الصحابي الجليل أبو الدرداء عويمر بن قيس بن عامر الخزرجي الأنصاري، رضي الله عنه، أسْلَم في غزوة بدر، وقيل إنّه آخر مَنْ أسْلَم من الأنصار. شهد أبو الدرداء رضي الله عنه مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم غزوة أحد وغيرها من المشاهد، وعرف رضي الله عنه بالعفو والسماحة، ويحكى أنّ رجلاً قال له ذات مرّة قولاً جارحاً، فأعرض عنه أبو الدرداء ولم يرد عليه، فعلم بذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فغضب وذهب إلى أبي الدرداء وسأله عمّا حدث فقال: اللّهمّ غفراناً، أو كل ما سمعنا منهم نأخذهم به (أي نعاقبهم ونحاسبهم عليه)؟! وكان أبو الدرداء تاجراً مشهوراً، فلمّا أسْلَم تفرَّغ للعِلم والعبادة، وقال: أردتُ أن أجمع بين التجارة والعبادة، فلَم يستقم، فتركتُ التجارة وأقبلتُ على العبادة. ووُصف بالشّجاعة. وكان أبو الدرداء يُعلِّم النّاس القرآن الكريم وسُنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ويحثّهم على طلب العلم، ويأخذ بأيديهم إلى الصّواب. ويروى أنّه كان مع المسلمين في قبرص، ففتحها الله على المسلمين، وغنموا خيراً كثيراً، وعاش حياة بسيطة يملؤها الزهد والتواضع حتّى جاءته ساعة الموت، فقال عند احتضاره: مَن يعمَل لمثل يومي هذا؟ مَن يعمل لمثل مضجعي هذا؟ وكان يقول: مَن أكثر ذِكر الموت قلّ فرحه، وقلّ حسده. وقد توفي سنة 32ه في خلافة عثمان بن عفان.