أعلنت حركة مجتمع السلم ''حمس'' أمس انسحابها من التحالف الرئاسي وفك رباطها بحزبي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، مقررة في الوقت نفسه الإبقاء على أعضائها في الحكومة. ودعت الحركة في البيان الختامي الذي توج أشغال الدورة العادية لمجلس الشورى الوطني مناضليها وأنصارها إلى ''مواصلة التحضير للاستحقاقات القادمة، من أجل تثمين منجزاتها المحققة خلال سنة 2011 وتدارك النقائص المسجلة''، كما دعت ''كل الجزائريين والجزائريات إلى الانخراط في العملية السياسية بما يحقق الإصلاحات المنشودة''، من اليقظة والتواصل مع مشروع الحركة''، مثمنة بالمناسبة ''الضمانات التي قررها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة فيما يخص نزاهة وشفافية الانتخابات القادمة وتعزيز مفهوم الرقابة القضائية بأدوات قانونية صارمة''، ومطالبة في سياق متصل بتشكيل حكومة تكنوقراطية لتسيير الانتخابات. وفي حين قرر مجلس الشورى لحركة ''حمس'' الإبقاء على وزراء الحزب في الحكومة، أعلن في المقابل عن قرار الانسحاب من التحالف الرئاسي الذي كان يجمعه منذ 16 فيفري 2004 بكل من ''الأفلان'' و''الأرندي''. وكان رئيس الحركة السيد أبو جرة سلطاني قد لمح في افتتاح أشغال مجلس الشورى يوم الجمعة الماضي إلى أن سنة 2012 ستكون بالنسبة لحركة مجتمع السلم ''سنة التنافس وليس التحالف''، مشيرا صراحة إلى أن ''الاستمرار في التعاطي مع التحالف بهذا المستوى الأفقي هو استمرار في الرداءة السياسية التي لن تخدم الوطن ولن تقدم جديدا للمواطن''، كما أوضح المتحدث بأن حركته ''تتطلع إلى المنافسة على المراتب الأولى وأنها تحتاج لتجسيد ذلك إلى ''تحرير خطابها من عقدة الازدواجية''، معتبرا ما قامت به الحركة حتى ظل التحالف كان ''واجبا وطنيا قائما على اجتهاد سياسي موفق لمرحلة المصالحة الوطنية، فيما تغيرت الأولويات- حسبه- اليوم، ''وصار الواجب الوطني يدعو إلى المرابطة على ثغرة الاصلاحات السياسية كأولوية لتكريس دولة القانون''. وبالنسبة للعديد من المتتبعين، فإن قرار انسحاب ''حمس'' من التحالف الرئاسي لم يكن مفاجئا بالنظر إلى المواقف المعبر عنها مؤخرا من قبل قيادات الحركة وبرلمانييها، ولا سيما فيما يتعلق بملف الإصلاحات السياسية التي بادر بها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز مطلع سنة ,2011 وقد تجلت بوادر الخلاف مع حليفي الحركة في الحكومة في رفض نوابها للصيغ النهائية التي تضمنتها القوانين المتصلة ببرنامج الإصلاحات، حيث لم يتوان نوابها في التصويت ضد بعض هذه القوانين على غرار قانون الأحزاب السياسية الذي صوت نواب الحركة ضده، فيما امتنعوا عن التصويت على غالبية القوانين الأخرى متهمين حلفاؤهم في التحالف ب''تفريغ إصلاحات الرئيس من محتواها''، كما كانت مسألة انسحاب الحركة مطروحة خلال الدورة السابقة لمجلس الشورى، غير أنها أجلت إلى الدورة العادية التي اختتمت أشغالها أمس بالعاصمة. وتضم حركة مجتمع السلم حاليا أربعة وزراء في الحكومة يسيرون قطاعات التجارة، السياحة، الأشغال العمومية و الصيد البحري، فيما يمثلها 51 نائبا بالمجلس الشعبي الوطني وفق نتائج تشريعيات سنة ,2007 محتلة بذلك الرتبة الثالثة بعد شريكيها السابقين في التحالف جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، كما تسير الحركة 105 بلدية من بين 1541 بلدية على المستوى الوطني وفقا لنتائج محليات نفس السنة. غير أن الحركة عرفت قبل نحو سنتين انشقاقا في صفوفها، أدى إلى بروز تيار مخالف لتوجهات قيادتها الحالية، أعلن انفصاله عن الحركة وتشكيل ما أصبح يعرف بجبهة التغيير الوطني التي أودعت ملف اعتمادها كحزب جديد بقيادة الوزير السابق عبد المجيد مناصرة. وتجدر الإشارة إلى أن مجلس الشورى الوطني لحركة مجتمع السلم، خصص دورته العادية التي عقدها على مدار ثلاثة أيام لمناقشة حصيلة نشاطات الحركة لسنة 2011 والمصادقة على البرنامج السنوي لعام .2012 وفي ختام أشغال الدورة، دعا رئيس الحركة السيد أبوجرة سلطاني الجزائريين والجزائريات إلى حمل الإصلاح على عاتقهم ''عن طريق التوجه بالملايين إلى صناديق الاقتراع لتحقيق إصلاح هادئ وسلمي''، مؤكدا بأن سنة 2012 ستكون ''سنة اختيار'' ورهان ديمقراطي''. وبخصوص برنامج عمل الحركة لسنة ,2012 فقد أكد المتحدث أن التحضير للاستحقاقات المقبلة يأتي على رأس هذا البرنامج ''مع الانفتاح أكثر على الشباب والنساء والعمل على نشر ثقافة الحريات والشفافية، معربا عن أمله في أن تكون الانتخابات المقبلة عاكسة بالفعل للإرادة الشعبية. ''الأفلان'' يصف القرار باللاحدث و''الأرندي'' يعتبره سيدا في رد فعل عن إعلان حركة مجتمع السلم الانسحاب من التحالف الرئاسي وصف حزب جبهة التحرير الوطني القرار ب''اللاحدث''، واعتبر المكلف بالإعلام بالحزب العتيد السيد قاسة عيسي بأن هذا القرار ''كان منتظرا ولا يستحق التعليق عليه''. أما الناطق الرسمي للتجمع الوطني الديمقراطي، السيد ميلود شرفي، فقد أكد أن انسحاب حركة مجتمع السلم من التحالف الرئاسي يعتبر ''قرارا سيدا ونحترمه''، معبرا في نفس الوقت عن أسفه لقرار انسحاب أحد أحزاب التحالف الرئاسي الذي كان قائما بين التجمع وحركة مجتمع السلم وجبهة التحرير الوطني، ويشكل التفافا حول برنامج رئيس الجمهورية. وأكد بالمناسبة بأن ''التجمع يبقى وفيا لمنطلقات إنشاء هذا القطب ويجدد التزامه بمواصلة العمل على تجسيد البرنامج الرئاسي'' وتجدر الإشارة إلى أن آخر قمة للتحالف الرئاسي كانت قد انعقدت في ديسمبر ,2010 وتم خلالها تسليم رئاسة هذا التحالف من التجمع الوطني الديمقراطي إلى حزب جبهة التحرير الوطني، وكان مقررا أن تنتقل رئاسة التحالف من حزب جبهة التحرير الوطني إلى حركة مجتمع السلم في شهر جويلية .2011