''الدولة الفرنسية في موقف ضعيف أمام نفوذ دوائر المال'' /''ديون فرنسا تزيد ب50 مليار أورو سنويا وبنوكها مهدّدة بالإفلاس'' 35 بالمائة من أسر المغتربين في فرنسا فقراء كثيرا ما ردد الوزير الأول الفرنسي فرانسوا فيون ''إننا على حافة الانهيار''، محذرا من تبعات الأزمة المالية التي أضحت هاجسا للرئيس ساركوزي، رغم محاولاته توظيفها لصالحه في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة. فحصيلة عهدة ساركوزي تبقى إرثا ثقيلا للفرنسيين، الذين اعتبروا بأن تآكل قدرتهم الشرائية وفقدانهم لمناصب عملهم وتوقف نشاط مؤسساتهم، جاء مقابل ثراء أكبر للأغنياء ودعما لنفوذ دوائر المال. الجبهة الاجتماعية أهم تحدّ قبل الرئاسيات 35 بالمائة من أسر المغتربين في فرنسا فقراء قبل ستة أشهر من الرئاسيات الفرنسية، يجد زعيم اليمين التقليدي نفسه أمام تحديات سياسية واجتماعية، تؤثر عليه سلبا. ورغم محاولات توظيف الورقة الليبية خارجيا، إلا أن الأزمة الاقتصادية والمالية أضحت هاجسا حقيقيا وأكبر رهان في الانتخابات الرئاسية المقبلة، والورقة التي تساهم في تدعيم موقع اليمين المتطرف واليسار على حد سواء. بيّنت عمليات سبر الآراء حول شعبية الرئيس نيكولا ساركوزي، حسب تقدير هيئة ''ايبسوس''، عدم رضا 61 بالمائة من الفرنسيين المستجوبين مقابل 35 بالمائة، بينما ارتفعت نسب عدم الرضا إلى 66 بالمائة بالنسبة لهيئة ''بي في أي''، مما يضع الرئيس في حرج، خاصة أنه يحضر لإجراءات تقشفية جديدة، سيسدّد ثمنها دافعو الضرائب من الطبقات المتوسطة والفقيرة. وما يزيد من قلق الإليزي أن أولى تقديرات عمليات سبر الآراء تضع مرشح اليسار، فرانسوا هولوند، في المقدمة ب39 بالمائة، مقابل 24 بالمائة لساركوزي، و14 بالمائة لمارين لوبان، و5 ,8 بالمائة لبايرو في الدور الأول، و60 بالمائة لهولاند مقابل 40 بالمائة لساركوزي . وتأتي هذه النتائج وسط جدل قائم حتى وسط اليمين التقليدي، بخصوص تبعات السياسات النيوليبرالية التي اعتمدها ساركوزي، والتي أثارت استياء الطبقات الفقيرة والمتوسطة، الأكثر تضررا. ففرنسا قامت بضخ أكثر من 50 مليار أورو من أموال دافعي الضرائب لإنقاذ البنوك وإعادة رسملتها، وضمانات ب400 مليار أورو بعد أن كانت مهدّدة بالانهيار والإفلاس. كما قامت بأخذ جزء من الديون اليونانية على عاتقها، وقرّرت توفير 10 ملايير أورو إضافية لدعم البنوك. والحصيلة أنه مقابل ناتج محلي خام يصل إلى 2000 مليار أورو، تجاوزت الديون العمومية 1700 مليار أورو، ويقدر العجز في الميزانية بأكثر من 180 مليار أورو، ستضاف إلى الديون كل سنة، بينما يفرض على المواطن رسوما وضرائب تقدر ب300 مليار أورو سنويا. وساهمت السياسات الجبائية في إثراء الغني وإفقار الفقير، في وقت تحضر فيه حكومة فيون لرفع الرسم على القيمة المضافة على بعض المنتجات والخدمات. ويعاب على ساركوزي سياسته الجبائية التي جعلت 10 بالمائة من أغنى فئات المجتمع يستحوذون على ربع المداخيل، وأكثر من 13 بالمائة من الفرنسيين يتقاضون حوالي 10 آلاف أورو سنويا، أي 750 أورو شهريا، وتسجيل 9 ملايين فقير، أي حوالي 14 بالمائة من تعداد السكان، حيث تجد شريحة من الفرنسيين صعوبة في الإبقاء على مستوى معيشي مقبول، بينما يتلقى قرابة نصف الفرنسيين في حدود 1500 أورو شهريا، وأن حوالي 35 بالمائة من الأفراد المنحدرين من أسر المهاجرين يعيشون في خط الفقر، في وقت ازداد عدد الأثرياء، حيث بلغت مداخيل نسبة 70 بالمائة منها 500 ألف أورو فما فوق سنويا، أي حوالي 41666 أورو شهريا، مقابل نسبة 28 بالمائة يصل دخلهم على الأقل 100 ألف أورو سنويا. شعبية ساركوزي في الحضيض تكشف تقديرات هيئة ''ايفوب'' الفرنسية ، عن تراجع شعبية الرئيس نيكولا ساركوزي، بعد انتخابه في ماي .2007 فبعد أن كان يتمتع بنسبة تأييد بلغت 65 بالمائة، على خلفية خطابه الواعد، عرف ساركوزي أول انتكاسة له في جانفي 2008 إذ انخفضت نسبة التأييد له إلى 38 بالمائة، بعد أن أبدى الفرنسيون امتعاضا من السياسات المنتهجة، واستفاد ساركوزي في نوفمبر 2008 من تحسن في مستويات التأييد (44 بالمائة) على خلفية تبنّيه لتدابير حماية المدخرين والمستثمرين والبنوك والمؤسسات، ودعوته لضبط الاقتصاد مع تفاقم الأزمة المالية في الولاياتالمتحدة. ولكن الفرنسيين أبدوا رفضا بسرعة لإجراءات اعتبروها مناقضة للوعود على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، حيث تراجعت نسبة التأييد إلى 36 بالمائة في نوفمبر 2009، واستمرت في التراجع إلى 32 بالمائة في نوفمبر 2010، لتصل في ماي 2011 إلى أدنى مستوى ببلوغها 28 بالمائة، بسبب السياسة الجبائية التي أفقرت الفئات المتوسطة والفقيرة وأغنت الأثرياء. ساركوزي استفاد بعدها من صعود بسيط في أوت 2011 بسبب وعود جديدة بحماية الفرنسيين اقتصاديا، بنسبة 33 بالمائة، لكن التراجع عاد في سبتمبر 2011، حيث بلغ عدد الراضين 32 بالمائة، مقابل 68 بالمائة من المستجوبين عبروا عن عدم رضاهم. وفي آخر عملية سبر آراء، كشفت ''ايفوب'' رضا 31 بالمائة من الفرنسيين المستجوبين، مقابل عدم رضا 69 بالمائة، قبل ستة أشهر من الرئاسيات. إدوي بلينيل، مسؤول الموقع الإخباري ''ميديابارت''، ل''الخبر'' ''الدولة الفرنسية في موقف ضعيف أمام نفوذ دوائر المال'' اعتبر رئيس تحرير جريدة ''لوموند'' سابقا ومسؤول الموقع الإخباري ''ميديابارت''، السيد إدوي بلينيل، أن الأزمة في فرنسا تجلت في تفاقم عدم المساواة في توزيع الدخل والثروة وتراكم الديون التي فاقت 1690 مليار أورو، وبلوغ عدد الفرنسيين الذين يتقاضون 1500 أورو شهريا قرابة النصف وازدياد الأغنياء غنى. وأوضح بلينيل في تصريح ل''الخبر'': ''أعتقد أن ساركوزي سيحاول توظيف الأزمة لصالحه في حملته الانتخابية، وأن يجعل منها وسيلة لإقناع الفرنسيين بإعادة انتخابه، ولكنه تناسى أنه يتحمل قسطا وافرا من المسؤولية في تفاقم هذه الأزمة''. ولاحظ بلينيل: ''الأزمة نتاج قرارات لم تتخذ منذ بروز مؤشرات الأزمة في .2008 والنتيجة أن الديون العمومية الحالية لفرنسا فاقت 1890 مليار أورو، منها أكثر من 700 مليار أورو تحققت منذ 2007 أي خلال عهدة الرئيس ساركوزي''. مضيفا ''تسببت السياسة الجبائية المتبعة خلال عهدة ساركوزي في تمركز الثروة والدخل وفي دعم الفئات الأكثر غنى. ومع ذلك، يحاول ساركوزي استغلال الأزمة لصالحه لضمان إعادة انتخابه، خاصة أنه دعم الفئات الغنية، من خلال سياسته الجبائية. ولكننا نقول إن الفرنسيين ليسوا بلهاء أو مغفلين، ولن تنطلي عليهم مثل هذه السياسات والأساليب''. من جانب آخر، شدّد بلينيل ''لم تعرف فرنسا منذ فترة طويلة تفاوتا وعدم مساواة بمثل هذه الحدة في الدخل، حيث تفاقم منذ 2007 جراء السياسات النيوليبرالية والمضاربات المالية والرأسمالية المتوحشة، وما زاد من تفاقم الوضع السياسات الجبائية التي جعلت الفئات الغنية أكثر غنى وتدفع أقل قدر من الضرائب، والفئات الفقيرة أكثر فقرا وتدفع ضرائب أكبر. وعليه، وجب إعادة التوزيع للثروة والدخل بما يكفل توازنا أفضل، تفاديا لمضاعفات على الصعيد الاجتماعي. وعليه، وجب التأكيد على أن السياسات المالية والجبائية المتبعة منذ 2007 كانت سببا في تفاقم الأزمة في فرنسا. وهذا الأسبوع، قامت ''ميديابارت'' بحملة جمعت فيها خبراء للمطالبة بتدقيق حسابي حول الدين العمومي، لمعرفة ما الذي قمنا باقتراضه، ولماذا وأين صرفت الأموال، وهل كانت النفقات مبررة؟ كما يجب أن نعرف الجدوى من دعم البنوك، إلى درجة أضحت فيها قوة مالية توازي قوة الدولة نفوذا وتأثيرا. فالبنك الباريسي، باريبا، برسملته يقارب الناتج المحلي الفرنسي، وبالتالي يمكن القول إن الدولة في وضع ضعيف أمام نفوذ وقوة دوائر المال، وكل ذلك يدفعنا إلى المطالبة بالحساب''. وأكد بلينيل: ''لقد دفع الفرنسيون الضعفاء والمهمشون ثمن الأزمة، ونعلم أن قرابة نصف الفرنسيين أضحى أجرهم لا يتعدى 1500 أورو شهريا، ولا زلنا نطلب من الفرنسيين اقتطاعات وتسديد ضرائب غير مباشرة، وإلغاء مناصب الشغل والإحالة على البطالة وشد الحزام، للمساهمة في دفع فاتورة الأزمة''. الخبير الاقتصادي محجوب بدة ل''الخبر'' ''ديون فرنسا تزيد ب50 مليار أورو سنويا وبنوكها مهدّدة بالإفلاس'' نبه الخبير الاقتصادي، محجوب بدة، إلى أن الاقتصاد الفرنسي يواجه أزمة هيكلية، بالنظر لتأثير أعمدته على المؤسسات الصناعية والبنوك وارتفاع الديون العمومية التي بلغت نهاية جويلية الماضي 1700 مليار أورو، أي ما يعادل 87 بالمائة من الناتج المحلي الخام، أي مجمل الثروة التي تنتجها فرنسا. ويتضاعف الدين الفرنسي بمعدل 50 إلى 53 مليار أورو سنويا، مما يجعله يصل نسبة 100 بالمائة في غضون سنتين. وأوضح الخبير الاقتصادي ل''الخبر'': ''البنوك الفرنسية تعاني من اختلال مالي، ولم تنج أهمها، بما في ذلك سوسيتي جنرال والبنك الوطني الباريسي باريبا وناتيكسيس بنك، إلا بفضل التدابير التحفيزية والدعم المقدم من قبل الدولة والخزينة. ويسعى الساسة الفرنسيون للحفاظ على ''التوازن النفسي''، من خلال تقييم مكاتب التنقيط الرئيسية ''موديز'' و''ستاندار أند بورز'' و''فيتش''، والتأكيد على سلامة الاقتصاد الفرنسي، بالقول بأن التصنيف الفرنسي لا يزال بثلاث ''أ''، أي في درجة عالية من الأمان، ولكن الحقيقة غير ذلك''، يضيف الخبير. ولاحظ بدة أن ''عدة مؤشرات أبرزتها تقارير فرنسية، منها تراجع استهلاك الأسر جراء تدهور قدرتهم الشرائية ومستويات معيشة شريحة من السكان. ففي عام 2011، تراوحت مؤشرات الاستهلاك لدى الأسر ما بين 2 ,0 إلى 6 0 بالمائة، بينما كانت توقعات الهيئات المختصة بأن النسبة ستكون 2 ,1 بالمائة، وكان الاستهلاك أقل بالنسبة للسيارات وتجهيزات المنازل والعقار، بل وحتى في استهلاك الوقود والطاقة، وهو ما يبيّن في مجتمعات استهلاكية بأن الأزمة قائمة''، مضيفا ''تعددت مظاهر الاحتجاجات والإضرابات التي فاقت منذ بداية السنة 1500 احتجاجا، وهو مؤشر على أزمة كامنة في المجتمع الفرنسي، وأغلبها ذات مطالب مهنية ومتصلة بالأجور والبطالة''. واستطرد الخبير الاقتصادي ''أكبر تحد أمام الاقتصاد الفرنسي هي المديونية التي ارتفعت ب4 ,46 مليار أورو خلال الثلاثي الثاني من السنة الحالية، وبلغت في نهاية جوان 7 ,1692 مليار أورو، ثم فاقت 1700 مليار نهاية شهر جويلية، أي 87 بالمائة من الناتج المحلي الخام. وبالوتيرة الحالية، فإن ديون فرنسا ستصل 100 بالمائة بعد سنتين، حيث كانت النسبة 3,82 بالمائة مع نهاية سنة .2010 وأما المؤشر الثاني، فيتعلق بارتفاع مديونية الدولة الفرنسية، والتي زادت ب6, 52 مليار أورو في ظرف أقل من ثلاثة أشهر ما بين أفريل وجوان .2011 وكمثال، فإن مديونية الضمان الاجتماعي الفرنسي فاقت 190 مليار أورو، بينما تجاوزت ديون الإدارات العمومية المحلية 155 مليار أورو. وأكد بدة ''الانتخابات الفرنسية جاءت في وقت عصيب لحكومة ساركوزي، رغم اعتماد سياسة تقشفية، وهو ما بيّنته ميزانية 2012 التي توقعت ارتفاع الدين العمومي إلى 5 ,85 بالمائة مع نهاية السنة الحالية، و4 ,87 بالمائة مع نهاية 2012، مع سياسات شد الحزام يدفعها دافع الضرائب الفرنسي البسيط من الموظفين والعمال''.
طوت صفحة استقلالية القرار الذي وضعه ديغول فرنسا في عهد ساركوزي تتخلى عن ''خصوصيتها'' وتعود لحضن الأطلسي أهم ما قام به ساركوزي في السياسة الخارجية مع العودة إلى حظيرة ''الناتو''، أنه وضع حدا للخط الثالث الذي أسس له الجنرال ديغول في سنوات الخمسينيات، وهو الخط الذي سمح لفرنسا بامتلاك قرارها بيدها، بعيدا عن الحسابات الأمريكية. المتتبع لمسار فرنسا في عهد الرئيس ساركوزي وموقعها على الخريطة الدولية وطريقة تفاعلها مع الأحداث، يجد بأنها تختلف عن فرنسا في عهدي شيراك والجنرال ديغول. ويتجلى تغير سياسة الخارجية الفرنسية مقارنة بما كانت عليه في العقود الماضية، خصوصا بعد قرار الرئيس ساركوزي بالإعلان عن عودة فرنسا إلى قيادة الحلف الأطلسي الذي تهيمن على عقيدته الولاياتالمتحدة، ما يجعل مواقفها الدولية خاضعة لحسابات أمريكا. وكان الرئيس السابق ديغول قرّر سنة 1966 الانسحاب من الحلف الأطلسي، وغلق قواعده ومكاتبه على التراب الفرنسي، وقام ببناء سياسة خارجية مستقلة، دعمها بامتلاك سلاح الردع النووي. لكن ساركوزي برّر عودته إلى الحلف بالقول: ''فرنسا تنتمي إلى عائلة الديمقراطيات الغربية، ودورها لا يقضي بالوقوف على مسافة واحدة من الجميع، أي في اللامكان. إن تقرّبنا من حلف الأطلسي يعزّز استقلالنا الوطني، في حين أن ابتعادنا المعلن غير المنجز عن المنظمة، يحدّ من هوامش تحرّكنا''. وإن كانت عودة فرنسا غير الرسمية إلى أحضان الحلف قد حصلت منذ 15 سنة، إلا أن باريس كان لها تميزها وقرارها الخاص بها في المسائل الدولية، ولعل موقف الرئيس جاك شيراك من قضية ضرب العراق أحسن مثال على ذلك. وهو ما جعل الكثير من الفرنسيين والعديد من رؤساء الوزراء السابقين في فرنسا ينتقدون قرار عودة فرنسا إلى الحلف، لأنه تخل عن تميز سياستها الخارجية وتنازلها عن لعب دور الوسيط الدولي، وهو الدور الذي كان يحمل المصداقية بحكم بعدها عن القرار الأمريكي المهيمن. واعتبر المنددون بأن إمكانية تأثير فرنسا على القرار الأمريكي ضرب من الخيال، كما أن السياسة الأوروبية الدفاعية والأمنية، حسبهم، لن تكون محورا موازيا يضمن استقلالية القرار الأوروبي، كما دعا إلى ذلك ساركوزي. الجزائر: رضا شنوف صاحب مقولة ''نحن لا نذبح الخراف في الحمام'' ساركوزي فجر أزمة الهوية مع ''أوباش'' الضواحي الرئيس نيكولا ساركوزي حفيد لمهاجر أجنبي، نجح في أن يصبح الرئيس السادس في تاريخ الجمهورية الخامسة، لكنه في تعامله مع المهاجرين، خصوصا العرب والمسلمين منهم، سيء للغاية. وكانت احتجاجات الضواحي في باريس عام 2005 رسالة قوية وجهها المقهورون، عندما كان ساركوزي وقتها وزيرا للداخلية. ومعلوم أن مصطلح الضواحي يطلق في باريس على العمارات والمنازل التي بنتها السلطات الفرنسية للمهاجرين وعائلاتهم، لجعلهم خارج النسيج الفرنسي. وبالعودة إلى أحداث عام 2005 التي تكررت في سنوات لاحقة، وصف ساركوزي المتظاهرين ب''الأوباش'' و''الرعاع''، الأمر الذي نقل المظاهرات إلى مناطق ومدن فرنسية أخرى، احتجاجا على الإهانة التي لحقت بهم. وقبل وصول ساركوزي إلى الحكم عام 2007 أعلن جاك شيراك عن معالم الدولة الفرنسية، في حال تم اختيار ساركوزي لقيادة البلد، لأنه ''في حال انتخاب هذا الشخص، فإنه سيضع فرنسا في مواجهة العالم، فهو أطلسي التفكير ومؤيد لجورج بوش، إضافة إلى أنه يدعم حزب الليكود''، وأضاف شيراك إن ''هذا الأمر سيؤدي إلى تغيير حاد في فرنسا''. وبالفعل، شهدت فترة حكم الرئيس ساركوزي التي تشارف على الانتهاء، حالة تشنج مع المهاجرين، خصوصا العرب والمسلمين، وتحديدا الجالية المغاربية. ومن أبرز النقاط الخلافية ما اصطلح على تسميته ب''الهجرة المختارة''، التي تعني وضع غربال لاختيار الأشخاص المؤهلين للهجرة إلى فرنسا، بعيدا عن فكرة المساواة في الفرص والحظوظ. ويرى مراقبون أن أعمال الشغب في ضواحي باريس التي اندلعت في عهد ساركوزي، عبّرت عن فشل سياسته في إدماج الجيل الثاني والثالث من أبناء رعايا مستعمراتها السابقة، رغم أنهم ولدوا وتربوا في فرنسا ويحملون الجنسية الفرنسية. ويرى آخرون أن ساركوزي الذي ارتمى في حضن اليمين المتطرف، متأثر بمنظر الإمبريالية الفرنسية ''جول فيري''، الذي قسم الشعوب والأمم إلى ''شعوب متحضرة ومتفوقة خُلقت لتقود شعوبا وأمما أخرى متخلفة وجاهلة وغير قادرة على إدارة وحكم نفسها بنفسها''. فالرئيس ساركوزي هو من قال إن ''طموح بونابرت في مصر وطموح نابليون الثالث في الجزائر لم يكن طموحاً استعمارياً، وإنما كان طموحاً حضارياً''. أما بشأن علاقته مع المسلمين، فيكفي تصريحه لقناة ''تي أف''1 للدلالة على طبيعتها، حيث قال ''في فرنسا، لا نذبح الخراف في حوض الحمام''. الجزائر: رمضان بلعمري