الصّحابي الجليل أبو ثور عمرو بن معد يكرب الزُّبَيْدي رضي الله عنه، الشّاعر والفارس، اشتهر بالشّجاعة والفروسية حتّى لُقِبَّ بفارس العرب، وقد شارك في فتوح الشّام والعراق، ولم يتخلّف عن حرب مع المسلمين ضدّ أعدائهم قط. وممّا يروى عن إسلامه، أنّه قال لصديقه قيس بن مكشوح حينما بلغهما أمر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: قد ذُكر لنا أنّ رجلاً من قريش يقال له محمّد، قد خرج بالحجاز، يقول إنّه نبي، فانطلق بنا إليه حتّى ننظُر أمره، فإن كان نبيًّا كما يقول، فإنّه لن يخفي عليك، وإن كان غير ذلك علمنا، فرفض قيس ذلك، فذهب هو إلى المدينة، ونزل على سعد بن عبادة، فأكرمه، وراح به إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فأسلم. وقيل: إنّه قدم المدينة في وفد من قومه زُبَيْد، فأسلموا جميعاً. وفي يوم اليرموك حارب في شجاعة واستبسال يبحث عن الشّهادة، حتّى انهزم الأعداء، وفرّوا أمام جند الله. وقبيل معركة القادسية طلب قائد الجيش سعد بن أبي وقاص مدداً من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ليستعين به على حرب الفرس، فأرسل أمير المؤمنين إلى سعد رجلين فقط، هما: عمرو بن معد يكرب، وطليحة بن خويلد، وقال في رسالته لسعد: إنّي أمددتك بألفي رجل. أخرجه الطبراني. وفي موقعة نهاوند، استعصى فتح نهاوند على المسلمين، فأرسل عمر بن الخطاب إلى النعمان بن مقرن قائد الجيش قائلاً: اسْتَشِر واستعن في حربك بطلحة وعمرو بن معد يكرب، وشاورهما في الحرب، ولا تولِّهما من الأمر شيئاً، فإن كلّ صانع هو أعلم بصناعته. وقاتل عمرو في هذه المعركة أشدَّ قتال حتّى كثرت جراحه، وفتح الله على المسلمين نهاوند، وظفر عمرو في تلك المعركة بالشّهادة، ودفن بقرية رُوذَة من قرى نهاوند.