استفاقت العاصمة الفرنسية، صباح أمس، على وقع حادثة حرق مقر جريدة ''شارلي إيبدو'' الأسبوعية السياسية الساخرة، حيث أفاد الأمن الفرنسي أن مجهولين ألقوا بزجاجات المولوتوف من النوافذ ما تسبب في إتلاف الطابقين الأرضي والأول من مقر الجريدة. وقد اتجهت الأنظار مباشرة إلى الجالية المسلمة، فيما أسماه الإعلام الفرنسي ''انتقام الإسلاميين المتطرفين''. اعتبر القائمون على الجريدة أن هذه الحادثة جاءت إثر قرارها تخصيص عددها الأسبوعي الصادر أمس للسخرية من التيارات الإسلامية السياسية، من خلال إعلان منح رئاسة تحرير العدد الرمزية لرسول الإسلام، إذ أوردت في العدد رسما كاريكاتوريا للرسول مع عبارة: ''مئة جلدة إن لم تموتوا من الضحك!''، بالإضافة إلى توقيع افتتاحية العدد باسم الرسول. وبالرغم من أن القائمين على الجريدة أكدوا أن نيتهم لم تكن الاستفزاز بقدر ما كانت رغبة في تسليط الضوء على صعود التيارات الإسلامية في كل من تونس وليبيا، إلا أن مسلمي فرنسا اعتبروا موقف الجريدة استفزازا آخر لهم عشية الاحتفالات بعيد الأضحى. وسارعت الطبقة السياسية الفرنسية إلى إصدار البيانات المنددة بحرق مقر الجريدة، إذ عبّر رئيس الوزراء فرنسوا فيون عن استنكاره للحادثة، مطالبا بفتح تحقيق فوري للكشف عن الفاعلين، مشيرا في ذات السياق إلى أن: ''حرية التعبير قيمة ثابتة في ديمقراطية فرنسا لا يمكن بأي حال من الأحوال المساس بها''. من جهته لم يتوان جون فرانسوا كوبي، الأمين العام للحزب الحاكم، في وصف حرق مقر الجريدة: ''بالعملية الإرهابية التي لا يمكن السكوت عنها، خاصة أنها حدثت في دولة تجعل من حرية التعبير قيمة مقدسة''. تأتي هذه التطورات في الوقت الذي تؤكد فيه أوساط من الجالية المسلمة أن ما قامت به الأسبوعية الساخرة استفزاز آخر، على اعتبار أنها ليست سابقة، إذ قامت بنشر الرسوم الدنماركية التي اعتُبرت إساءة للإسلام سنة 2006، ما جعل جمعيات إسلامية ترفع دعاوى قضائية ضد الجريدة.