبتهم لغزا غامضا أمام الجميع. وهنا، يحكي الساحر الكاميروني مبينكين أنه قصده مدرب فريق كرة قدم طامعا بمساعدته بفوز فريقه، فما كان منه إلا أن جهز لهم وصفة سحرية تم رشها في الطريق المؤدية إلى الملعب، وحرم على أعضاء الفريق أن يتخطى واحد منهم أو يقرب الطريق. وأمام ذلك، أمر مدرب الفريق لاعبيه بالالتزام بتعاليم الساحر والذهاب إلى الملعب بالحافلة والدخول من الأبواب الخلفية إلى أماكن تغيير ملابسهم. وفعلا، فاز هذا الفريق بإصابتين مقابل لا شيء. وفي قصة أخرى، يحكى أن حارس مرمى قام بدفن عظام مسحورة تحت العشب، لكن الأمر انكشف، فعوقب بالطرد من الاتحاد الإفريقي للكرة. فضيحة تؤدي إلى توتر سياسي بين الكاميرون ومالي هناك فضيحة أدت إلى حدوث توتر سياسي ما بين الكاميرون ومالي سنة 2002، حين اتهم مدرب وحارس الكاميرون بممارسة الشعوذة في المباراة التي جمعت بينهما، والاستعانة بالسحر يضرب بجذوره إلى الماضي، مثلا، كاستعانة حارس مرمى زامبيا بإبر مسحورة قام بغرسها داخل مرماه في التصفيات المؤهلة لكأس العالم لسنة 1974 التي انتهت بفوز فريقه بهدفين اثنين مقابل صفر ضد فريق الزائير. يذكر أن الفيفا اعترفت أنه لا يمكن أن يعاقب من يمارس عمل الطلاسم السحرية وتعويذات الشعوذة أو من استعملها، لأن ذلك داخل في النسيج الثقافي لهذه القارة ومعتقداتها، لكنه يستطيع أن يمنع أي فريق من اصطحاب ساحر أو مشعوذ داخل الملعب. عندما كان ''بيلاردو'' على رأس الإدارة الفنية لنادي ''إيستوديانتيس''الأرجنتيني عام 2003، دعت له سيدة برازيلية بالتوفيق قبل مباراة ضمن الدوري الافتتاحي. وبعد أن خرج فريق مدينة لابلاتا فائزاً بالنقاط الثلاث، اعتقد المدرب أنه وجد في تلك السيدة تعويذته الجديدة. وخلال نهائيات مونديال 1990 بإيطاليا، جرى حفل زفاف بالفندق الذي كان ينزل فيه عناصر المنتخب الأرجنتيني، حيث تقدم 22 لاعبا من نجوم ''ألبيسيليستي'' واحداً واحداً لتقديم التهاني للعروس تلبية لنداء ''بيلاردو''، الذي كان يؤمن أن ذلك سيجلب الحظ لفريقه. وعُرف مدرب المنتخب الإسباني السابق ''لويس أراجونيس'' بتشاؤمه من اللون الأصفر، إلى درجة جعلته يطلب من قائد الفريق ''راؤول غونزاليز'' تغيير قميصه في إحدى الحصص التدريبية. وكاد إيمان ''أراجونيس'' بالشعوذة أن يتسبّب في أزمة دبلوماسية قبيل انطلاق نهائيات كأس العالم بألمانيا سنة 2006، حيث رفض المدرب باقة ورد صفراء اللون لدى وصول أعضاء الوفد الإسباني إلى مدينة دورتموند الألمانية. ومن جانبه، اشتهر مدرب المنتخب الفرنسي ''ريمون دومينيك'' بولعه بعلم التنجيم، وهو ما جعل منتقديه يتهمونه بالاعتماد على خريطة البروج لاختيار قائمة لاعبي المنتخب. الطفل الذي يرافق المدرب الفرنسي نوزاريه استعان مدرب المنتخب الغيني روبير نوزاريه بطفل غيني عمره عشر سنوات اسمه ''أمادو أوريباري''، ويلازم هذا الطفل ''الأمهق'' الفريق بصورة دائمة في التدريبات، ويشاهد المباريات عن قرب.