شنَّ رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان هجومًا على الرئيس الفرنسي اليهودي نيكولا ساركوزي وطالبه بأن يحتفظ بنصيحته لنفسه، وذلك على خلفية دعوة ساركوزي لتركيا للاعتراف بإبادة الأرمن، ولا يتردد المسؤولون الأتراك في تذكير فرنسا بجرائمها في الجزائر للإشارة إلى ازدواجية مواقف (ساركو) ومن معه·· يحدث هذا في الوقت الذي "يجامل" بعض أبناء جلدتنا رئيس فرنسا ويدعون إلى طي صفحة الماضي الأليم دون اعتراف أو اعتذار· تصريحات أوردوغان التي هاجم فيها ساركوزي، داعيا إياه بالاحتفاظ بنصيحته لنفسه، تنسجم تماما مع تصريحات وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو الذي رد بقوة على تصريحات ساركوزي، معربًا عن استيائه من هذه التصريحات واعتبرها تصعيداً للعلاقات المتوترة بين البلدين· وقال أوغلو: (يجب على هؤلاء الذين يقولون بذلك أن ينظروا في المرآة) في إشارة إلى لزوم صمت ساركوزي وعدم خوضه في هذه القضية لأن ماضي بلده أسود مشيرًا إلى مجازر فرنسا في الجزائر·من جهته، قال أردوغان، خلال اجتماع لكتلة حزب العدالة والتنمية البرلمانية في أنقرة: (إنَّ الرئيس الفرنسي أعطَى بعض النصائح لتركيا في حركة يستثمرها في الانتخابات، عليك أنت ساركوزي أن تعطي نفسك هذه النصيحة أولا)، مضيفًا: (لا يمكن لزعيم سياسي أن يكون ذَا وجوهٍ كثيرةٍ)· وأشار أردوغان إلى أن ساركوزي يستخدم خطابًا مختلفًا في فرنسا وأكثر اختلافًا في أرمينيا ومختلفًا تمامًا في تركيا، وأنه خطابه مزدوج وثلاثي ورباعي، مشددا على أن النزاهة ضرورية قبل كل شيء في السياسة· وقال أردوغان: (يعيش 600 ألف من الأرمن و500 ألف تركي في بلدك، لك علاقات مع تركيا، لكن إذا لم يكن بإمكانك أن ترَى الصورة الكبيرة وتتخذ مثل هذا الموقف لمجرد أن الإمكانات الاقتصادية لهاتين المجموعتين مختلفة، فأنا آسف· لكن تركيا ليست لقمة سائغة، إنّ على رجل الدولة أن يتصرف بالنظر إلى الأجيال المقبلة وليس للانتخابات المقبلة)، وأكد أنه ليس لتركيا أجندة مخبأة في المنطقة، وأن البقاء ضمن إطار القيم التركية أمر ضروري لمصالحها الوطنية، وأن المنطقة تمر حاليًا بتطورات تاريخية سترسم المستقبل، وقال: (أنقرة تعمل من أجل السلام والاستقرار، وستواصل طريقها بما يتناسب مع مبادئها ومصالحها الوطنية ومن دون أية تنازلات). وكان ساركوزي قد أدلى بتصريحات أثارت ردود فعل شديدة في تركيا خلال زيارته إلى أرمينيا في الأسبوع الماضي، حيث دعا تركيا إلى الاعتراف بأن مذبحة الأرمن في عام 1915 كانت إبادة وهدد بأن فرنسا ستقر قانونًا يعتبر إنكار هذه المذبحة جريمة· وطلب ساركوزي الذي كان يزور نصبًا تذكاريا ومتحفًا لضحايا المذبحة في يريفان عاصمة أرمينيا مع الرئيس سيرج سركسيان من تركيا التي تسعى للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي مواجهة ماضيها· وقال للصحافيين (إبادة الأرمن واقع تاريخي، الإنكار الجماعي أسوأ من الإنكار الفردي)، وتابع قائلاً: (تركيا وهي بلد عظيم ستحترم نفسها إذا راجعت تاريخها مثلما فعلت الدول العظيمة الأخرى في العالم)، وأضاف: (سأمهل تركيا حتى نهاية العام الجاري للاعتراف بالمذبحة، وإلا فسأسعى إلى تمرير قانون معاقبة إنكار المذبحة ضد الأرمن من مجلس الشيوخ)· ورفض وزير الشؤون الأوروبية التركي ايغيمين باغيس تصريحات ساركوزي، وقال خلال زيارة إلى ساراييفو: إنه حري بساركوزي أن يهتم بإخراج بلاده من أزمتها الاقتصادية بدلاً من لعب دور المؤرخ بشأن (المسألة الأرمينية)· وتنفي تركيا أن يكون مقتل الأرمن في عام 1915 إبادة· وتقول: (إن الأرمن المسيحيين والأتراك المسلمين لاقوا حتفهم بأعداد كبيرة عندما انهارت الخلافة العثمانية)·