شكل الإطعام المدرسي أحد الانشغالات الكبرى للأولياء في ولاية الطارف، ولم يطرأ عليه أي تحسين في النوعية رغم الأموال المدعمة التي تضخها سنويا ميزانية الولاية بحكم الطابع الريفي المعزول عن المواقع الحضرية حيث تتواجد المؤسسات التربوية. كارثية نوعية الوجبات وشبهات التلاعب بأموال الإطعام المدرسي، كما يقر بها الأساتذة والمربون والمساعدون التربيون والأولياء، جعلت منتخبا بالمجلس الشعبي الولائي ينتفض في تدخله خلال دورة المجلس الولائي: ''أولادنا يعانون من البرد في الأقسام، يضاف إليه الجوع نتيجة رداءة الوجبات''. ويواصل مخاطبا مسؤولي المؤسسات التعليمية: ''بركات من الاستثمار بأموال الإطعام المدرسي وجعلها سوقا يوميا لفائدة عمال هذه المطاعم''. وتعكس صرخة هذا المنتخب الواقع اليومي لعشرات التلاميذ المتمدرسين المستفيدين من الإطعام المدرسي، الذين يفضلون تناول وجباتهم خارج المطاعم المدرسية، معتمدين على ''الوجبات الخفيفة'' في المطاعم العمومية ومحلات البيزا. وقد توقفنا على عينات من هذه الفئة في عاصمة الولاية وبلديات مقر الدوائر وبلديات حدودية، واستفسرنا التلاميذ عن عدم تناول وجباتهم الغذائية بالمطاعم المدرسية، وكان الإجماع بأنهم يتجنبون وجباتها الرديئة المتكونة من حساء وحبات حمص والفاصوليا، وفئة أخرى من التلاميذ فقدوا حق الاستفادة من النظام نصف الداخلي لرسوبهم الدراسي وإعادة السنة، رغم بعد بيوتهم عن المؤسسات المدرسية بعشرات الكيلومترات في المداشر والدواوير المعزولة، خاصة منهم سكان الشريط الحدودي، الزيتونة، بوقوس، عين الكرمة، بوحجار والعيون. ونفس المتاعب في بلديات نائية مثل الشافية، عصفور، شيحاني، حمام بني صالح، وادي الزيتون وبريحان. وبالنسبة لتلاميذ الابتدائي الذين يستفيدون من الوجبات الباردة في شكل قطعة خبر مع حبة بيض أو قطعة جبن أو حبات زيتون أو قطع من الشيكولاطة، فإن الكارثة أعظم، حسب تحذيرات مصالح الطب المدرسي من مخاطر التسمم الغذائي نتيجة تكديس هذه النوعيات في أماكن غير مطابقة للشروط الصحية، فضلا عن فراغ ''الساندويتش'' البارد من أي قيمة غذائية. وهو ما جعل الوالي، قبل سنة، يشدد على تعميم مطاعم الوجبات الساخنة بكل المدارس الابتدائية، والتوقف عن تزويد التلاميذ ب''الساندويتشات'' الباردة قبل نهاية الموسم الدراسي الفائت. ولأن ميزانية الولاية تضخ سنويا دعما ماليا لفائدة الإطعام المدرسي بأظرفة ضخمة لا تقل عن مليار سنتيم سنويا، غير أنها لم تحسن نوعية الوجبات، ما جعل الأولياء خاصة في الأرياف البعيدة عن المؤسسات التعليمية يتعاقدون مع تجار المواد الغذائية والمطاعم الشعبية للتكفل بالوجبة الغذائية لأبنائهم عن طريق ''الكريدي الشهري''. وهو ما وقفنا عليه لدى الكثير من هؤلاء التجار خاصة بمقرات البلديات المعزولة، حيث خصت العملية بسجلات ''الكريدي''.