تحديد سقف السحب مكّن من توفير مليار في كل مكتب تسببت إدارة بريد الجزائر بقرارها الأخير والمتمثل في تحديد سقف للمبلغ المالي الذي يتم سحبه والمقدر ب40 ألف دينار، في ترسيخ ثقافة تخزين المال في البيت لدى المواطنين، بعدما عجزت المكاتب البريدية عن توفير السيولة النقدية في الأيام العادية دون الحديث عن المناسبات المهمة (تاريخ تسلّم الأجور، منح التقاعد، والأيام التي تتزامن مع حلول المناسبات الدينية والوطنية). قررت إدارة بريد الجزائر، أول أمس، فتح مكاتب البريد نهار اليوم الجمعة من الساعة الثامنة صباحا إلى منتصف النهار. وأوضح بيان بريد الجزائر أنه ''وترقبا للطلب الكبير على السيولة النقدية في هذه الفترة من الاستحقاقات منح التقاعد ودفع الأجور عشية مناسبة أول محرم، ومن أجل التمكن من امتصاص التدفق الذي سيسجل، واستجابة لتطلعات زبائننا، فإن المديرية العامة لبريد الجزائر قررت فتح شبابيكها أمام الجمهور خلال يوم الجمعة''. ويأتي هذا القرار أياما فقط بعد صدور قرار تحديد سقف جديد للمبلغ الذي يتم سحبه والمقدر ب40 ألف دينار، والذي أثار استياء العديد من الزبائن التقيناهم أمس بمراكز بريدية بالعاصمة، حيث لم يهضم حميد، وهو تاجر أحذية ببلدية الجزائر الوسطى بالعاصمة، الإجراء الاستثنائي الذي لجأت إليه إدارة بريد الجزائر قائلا: ''كيف يمكنني أن أسحب 20 مليون سنتيم لدفع مستحقات متعاملين''، وأقسم أمامنا بأنه سيغلق حسابه البريدي ويفتح آخر في بنك خاص لوضع حد لوجع الرأس، كما قال لنا أمس، داخل مقر مكتب بريدي بالأبيار. أما سيدة أخرى فاعتبرت في حديثها إلينا تعليمة بريد الجزائر ب''غير المنطقية قائلة'': ''كيف أُمنع من سحب أموالي.. هذا غير معقول''، لتضيف ''أنا مقبلة على شراء سيارة وأنا بحاجة اليوم إلى سحب 30 مليون سنتيم''. أما موظف آخر وجدناه في مكتب بريدي بحيدرة فقال ''أنا مضطر للعودة إلى هذا المكتب الأحد المقبل لسحب مبلغ 80 ألف دينار على دفعتين.. وأنا أفكر في فتح حساب بنكي، لأن مشاكل البريد في بلادنا لا تنتهي.. كيف يعقل أن نوفر سيولة بحرمان الناس من سحب أموالهم''. لكن وخلال الجولة التي قمنا بها عبر بعض المكاتب البريدية، أكد لنا بعض الموظفين أن إجراء بريد الجزائر القاضي بتحديد سقف المبلغ المالي الذي يتم سحبه بمكاتب البريد من 20 إلى 27 نوفمبر الجاري مكنهم من توفير سيولة نقدية تقدر بنحو مليار سنتيم في كل مكتب بريدي، من ضمن ثلاثة ملايير سنتيم تسحب يوميا من المراكز البريدية. لكن الموظفين وقابضي مؤسسة البريد لم يتوقفوا عند هذا ''الإنجاز''، بل حذروا من هذا الإجراء كونه يدفع زبائن المؤسسة للجوء إلى إيداع أموالهم في مؤسسات مصرفية وبنكية، في وقت هدد الكثير من التجار باكتناز أموالهم في منازلهم تفاديا للسقوط في فخ ندرة السيولة على مستوى المكاتب. وقال قابض بريدي بأحد مكاتب بريد الجزائر بالعاصمة في حديث ل''الخبر'' إن إجراء المديرية العامة لبريد الجزائر مجرّد ''مسكّن'' لتوفير السيولة النقدية بشكل مؤقت فقط، لكن ينجم عنه عواقب تمس بثقة الزبون في بريد الجزائر، إذ لا يعقل، يقول هؤلاء، أن يتقدم موظف أو تاجر كل 48 ساعة لسحب أمواله بعد ما كان يتنقل إلى المكتب البريدي مرة في الشهر. كما ورّط هذا الإجراء المعنيين بسحب مخلفاتهم المالية التي تتراوح بين 15 و40 مليون سنتيم، حيث يتعين عليهم الانتظار إلى بداية شهر ديسمبر المقبل لتقديم طلب سحب أموالهم.