بعض الدول أرادت ضرب الثورة الإيرانية بمصاحف مختلفة نسبتها للشيعة اعتبر الدكتور محمد رضا د هشيري، مساعد رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية الإيرانية، لدى نزوله ضيفا على ندوة ''الخبر''، رفقة حسن أمينيان، المدير العام للمنظمات الدولية في رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية، بإيران، أن التوتر الذي نشهده اليوم بين المذهب الشيعي والسني، ناتج عن بعض الأعمال التي تقوم بها بعض الدول العربية، مضيفا: ''لاحظنا في المدة الأخيرة أن بعض الدول تريد النيل من الثورة الإيرانية، فقامت بطبع مصاحف سميت بمصاحف الشيعة وأرادت أن تثبت أن قرآننا مختلف''. رفض الدكتور محمد رضا دهشيري، مساعد رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية الإيرانية، إطلاق تسمية ''الربيع العربي''، أو ''ثورة الياسمين'' على الثورات العربية، معتبرا إياها تسميات فرضها الغرب حتى يتسنى له توجيه التغيير نحو خدمة التوجه الرأسمالي بعد إسقاط الديكتاتوريات العربية، وفضل أن يطلق عليها تسمية الصحوة الإسلامية أو ثورات الكرامة. قال دهشيري: ''عندما نتكلم عن ما يسمى بالثورات العربية، نجد عدة مصطلحات، هناك أطراف يسمونها ''الربيع العربي''، وهؤلاء يريدون تشبيهها بربيع براغ في تشيكوسلوفاكيا، حيث حاول المناهضون للشيوعية الارتباط بالنظام الرأسمالي، وهذا ما يجري مع الثورات العربية حاليا. إنهم يريدون ربطها بفكرة الربيع حتى يتسنى لهم الترويج لنظام ليبرالي في العالم العربي بعد إسقاط الأنظمة الديكتاتورية ''. أحسن تسمية للثورات العربية هي الصحوة الإسلامية وعن التسمية التي تريدها إيران لهذه الثورات، قال الدكتور دهشيري: ''إنها ثورات الكرامة وليست ثورة الياسمين مثلما يسمون الثورة التونسية مثلا، التي أرادوها أن تكون شبيهة بثورة أوكرانيا التي سميت بالثورة ''البرتقالية''. إنها ثورة الكرامة وإعادة العزة للشعوب العربية، وهي ثورات ضد الفساد والديكتاتورية. وهذه الثورات هي مقاومة الشعب ضد الفساد وضد الصهيونية. ونعتقد أنها عبارة صحوة للشعوب العربية التي أرادت أن تعود إلى التعاليم الإسلامية. لهذا نحن نعتقد أن أفضل تسمية لهذه الثورات هي الصحوة الإسلامية، وليس ''ثورة الياسمين''، أو ''الربيع العربي''، أو كما يروّج الإعلام الغربي عودة للهوية الوطنية. نحن نرى أنها عودة للهوية الإسلامية في الاقتصاد والسياسة والمجتمع''. وعن سؤال حول حقيقة تشجيع الثورة الإيرانية للمد الشيعي في العالم العربي، قال ضيف ''الخبر'': ''إن أساس الثورة الإسلامية الإيرانية هو اعتبار الدين الإسلامي كمصدر للتذكر، وهذا لم يقم على التفرقة، بل راعى مسألة الوحدة والانسجام بين الأمة الإسلامية. وما طرح سابقا بخصوص تصدير المدّ الشيعي في العالم العربي، ضمن ما يطلق عليه ''الهلال الشيعي''، عبارة عن مشروع غربي يريد التقليل من قيمة وإنجازات الثورة الإيرانية. فالغرب ما يزال يقدّم الثورة الإيرانية كثورة مضادة للحضارة، وما يزال يقيسها بمقياس التضاد بين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية، فيعرفون الثورة الإيرانية بالثورة المتطرفة''. وأضاف: ''هذا التوتر الذي نشهده اليوم بين المذهب الشيعي والسني، ناتج عن بعض الأعمال التي تقوم بها بعض الدول العربية، ولاحظنا في المدة الأخيرة أن بعض هذه الدول تريد النيل من الثورة الإيرانية فقامت بطبع مصاحف سميت بمصاحف الشيعة، وأرادت أن تثبت أن قرآننا مختلف. إنهم يريدون تشويه وجه الشيعة، لأنه مذهب قام على أساس الاجتهاد، وبإمكانه التوفيق بين الحداثة والدين''. ويعتقد الدكتور محمد رضا دهشيري أن بعض الدول العربية سعت إلى تقديم الثورة الإسلامية على أنها ثورة شيعية، نظرا للمخاوف التي بدأت تنتابها من الرسائل التي كانت تبعثها الثورة الإيرانية. موضحا: ''لقد كانت رسالتنا الجمع بين الديمقراطية والإسلام. نحن لا نملك نموذجا واحدا للديمقراطية، نعتقد أنه يوجد عدة نماذج للديمقراطية الإسلامية، تتأقلم وفق المعايير الاجتماعية لكل مجتمع. لا نريد الترويج لنموذج معيّن، ما نريد الوصول إليه هو التأكيد أن الديمقراطية تتماشى مع الإسلام''. وبخصوص واقع تعامل الثورة الإيرانية مع حرية الإبداع والرأي، قال دهشيري: ''لقد سعت الثورة الإيرانية إلى إيجاد تحوّل كبير وتغيير في الآداب وأعطت له وجهة ذات معنى قوي. والجمهورية الإسلامية لا تمنع سوى الكتب التي تروّج للفساد الأخلاقي وتبتعد عن الدين. الحداثة في الغرب قتلت الإله، وما بعد الحداثة قتلت الإنسان، واليوم نجد أن الإنسانية تبحث عن بديل حضاري، ونحن نعتقد أن الإسلام هو هذا البديل الذي يخرج الإنسانية من متاهات الحضارة المادية. وعندما نقول الدين، فإننا نعتبر أن الدين هو مسألة عالمية، وكل المدارس وأصحاب النظريات المادية ابتعدت عن الأصل المعنوي، ونحن نبحث عن ما يجمع بين الاثنين، والدين هو الجامع بيننا''. وبخصوص نظرته لواقع العولمة، قال ضيف ''الخبر'': ''تحاول العولمة أن تفرض نظرة واحدة، بينما الإسلام يقبل بالتعددية مع إعطائها المعنى الذي يحقق التوازن بين الروح والمادة. لهذا السبب يلعب الدين دورا أساسيا لتقريب العالم الإسلامي ويعطيه قوة أساسية على المستوى الدولي''. السينما الإيرانية تطورت في عهد نجاد أكثر من زمن خاتمي قال حسن أمينيان، المدير العام للمنظمات الدولية في رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية بإيران، إن كل الإرث الفكري والثقافي المتعلق بالأشخاص والمفكرين والمثقفين قبل الثورة الإسلامية، لا زال قائما حد الساعة وحاضرا في الكتابات الأدبية والأعمال الفنية والسينمائية والمسرحية، مردفا ''ما ورثناه عن الماضي باق كما هو، بل تمت تقويته أكثر وأكثر بعد الانقلاب''. وأضاف حسن أمينيان أن الثورة الإسلامية لم تكن قط ضد الأشخاص والمفكرين والأدباء ولا المبدعين، بل أتت لتعارض وتقف في وجه الظلم والاستبداد. وعاد المتحدث للتأكيد على المحافظة على الإرث الأدبي السابق، واستدل بتأسيس عدة منظمات ثقافية ناشطة للمحافظة على الميراث الأدبي والفكري والثقافي، إلى جانب البرنامج المسطر من قبل قائد الثورة الإسلامية أحمدي نجاد كل سنة، على حد قوله، إذ يقيم اجتماعات مع كبار المفكرين والمثقفين والفنانين بمختلف مشاربهم، لتقديم التوجيهات والإرشادات، من أجل تقوية المجال. ورفض محمد رضا دهشيري، مساعد رئيس رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية بإيران، القول الذي يؤكد أن الفنانين الإيرانيين استغلوا فترة الانفتاح تحت حكم الرئيس محمد خاتمي استغلالا جيدا، في مزيد من الإبداعات الفنية، بيد أن تشدد السياسة الثقافية الكامنة في روح الجمهورية الإسلامية، لاسيما في عهد الرئيس أحمدي نجاد، بات يهدد بتقويض إنجازات الفترة السابقة. وأوضح ''تلاحظون أن إنتاج الفيلم الإيراني أخذ بعدا آخر، وعرف تطورا كبيرا، ووصلنا إلى تصديره إلى باقي الدول''. وأعطى رضا دهشيري دليلا على الانفتاح الذي يعيشه الفنان والمثقف الإيراني، حاليا، بالقول ''أغلب السينمائيين حصدوا جوائز مهمة في مهرجانات دولية في الفترة الراهنة، فنحن لم ننسحب قط، وهي في الفترة الحالية أحسن من وقت محمد خاتمي، وهي في تقدم مستمر''. ويرى محمد رضا دهشيري أن السينما الإيرانية استطاعت التوفيق ما بين الحداثة والدين، والجمع بينهما، مضيفا '' حينما جاء آية الله الخميني إلى إيران قبل الثورة، قال ''نحن لا نخالف السينما، ولكننا ضد الفساد والفحشاء''، وبذلك نمت صناعة الفيلم الإيراني. ''الإسلاميون'' أعطوا ذريعة للغرب لتشويه وجه الإسلام لا يرى حسن أمينيان أن تعدّد المرجعيات من إيران إلى العراق، وبين قم وكربلاء والنجف، يؤثر على التفسيرات الدينية والاجتهاد في المذهب الشيعي، ''نحن في الشيعة ككل لا نجد اختلافا في الأصول والعقائد، بل ربما نجده في العادات والتقاليد، لذا نركز أكثر على حرية البيان، والعقيدة والوحدة''. ودعا الدكتور دهشيري إلى إعطاء الإسلام الديناميكية اللازمة، للتخلص من الصورة المروّجة عنه من قبل الإعلام الغربي، الذي أراد، حسبه، الترويج ل ''الاسلاموفوبيا'' للتخويف من الإسلام، بتعريفه دينا متسلطا ومتطرفا. وأضاف المتحدث ''باب الاجتهاد في الإسلام مفتوح، مع الأسف بعض المتطرفين ويسمونهم ''الإسلاميون'' أرادوا تشويه وجه الإسلام، وأعطوا الغرب الذريعة ليتهموا الإسلام بالتطرف والجمود، لذا علينا إعطاءه الصورة الحقيقية، بتعريف الحضارة الإسلامية المتجددة''. مستعدون لفتح باب الحوار حول قضية تجسيد الأنبياء في الأفلام رغم الجدل الكبير الذي أثارته الأفلام الإيرانية المتعلقة بتجسيد الأنبياء وأهل البيت، في العالم العربي، إلا أن حسن أمينيان لا يجد مبررا منطقيا لذلك، ويفسر ''كما تعلمون، فإن لكل مذهب في الدين الإسلامي عقائد تميزه عن المذهب الآخر، ونحن نعطي أهمية بالغة للحوار أكثر من شيء آخر''. وأكد المتحدث ''نحن مستعدون لفتح باب الحوار مع من لديه وجهة نظر تخالف وجهة نظرنا في هذا الخصوص، فإن أقنعونا ورأينا أننا غير صائبين فيما نقوم به سنتركه، وإن حدث العكس فسنستمر في إنتاج أفلامنا، فعلماؤنا والمجتهدون في الجمهورية الإسلامية أعطونا إجازتهم في هذا المجال''. وشدد المتحدث على أن كل ما هو ''خط أحمر''، أي كل ما من شأنه معارضة التعاليم الدينية السمحاء، لا يمكنه الحصول على إجازة ولا ترخيص، والشأن في ذلك شأن الأفلام المعارضة للنظام الإيراني، وحتى وما يتعلق بتأليف الكتب الفكرية، ووسائل الإعلام، مردفا ''أعتقد أن الأمر سواء مع كل البلدان، حتى خارج جمهوريتنا، فلو أنتج فيلم ضد الجزائر فلا يمكن للجمهورية الجزائرية السماح به''.