اختلف الدخول الأدبي في فرنسا هذا العام عنه في السنوات الماضية رغم ثرائه، إذ تميّز ولأول مرّة منذ سنوات بقلة الإصدارات المتعلقة بالجزائر، والتي سجّلت حضورها بقوة في السنوات الأخيرة، بل إنها حققت أعلى المبيعات وحصدت الجوائز الأدبية التي ترافق عادة هذا الدخول. تكشف المؤشرات الأولية للمشهد الثقافي الفرنسي عن دخول متغيرات جديدة في اهتمامات المبدعين الفرنسيين، رغم أن العديد من المتتبعين للشأن الثقافي يرون أن الأمر لم يحسم بعد، خاصة أن فرنسا ستحتفل بالذكرى الخمسين ل''خسارتها الجزائر''، ومن المتوقع أن تحفل المكتبات في فرنسا بمجموعة مهمة من الروايات والدراسات والأبحاث في شكل شهادات أو سير ذاتية حول الحرب أو الاحتلال، وحتى روايات. ترشح الدوائر الأدبية والإعلامية والنقاد الفرنسيون، من بين 654 رواية تصدر سنة 2011 مقابل 701 في 2010، رواية ''الفن الفرنسي في الحرب'' عن دار ''غاليمار''، وهي الأولى لكاتبها ''أليكسيس جيني''، لتحقيق أعلى المبيعات وحصد جائزة غونكور الشهيرة. وتصنّف الرواية المذكورة ضمن الروايات المهمّة جدا والمثيرة للانتباه وشدّ للقراء، خاصة من ناحية الموضوع الذي يتطرق في أكثر من 600 صفحة إلى 20 سنة من تاريخ فرنسا الاستعماري، المثير والمتشابك الأحداث، إذ تنطلق من نهاية الحرب العالمية الثانية، وتحديدا سنة 1942، مرورا بالثورة الجزائرية وصولا إلى 1962 واستقلال الجزائر. وتقدم الرواية رؤية مختلفة للأحداث وتطرح تساؤلات عديدة، أهمها لِمَ يحمل الجيش الفرنسي عبء الإحساس بالذنب منذ انتهاء حرب الجزائر؟ كما تنتقد في مختلف الاتجاهات فرنسا الاستعمارية التي أرادت أن ''تتقاسم الطعام مع الضحية على نفس الطاولة المليئة بالدماء، بعد أن مرّرت ''إسفنجة لتنظيفها''، بالإضافة إلى تصرفات الجيش الفرنسي والتعذيب، والأقدام السوداء واحتقارهم ل8 ملايين جزائري، ولم يسلم حتى فيلم معركة الجزائر من الانتقاد في الرواية، ولا حتى ألبير كامو الذي عاشر العرب وكان يشبههم، لكنه لم يقل شيئا في حقهم. ''المسار السري لفرنسوا هولاند''.. الكتاب السياسي الأكثر إثارة ومن المنتظر أن تحتضن المكتبات الفرنسية نهاية السنة إصدارا آخر عن دارا ''فايار''، يكشف كثيرا من التفاصيل التي تتعلق بالجزائر ما قبل الاستقلال، يحمل عنوان ''المسار السري لفرنسوا هولاند'' للصحفي سارج رافي، وهو عبارة عن سيرة ذاتية وخاصة بفرنسوا هولاند، وصفتها يومية ''لونوفال أوبسرفاتور'' بالكتاب السياسي الأكثر إثارة. ويكشف صاحبه عن بعض خفايا السياسة الفرنسية، منها موقف أب فرنسوا هولاند من استقلال الجزائر وتعاطفه مع أعضاء ''المنظمة العسكرية السرية ''أواس''، الذين وصفهم ب''مقاومي اللّحظة الأخيرة''. ولا يقتصر الدخول الأدبي الفرنسي على الأقلام الفرنسية، لكن التنافس أيضا مسّ الأقلام الجزائرية ومن أهم الأسماء التي سجلت حضورها الرواية السادسة للأديب بوعلام صنصال عن منشورات ''غاليمار''، تحت عنوان ''شارع داروين''، والتي تناول فيها الكاتب نظرته لحرب التحرير عبر قصة واقعية عايشها عدد من أفراد عائلته. كما صدر في فرنسا شهر أوت المنصرم كتاب ''التاريخ في الميراث'' للكاتب الجزائري اسماعيل غوماز، عن دار ''نو ليو''.