اعلن امس الجمعة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في مدينة ''دوي'' المعروفة بمصانع سيارات ''رونو'' عن خطة مالية واسعة لإنعاش الاقتصاد الفرنسي الذي يعاني منذ بداية الأزمة المالية العالمية من ركود ملحوظ. المخطط الذي بلغت تكلفته 26 مليار يورو يرتكز على دعم قطاعات معينة تعتبر إستراتيجية بالنسبة إلى الاقتصاد الفرنسي على رأسها قطاع صناعة السيارات الذي يشغل حوالى 10 في المئة من اليد العاملة النشيطة في فرنسا وأكثر من 202 ألف وظيفة غير مباشرة، حيث إقترح الرئيس الفرنسي منح مكافأة مالية لمن يشتري سيارة جديدة من ماركة فرنسية بقيمة 1000 يورو وهذا بغية تنشيط الطلب على هذه المنتجات لتخفيض معدلات البطالة المتزايدة والتي بلغت في آخر الاشهر من سنة 2008 نسبة 7,7 بالمئة، فقرر ساركوزي إعفاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من الضرائب في حالة توظيف عمال جدد، وتسديد ديون الدولة لكل المؤسسات البالغة لحّد الآن 11 مليار يورو. كما رّكز الرئيس الفرنسي على قطاع البناء الذي قال إنه ''قطاع نشيط وحيوي في فرنسا وعلينا مساعدته لأن الركود ليس بسبب تقصير منه وإنما بسبب وقوعه ضحية لأزمة عالمية تعصف بالعالم أسره''. وللحدّ من انكماش حركة الطلب على شراء مساكن جديدة قرر ساركوزي مضاعفة نسب المستفيدين من القروض التي تساوي نسب فائدتها الصفر في حالة شراء مسكن جديد ووعد بمعاقبة البنوك التي تمتنع عن منح القروض وتسهيل الإجراءات الإدارية على جميع شركات البناء. كما أن جانب التكافل الاجتماعي كان له أيضًا حصّة الأسد في خطة ساركوزي، حيث لوحظ منذ مدة تدهور القدرة الشرائية للعديد من الأسر البسيطة وتفاقم مشكلة نقص السكن الاجتماعي، ولهذا فقد تّم الإعلان عن بناء 100 ألف مسكن اجتماعي للأسر ذات الدخل البسيط في ظرف سنتين، ساركوزي وعد هذه الأسر نفسها بمكافأة مالية إضافية بمناسبة أعياد الميلاد بقيمة 200 يورو. ساركوزي تحدث أيضًا عن قيام عدة مشاريع استثمارية جديدة لضخ عجلة النمو والنشاط في الاقتصاد الوطني من جديد، كالمشروع الضخم الذي سيتم بموجبه بناء 4 خطوط للقطارات السريعة أهمها خط سيصل بين مدينة ليون وتورينو الإيطالية، وهي أول مرة يتّم فيها الشروع في بناء أربعة خطوط في وقت واحد. الخطة التي ركز فيها سركوزي على تشجيع الاستثمار بدل تشجيع الاستهلاك كما فعل نظيره البريطاني ''غوردن براون'' بتخفيضه لنسب الضرائب على القيمة المضافة لاقت استحسان أوساط كثيرة لكن الكلّ اتفق على أن مفعولها لن يكون سريعًا ولن يكون ناجعاً ضد الأزمة، وأنها لن تنفع سوى للتخفيف من وطأة الركود وتبعات الأزمة الإقتصادية، لكن الأخطر من هذا أن مثل هذه المشاريع ستزيد من مديونية الدولة بأكثر من 15 مليار يورو، علمًا أن فرنسا تعرف أعلى نسب المديونية في أوروبا وهو سبب رفض ألمانيا تبّني مثل هكذا مشروع لغاية الآن.