بلهجة بدت ''حادة''، طالب رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بمنع إقرار قانون يعاقب إنكار وقوع ''الإبادة الأرمنية''، لما استشعر ''رغبة'' فرنسية ملحة تنحو إلى محاولة ل''شنق'' تركيا على حبل التاريخ، تقابلها رغبة باريسية شديدة في ''إنكار'' جرائمها الاستعمارية في الجزائر. واستبق أردوغان الزمن، وراسل الرئيس الفرنسي بصورة ''مستعجلة'' وطالبه بمنع تبني قانون يدين إنكار أنقرا لما تصفه باريس بجرائم ارتكبت في حق الأرمن. خرجة رئيس الوزراء التركي تدل على أن هناك نقطة ''لارجوع'' من الجانب الفرنسي، حيال مشروع القانون، عبّر عنها برسالة إلى نظيره ساركوزي أول أمس، أورد فيها أن ''اتخاذ البرلمان الفرنسي هذا الإجراء سيؤثر سلبا في العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية مع فرنسا''. وتابع في رسالته ''آمل بأن تفوا بتعهدكم إفشال المبادرات من هذا النوع، ومنع الخطوات التي يمكن أن تؤدي إلى عواقب لا يمكن إصلاحها''. ويأتي عزم باريس على إدانة ما تسميه ''الإنكار التركي'' حيال ''قضية الأرمن'' في وقت تصعد فيه لهجتها إزاء مطلب جزائري قديم- جديد، جعل من العلاقات الجزائرية الفرنسية تترنح من حوله، بتصريحات جزائرية تطالب بتجريم الاستعمار والاعتراف بجرائم فرنسا الاستعمارية، والاعتذار والتعويض عنها، وفي الوقت الذي يطالب فيه الفرنسيون تركيا ب''الاعتراف'' بمذبحة الأرمن، وتسعى لسن قانون ''خارجي'' يدين تنكر أنقرا للمذبحة، تقر قانونا ''يمجد الاستعمار'' عنيت به الجزائر أكثر من غيرها، وصمّت باريس آذانها لاحتجاجات جزائرية، رسمية وغير رسمية، حيال القانون الذي أصدرته الجمعية الوطنية الفرنسية في 23 فيفري من عام ,2005 وأضافت باريس ''توابل'' لهجمات سياسية تولاها مسؤولون فرنسيون ''سخروا'' من مطلب جزائري، ''يعاقب الأبناء على ما ارتكبه الآباء''، كما عبّر عن ذلك الرئيس نيكولا ساركوزي، لما زار الجزائر سنة .2007 ولم يكن حال الجزائر كالحال التركي في نقطة التقاطع هاته، بينما ''عمّر'' المطلب الجزائري طويلا واتخذ مسارا كان مآله الفشل بقرار، تقول الأسرة الثورية إنه رسمي، عزا إلى نواب الغرفة السفلى، إعادة مشروع قانون تجريم الاستعمار إلى الخزانة، رأى رئيس الوزراء التركي غير ذلك، وإذا كانت الجزائر هي ''حاملة المطلب'' ولم تفرض على الطرف الآخر الاستجابة له، فإن تركيا التي تواجه هي المطلب، وبقرار رسمي، قارعت فرنسا ووجهت لها ما يشبه ''تحذيرا'' من تبني مشروع قانون يدينها. وعبّر أردوغان عن ذلك بالقول إن مشروع القانون المقترح في فرنسا يستهدف تركيا وشعبها وجاليتها في فرنسا، ''لذا سنعتبره عملا معاديا''. مع العلم أن العلاقات بين فرنسا وتركيا تشهد حقبة من الاستقرار سمحت بتعزيز قدرات التعاون بينهما على الصعيدين الثنائي والدولي. ومع ذلك، لم تخضع المسألة الأرمينية لترنحات من الطرفين، ولم تستخدم في ميزان القوى بينهما، كما حدث بين الجزائر وباريس، بتعبير الممثل الشخصي للرئيس بوتفليقة، عبد العزيز بلخادم، أن مسألة تجريم الاستعمار وتعاطي الطرفين معها، يخضع لعوامل ظرفية، ترتبط بملفات الشد والجذب، عكس ما تراه المنظمات المدافعة عن القانون.