مازال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يتصدر الكثير من وسائل الإعلام الفرنسية والعربية، باستمراره في اتخاذ مزيد من إجراءات الضبط والردع ضد المهاجرين والفرنسيين من أصول أجنبية، الأمر الذي جعله ينتزع زمام المبادرة، ويفتك الأضواء الإعلامية من الجبهة الوطنية لليمين المتطرف بزعامة جون ماري لوبان، التي اتهمته بالسطو على أفكارها. فمنذ سنة 2002 وساركوزي يبادر بهندسة السياسة الفرنسية للهجرة بصفته وزيرا للداخلية ثم رئيسا للبلاد. فهو الذي نظّر للانتقال من الهجرة المفروضة إلى الهجرة المنتقاة على قاعدة جلب الكوادر والمواهب، وهو الذي سنّ نظام الحصص السنوية لاستقدام ما تحتاجه فرنسا من أيد عاملة مختصة، وهو الذي سنّ مجموعة من الإجراءات الصارمة للحدّ من مطالب اللجوء السياسي والالتحاق العائلي، وهو الذي قاد حملة ضد ظاهرة النقاب، وهو الذي يُعِدّ مشروعا لتحوير جملة من الفصول القانونية منها الفصول رقم 7 و38 و40 و75 في سياق إحكام تنظيم الهجرة وتأمين تحقيق الاندماج، وهو أخيرا من يلوّح بإسقاط الجنسية عن الفرنسيين المنحدرين من أصول أجنبية ممّن يتطاولون على أعوان الدولة. كان ذلك خلال خطاب ألقاه بقرونوبل في جنوب شرق فرنسا على خلفية أحداث العنف التي عرفتها المدينة إثر مقتل مواطن جزائري كان يحاول الفرار من الشرطة. إنّ مشروع الرئيس ساركوزي في إدارة ملف الهجرة، شبهه رئيس الوزراء السابق مشال روكار بنظام فيشي الفاشي وبالنازية العنصرية في استهدافه لفئة من الفرنسيين دون غيرها على خلفية أصولهم العرقية والدينية وطالب بمراجعة عاجلة، وبسياسة عادلة تنظر إلى الفرنسيين على أنهم سواسية أمام القانون، لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات، لا فرق بين فرنسي أصلي وآخر أجنبي إلا بما يلعبه من دور في تنشيط الحضارة الفرنسية. سياسة ساركوزي الخارجية.. مرآة لليمين المحافظ نشرت صحيفة لوموند الفرنسية تقريرا مطولا عن سياسة ساركوزي عقب فوزه بالانتخابات الرئاسية، وقالت في التقرير إن نيكولا ساركوزي هو أول شخصية فرنسية تتولى رئاسة الجمهورية دون أن تكون عاصرت التغيرات الكبرى التي مرت بها فرنسا في القرن العشرين كالحرب العالمية الثانية، وعملية تصفية المستعمرات الفرنسية بجانب حرب الجزائر. وأضافت عندما سقط جدار برلين قبل أقل من عقدين، كان ساركوزي يشغل منصب عمدة ''نيوي-سورسين'' ونائبا بالبرلمان عن دائرة ''أعالي السين''، وحين وقعت هجمات 11 سبتمبر ,2001 كان وزيرا للداخلية، ومن خلال هذه المنصب، أقام علاقات وثيقة مع واشنطن في إطار جهود مكافحة الإرهاب. وساركوزي، وهو ابن مهاجر هنجاري (مجري) فر من نير القمع السوفيتي لبلاده، سيكون أيضا أول رئيس دولة فرنسي ذات جذور أوروبية شرقية. والسؤال الذي طرحته لوموند في ذاك المقال هو: إلى أي درجة ستطال ''القطيعة'' المتوقعة مع سنوات حكم سلفه الرئيس شيراك ملف السياسة الخارجية رغم انتمائهما لحزب يميني واحد؟ وأجابت لقد تحدث بالفعل ساركوزي، اليميني المحافظ، عن ''تغييرات ضرورية'' في هذا الملف غير أنه أيضا ألمح إلى أنه لا يريد ''أن يقلب الطاولة'' رأسا على عقب، وهو ما تعكسه مواقفه من الملفات الخارجية التالية: ففي العلاقات مع الولاياتالمتحدة قرر ساركوزي عدم إلغاء بشكل كامل الإرث الديغولي في هذا المحور، غير أنه لا يحمل الشعور بالاستياء الشديد بل والعداء الذي كان يبديه جاك شيراك في السنوات القليلة الماضية تجاه واشنطن. وفي خطاب النصر الذي ألقاه عشية فوزه في انتخابات الرئاسة، قال ساركوزي في أولى تصريحاته إن ''الولاياتالمتحدة تستطيع أن تعول على صداقة'' فرنسا. وإذا كان قد سبق له أن انتقد الحرب الأمريكية في العراق واصفا إياها ب''الخطأ التاريخي''، فإن ساركوزي حريص على ألا تأخذ أية تباينات في المواقف بين باريس وواشنطن منحى عاطفي وانفعالي يعلي من نغمة ''الغطرسة'' التي سبق أن أشار إليها في معرض نقده للسياسة الفرنسية في الأممالمتحدة عام 2003 المعارضة في حينها للغزو الأمريكي للعراق. ومن حيث الشكل، فمقابل مصطلح ''العالم متعدد الأقطاب'' الذي رآه شيراك ملائما من أجل تحجيم نفوذ الولاياتالمتحدة، يفضل ساركوزي استخدام مصطلح ''التعددية''. أما بخصوص علاقته مع روسيا والصين فقد حدد ساركوزي كأولوية له في إطار العلاقات مع روسيا والصين، تحسين أوضاع حقوق الإنسان في هذين البلدين، بينما كان سلفه شيراك حريصا على ألا يثير هذه القضية الشائكة معهما. أما بالنسبة لبرنامج إيران النووي فساركوزي تبني خطابا أكثر تشددا، وهي نفس مواقفه بالنسبة ل تركيا التي يعارض انضمامها للاتحاد الأوربي باعتبارها دولة مسلمة. ويبرر ذلك بأنه يرجع لأسباب جغرافية تتعلق بوجود جزء من تركيا ضمن قارة آسيا، وهو ما ''يهدد الهوية الأوروبية الموحدة''، غير أن الحرص على الحفاظ على الجذور المسيحية للاتحاد الأوروبي التي سبق أن أشارت إليه المستشارة انجيلا مركيل لا يبدو غائبا عن دوافع ساركوزي، ويدعو عوضا عن انضمام أنقرة إلى عقد اتفاقيات شراكة متميزة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا. وفي علاقة فرنسا بإفريقيا، تعهد ساركوزي ب''تطوير'' السياسة الفرنسية في إفريقيا من خلال دعوته إلى ''طي صفحة المجاملات والمسلمات'' بين فرنسا وإفريقيا، كما يرفض في الوقت نفسه مبدأ إبداء ''الندم'' والاعتذار عن الأخطاء والجرائم التي ارتكبت في عهد الاستعمار الفرنسي لأفريقيا. خلاصة القول إن الخطوط العريضة لسياسة ساركوزي الخارجية لا تحمل تغيرات جوهرية إذا ما قورنت بسياسة سلفه، لكنها تحمل مؤشرات أو ملامح تظهر اقترابها أكثر من سياسة اليمين المحافظ في الولاياتالمتحدة، ومن بين هذه الملامح تبنيه لمبدأ تشديد العقوبات على كل من السودان وإيران.. وإعلائه من أهمية ضمان ''أمن إسرائيل'' دون الإعراب عن موقف مؤيد وصريح لعودة الحقوق العربية المغتصبة. وفي هذا السياق أكد ساركوزي أكثر من مرة على الأهمية التي يوليها لمسألة ''أمن إسرائيل'' الذي يتم ضمانه برأيه عن طريق إقامة دولة فلسطينية ''مستقلة وقابلة للحياة''. ويرى أنه في إطار سياسة أوروبية مشتركة -يجب تنشيطها - يجب أن تتدخل السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط. ساركوزي والعرب.. معادلة الربح والخسارة جاء ساركوزي الطموح والناشط والمثابر إلى السياسة في سن مبكرة بدأها من النشاط الطلابي وتقلد منصب عمدة أحد الضواحي الباريسية وعمره لم يتجاوز 28 سنة، ثم تقلد منصب وزير المالية وهو في الثامنة والثلاثين من العمر. وهذا ما أكسب الرجل الكثير من الخبرة والتعرف على كواليس ودهاليز السياسة الفرنسية. الخبراء أكدوا أن الجالية العربية في فرنسا عانت في ظل حكمه من قوانين صارمة ورادعة إذا أخذنا بعين الاعتبار سياسة ساركوزي إزاء الهجرة والمواقف الاستفزازية التي اتخذها قبل اعتلائه كرسي الاليزيه، فقد واجه أبناء المهاجرين في مظاهرات ضواحي باريس ووصفهم بالحثالة ووعد بتنظيف فرنسا منهم. فعلى الصعيد الداخلي لم يخف ساركوزي في العديد من المناسبات مواقفه الاستفزازية والسلبية تجاه الجالية العربية والمسلمة في فرنسا سواء تعلق الأمر بالحجاب أو بالهجرة أو حتى الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم حيث أبدى دعمه ومساندته لفكرة نشر الرسوم في إطار حرية الصحافة وحرية التعبير. أما على الصعيد الدولي فنلاحظ توجه فرنسا للانضمام في عهد ساركوزي للمحور الأميركي البريطاني وهذا ما يعني الانحياز لإسرائيل على حساب العرب، والتواطؤ مع أميركا للانفراد بقيادة العالم وهذا ما سيقضي على محور ألمانيافرنسا الذي كان موجود في عهد شيراك. أعمال الشغب في ضواحي باريس من قبل شباب المهاجرين العرب والأفارقة تعبر عن فشل فرنسا في إدماج الجيل الثاني والثالث من أبناء رعايا مستعمراتها السابقة والذين يعتبرون فرنسيين، حيث إنهم وُلدوا في فرنسا وتربوا وترعرعوا فيها ويحملون الوثائق الرسمية الفرنسية. لكن رغم الوعود والشعارات ورغم التصريحات العديدة فشل المجتمع الفرنسي في إدماج الجاليات المختلفة التي اختارت فرنسا أرضا لتعيش فيها. ففرنسا التي تدعي الحرية والمساواة والأخوة غير جاهزة وغير مستعدة لقبول الآخر وفشلت في إدماجه، رغم أنها طلبت منه أن يذوب في المجتمع الفرنسي والثقافة الفرنسية من خلال سياسة الاندماج التي فرضتها عليه. وهنا نلاحظ أن ساركوزي غير مستعد لعمل أي شيء لمعالجة هذا المشكل، بل مواقفه في عدة مناسبات تشير إلى الأسوأ. وفشله في كسب أصوات المهاجرين جعله يتجه نحو حزب الجبهة الوطنية بزعامة لوبان للحصول على أصواته رغم أن أجندة الحزين مختلفة ومتباينة. فالمتتبع اليوم لما يجري في دولة بحجم فرنسا وتاريخها ووزنها على الساحة الدولية الدولة التي عارضت الحرب على العراق، والدولة التي تتغنى بالديمقراطية وبحقوق الإنسان وبالحرية يلاحظ العنصرية والإقصاء والتهميش والفشل الدريع في عملية إدماج الآخر. فقانون ''الهجرة المختارة'' الذي ينوي ساركوزي تطبيقه، على سبيل المثال، يعبر عن النية الحقيقية لدولة لا تريد إدماج الأخر والاعتراف بالجميل الذي قدمه أبناء مستعمراتها في شمال إفريقيا وفي إفريقيا السمراء خلال السنوات الحرجة للتحرر من النازية والفاشية وبعد ذلك أثناء عملية البناء والتشييد. سياسة ساركوزي لا تخرج عن هذا الإطار مع الأسف الشديد. أهمية ملف الهجرة بالنسبة لساركوزي تُعتبر مسألة الهجرة في المسار السياسي للرئيس الفرنسي ساركوزي منذ توليه شؤون الأمن سنة 2002 ورقته الرابحة في بناء سجله السياسي، وتلبية طموحاته في تقلد أعلى مناصب الدولة الفرنسية. وقد وجد في نشوب الأزمة الاقتصادية، وفي ما كان لها من تأثيرات سلبية على الحالة الاقتصادية والاجتماعية للفرنسيين فرصته الذهبية للتصعيد ضد المهاجرين، واعتبارهم سببا في المشاكل التي تعاني منها فرنسا، فأطلق باقة مشاريع صدمت الرأي العام الحقوقي محليا ودوليا بتطرفها من أجل تحقيق عدة أهداف من بينها، افتكاك زمام المبادرة من الجبهة الوطنية العنصرية في ما يتعلق بموضوع الهجرة، لجلب أصوات مؤيديها من الناخبين، وتحسين قاعدته الانتخابية بعد الهزيمة المدوية التي لحقت بحزبه في الانتخابات الجهوية، علّه ينطلق بحظوظ وافرة في الرهان على رئاسية .2012 إلى جانب فرض جدول أعمال على الفرنسيين يتعلق بالمهاجرين، من أجل صرف أنظارهم عن المشاكل الحقيقية المترتبة عن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها فرنسا، وعجز حكومته عن وضع السياسات والحلول الملائمة لها. يضاف إلى ذلك جرّ أحزاب المعارضة إلى السجال حول معضلة الهجرة وآثارها السلبية، من أجل استنزاف طاقاتها وإضعاف قدرتها على الاقتراح، وبالتالي ضرب قاعدتها الانتخابية المتنامية، ففي الوقت الذي يُظهر نفسه مدافعا عن الفرنسيين من مخاطر الهجرة يزج بمعارضيه في زاوية الدفاع عن المهاجرين من سياسة ساركوزي. مآخذ على سياسة ساركوزي نظرا لأنّ فرنسا تحتلّ المرتبة الأولى أوروبيا في استقبال المهاجرين الذين بلغ عددهم حسب آخر إحصاء خمسة ملايين نسمة أغلبهم من دول المغرب العربي، فقد شغلت سياسة الرئيس الفرنسي ساركوزي المتعلقة بالهجرة الرأي العام الفرنسي والعربي على حد سواء، وأفرزت جملة من المآخذ لدى المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان وفي صدارتها منظمة العفو الدولية، ومن أبرز هذه المآخذ، أن فرنسا بلد ديمقراطي يحتكم إلى القانون ويحترم مبادئ حقوق الإنسان، وبالتالي ليس طبيعيا أن يجعل سحب الجنسية ضمن وسائل الردع عند ارتكاب الجنح أو الجنايات . كما أن خصّ الفرنسيين المنحدرين من أصول أجنبية بقوانين ردعية لا تطال غيرهم من الفرنسيين الأصليين، يُعدُّ إجراء تمييزيا من شأنه أن يغذي مشاعر السخط والكراهية تجاه الأجانب، ويعطي شرعية للقوى العنصرية المتنامية في استهدافهم. ويعد الربط بين المهاجرين وانعدام الأمن الذي يعاني منه الفرنسيون يقدم صورة مسيئة للأجانب، ويطمس دورهم الحيوي في بناء الاقتصاد الفرنسي، ويجعلهم مجرّد ضيوف غير مرغوب فيهم.وعليه فان الإجراءات التي يقف وراءها ساركوزي تخالف المادة الأولى من الدستور الفرنسي، التي تنص على المساواة بين جميع المواطنين أمام القانون دون تمييز بينهم لجهة أصولهم، وهي مخالفة من ناحية أخرى للقوانين الأوربية والمواثيق الدولية الراعية لحقوق الإنسان. سياسة الهجرة والأفق المسدود لئن قضى الرئيس ساركوزي ما يزيد عن ثماني سنوات في مقاربة جديدة لملف الهجرة، فإنه عجز عن تحقيق الأهداف التي رسمها، وتعرضت سياسته في الإدماج للاهتزاز بسبب الإجراءات الفوقية المتبعة في الإدماج الرامية إلى طمس الخصوصيات الثقافية، كما أن التفاعل مع المهاجرين بصفتهم ورقة سياسية مهمة يقع توظيفها باستمرار للأغراض الانتخابية والحسابات السياسية. والتمييز في المعاملة بين الفرنسيين الأصليين والفرنسيين من أصول أجنبية، وتغذية مشاعر السخط لدى المهاجرين، الاعتماد على المقاربات الأمنية في معالجة مشاكل الهجرة ومقاومة الجريمة، يعزز شعور المهاجرين بالرفض الدائم، إذ في فرنسا يُنظر إليهم على أنهم مهاجرون ولو كانوا حاملين للجنسية الفرنسية، وفي بلدانهم الأصلية يُنظر إليهم على أنهم فرنسيون يعودون إلى أوطانهم لأغراض سياحية ولو كانوا من رعاياها. وقد واجهت سياسات ساركوزي العديد من المظاهرات الاحتجاجية في أكثر من مائة مدينة فرنسية وأمام السفارات الفرنسية في عدد من العواصم الأوروبية مظاهرات تندد بسياسة ساركوزي الأمنية. كما يواجه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي حملة تعبئة قوية في فرنسا وأوروبا ضد سياسة حكومته في مجال الأمن ولا سيّما إجراءات طرد الغجر الروم، التي أثارت استنكارا دوليا واحتجاجات محلية. وأثارت المخاوف من كونها خطوة أولى بدايته كان الغجر نهايته ستصل إلى جاليات أخرى.. واقع التمييز الذي يسود فرنسا هذه الأيام يعكس أطروحة منظر الإمبريالية الفرنسي ''جول فيري'' الذي قسم الشعوب والأمم إلى شعوب متحضرة ومتفوقة خُلقت لتقود شعوبا وأمما أخرى متخلفة وجاهلة وغير قادرة على إدارة وحكم نفسها بنفسها. وقانون الهجرة المختارة وأعمال الشغب التي شهدتها فرنسا والاحتجاجات والمظاهرات مؤشرات تعكس أزمة ضمير وتعكس أزمة في العلاقات بين الشعوب والأمم والديانات والحضارات. فرغم التطور المادي والتكنولوجي الذي شهدته البشرية في العقود الأخيرة، ما زالت المنظومة الدولية تعاني من غياب التسامح والتفاهم والحوار واحترام الآخر بغض النظر عن عرقه ولونه ودينه ومعتقداته. هذا الفكر نلاحظه عند ساركوزي الذي يريد أن يطبق سياسة الانتقاء مع الجاليات المهاجرة إلى فرنسا حيث يقصي من يريد ويطرد من يريد ويحافظ على قلة قليلة حسب رأيه وهي القلة المتعلمة المثقفة والمهيأة للاندماج والذوبان في المجتمع الفرنسي.وبين هذا وذاك يدرك الملاحظ أن فرنسا لا تؤمن بالشعارات التي تروج لها وببعض المبادئ التي تقوم عليها حيث أن هناك فجوة كبيرة جدا بين شعار المساواة والعدالة وواقع التمييز الذي تعاني منه الجاليات في فرنسا. والمتتبع للحملة الانتخابية لساركوزي ولبرنامجه السياسي الي قاده إلى قصر الاليزيه يلاحظ تهميش الجالية العربية والمسلمة وعدم تخصيص الحيز اللازم لهذه الفئة في المجتمع الفرنسي. ففي فرنسا اليوم يعيش أكثر من خمسة ملايين مسلم وأكثر من أربعة ملايين من السود وأكثر من خمسة ملايين عربي. لكن هذا التنوع لا يعني الكثير لساركوزي الذي ينظر لهذه الجاليات والأقليات بعين الازدراء والاحتقار والتهميش والتمييز المنظم. فرنسا في عهد ساركوزي تكون أكثر تمييزا وعنصرية ضد العرب والمسلمين على أراضيها. معتبراً أنّها ''خطأ أخلاقي'' دو فيلبان ''سياسة ساركوزي الأمنية وصمة عار'' هاجم رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق دومينيك دو فيلبان السياسة الأمنية المعززة التي ينفذها الرئيس نيكولا ساركوزي معتبراً أنّها ''خطأ أخلاقي'' و''وصمة عار تلطخ رايتنا'' وذلك في مقال عنيف نشرته صحيفة لوموند.ودعا دو فيلبان الذي يعتبر عدو ساركوزي اللدود في اليمين الفرنسي في مقالته كلّ مواطن فرنسي إلى ''التحرك بضمير، مهما كانت سنه أو ظرفه أو مكانه، في باريس او في الريف، للتعبير بطريقته الخاصة عن رفضه هذا الانحراف غير المقبول''. وتحدث رئيس الوزراء الأسبق الذي يطمح للترشح إلى انتخابات 2012 الرئاسية عن ''واجب رفض'' السياسة الأمنية التي يطبقها ساركوزي والتي تمثلت في الاسبوع الفائت بأكثر من 200 حالة طرد لأفراد من أقلية الروم إلى رومانيا وبلغاريا.وكتب دو فيلبان «اليوم لدينا وصمة عار تلطخ رايتنا''. وأضاف ''اليوم يقع على الجمهوريين كافة في فرنسا واجب (...) مواجهة ما يهدد بتقويض فكرتنا عن فرنسا. واجب الرفض. واجب التجمع''. فبعد عدّة حوادث غطتها الصحف أعلن ساركوزي في أواخر تموز في كلمة في غرونوبل أنّ مخيمات أقلية الروم الغجر غير الشرعية ستفكك كما ستُسقط الجنسية الفرنسية عن بعض أصناف المجرمين الفرنسيين من أصول أجنبية. احتجاجا على إصلاح نظام التقاعد فرنسا تنام وتستفيق على وقع المظاهرات في العديد من المرات تعطلت الحركة في فرنسا بسبب إضراب وتظاهرات دعت إليها النقابات احتجاجا على مشروع إصلاح نظام التقاعد في اختبار كبير لسياسة الرئيس نيكولا ساركوزي، كان آخرها الخميس الماضي. وحاول الرئيس الذي تراجعت شعبيته إلى ادنى مستوياتها في فرنسا والذي أضعفه في اوروبا الجدل حول روم الغجر، التمسك بهذا الإصلاح الذي يعول عليه لاستعادة المبادرة السياسية قبل الانتخابات الرئاسية المقررة سنة .2012 وأقرت النقابات التي تأمل في تعبئة عدد اكبر من المتظاهرين الذين خرجوا الى الشوارع في السابع من سبتمبر، اليوم الاحتجاجي السابق الذي شارك فيه مليون متظاهر حسب الشرطة و2,7 مليون حسب النقابات، بأن حجم التعبئة الاجتماعية سيكون حاسما بالنسبة لمتابعة التحرك. وينص مشروع إصلاح نظام التقاعد المثير للجدل الذي يعتبر من اكبر إصلاحات الجزء الثاني من ولاية الرئيس نيكولا ساركوزي، خصوصا على زيادة سن التقاعد من ستين سنة إلى اثنتين وستين. وتعتبر الحكومة أن حمل الفرنسيين على العمل لفترة أطول على غرار جيرانهم الأوروبيين، افضل خيار لضمان تمويل تقاعدهم المقدر بنحو سبعين مليار يورو بحلول العام .2030 إلى جانب خطوات البرلمان الفرنسي هيومن رايتس ووتش تنتقد سياسات ساركوزي اعتبرت منظمة هيومن رايتس ووتش أن ''على البرلمان الفرنسي أن يرفض إجراءات قانون يخلط كل شيء حول الهجرة، وتبين انه يستهدف الغجر ويحد من حقوق المهاجرين ''بينما دانت منظمة العفو الدولية ''مشروع قانون غير مقبول في دولة القانون''. وكذلك يزيد مشروع القانون في مدة الاحتجاز الإداري من 32 إلى 45 يوما كحد أقصى، وينشئ حظرا على العودة إلى فرنسا ويسهل إقامة العمال الأجانب من أصحاب الكفاءات العالية ويجعل منح الجنسية خاضعا إلى التوقيع على ''ميثاق حقوق وواجبات المواطن''.