حمس تقرّر الانسحاب من التحالف والبقاء في الحكومة توصل أعضاء المجلس الشورى لحركة مجتمع السلم، لحل وسط، بين المطالبين بطلاق الحزب مع التحالف والحكومة، وبين مدافع عن مشاركة الحزب، بحيث قرر الحزب، تجميد علاقاته مع شريكيه في التحالف الرئاسي، وعدم التعاطي مع كل المشاريع والقوانين التي يطرحها الأفلان و الأرندى على البرلمان فيما أبقى الحزب على مشاركة وزرائه في الحكومة "لاستكمال برنامج الرئيس وتفادي إضعاف الجهاز التنفيذي"، بالمقابل دعت الحركة، رئيس الجمهورية لإجراء تغيير حكومي، وتعيين طاقم جديد مكون من التكنوقراط لتنظيم الانتخابات القادمة، كما دعت الرئيس، للتشريع بأوامر لمنح القضاء كل الصلاحيات التي تمكنه من متابعة سر الانتخابات التشريعية المقبلة. قررت حركة مجتمع السلم في اختتام أشغال مجلسها الشورى الوطني، الانسحاب من التحالف الرئاسي. وأعلنت القطيعة مع الأرندي والأفلان على مستوى البرلمان، فيما أعلنت الحركة، الإبقاء على وزرائها في الحكومة لمنع سقوط حكومة أويحيي، وهو ما يعنى عمليا "استمرار التزام الحركة بتنفيذ برنامج رئيس الجمهورية، وبالمقابل وقف التعاون مع شركيه في التحالف أى عدم الالتزام بما يطرحاه من مشاريع قوانين أو غيرها تحت قبة البرلمان. قرار مجلس الشورى، اعتبره البعض، بمثابة "حل توافقي" بين دعاة الانسحاب من التحالف والحكومة، والدخول في صف المعارضة، وبين الداعين لمواصلة مشاركة الحزب في الحكومة، وهو التيار الذي قاده وزراء الحركة، ونجحوا في إقناع غالبية أعضاء مجلس الشورى بدعم هذا الطرح، لتفادي الآثار الجانبية التي قد تحدث، خاصة وان الحركة مقبلة على تشريعيات هامة قد تساهم في إعادة رسم الخريطة السياسية في البلاد، وقد يدفع الحزب حينها ثمن أي قرار للانسحاب من الحكومة. وقد خلصت النقاشات الحادة التي استمرت إلى غاية ساعة متأخرة من يوم السبت، بين أعضاء المجلس الشورى لحركة مجتمع السلم، بمقر تعاضدية عمال البناء بزرالدة بالعاصمة، بحضور وزراء الحركة، بين دعاة الانسحاب من الحكومة والتحالف الرئاسي ودعاة البقاء في الحكومة إلى تغليب كفة البقاء في التحالف والاكتفاء بتجميد العمل مع الشريكين السياسيين في الحكومة، الأفلان والأرندي، وتجديد الدعم للرئيس بوتفليقة، من خلال الالتزام بتطبيق برنامجه عبر ممثليه في الحكومة. وبعد التجاذبات والصراعات، اقترح أعضاء من مجلس الشورى، خيارا ثالثا بديلا، يتمثل في تجميد العمل مع الشركاء في التحالف الرئاسي، ووقف كل أشكال التعاون داخل البرلمان، وعدم التعاطي مع كل الاقتراحات التي يتقدم بها الحزبين، لا سيما التعديلات على القوانين، مع الإبقاء على مشاركة الحزب في الحكومة، وهو الاقتراح الذي قوبل بترحيب من قبل الأغلبية، فيما تحفظ على الاقتراح دعاة الانسحاب نهائيا من الحكومة والتحالف. ورفض قياديو حمس، طيلة أشغال الدورة العادية الإدلاء بأي تصريح للصحفيين إلى ما بعد إنهاء الأشغال التي جرت مغلقة دون حضور الإعلاميين. وبعد نهاية الأشغال، تمت صياغة بيان، يتضمن أهم القرارات التي خرج بها الاجتماع. والتي عرضها مسؤول بالحزب خلال لقاء صحفي بمقر الحركة أمس، في انتظار الندوة الصحفية التي سينشطها رئيس الحركة في الساعات القادمة لتوضيح بعض نقاط الظل في هذه القرارات. وقال كمال ميدا المكلف بالإعلام وأمين الشؤون السياسية بالحركة، انه تقرر وقف أى التزامات نحو شركيه في التحالف أى الالتزام بما يطرحاه من مشاريع قوانين أو غيرها تحت قبة البرلمان، بالمقابل جدد التزام الحركة بمواصلة العمل من اجل تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية، من خلال الإبقاء على الوزراء الأربعة التي تشارك بهم الحركة في الحكومة، وعدم سحبهم حتى لا تسقط الحكومة وأضاف، أن مجلس الشورى لحركة مجتمع السلم دعا في ختام أعماله الرئيس بوتفليقة إلى تشكيل حكومة من التكنوقراط لإدارة مرحلة الانتخابات التشريعية القادمة والمقررة في الربيع القادم على أن تشارك فيها الحركة كما دعت الحركة بوتفليقة إلى المزيد من الضمانات لإنجاح العملية الانتخابية وكذلك العمل على تحفيز المواطنين للمشاركة في الانتخابات. كما دعت الحركة، رئيس الجمهورية، إلى التشريع بأوامر، وإصدار إجراءات قانونية، لمنح القضاء السلطة الكاملة للإشراف على الانتخابات القادمة وضمان نزاهتها وتحييد الإدارة التي تتولى إدارة الشؤون التنظيمية. و كان رئيس الحركة أبو جرة سلطاني قد لمح إلى ذلك خلال افتتاح أشغال مجلس الشورى يوم الجمعة أن 2012 ستكون بالنسبة لحركته "سنة تنافس و ليس تحالف" معتبرا أن الاستمرار في التعاطي مع التحالف بهذا "المستوى الأفقي" هو استمرار في "الرداءة السياسية التي لن تخدم الوطن و لن تقدم جديدا للمواطن". و أضاف أن الحركة "تتطلع إلى المنافسة على المراتب الأولى و تحتاج أساسا من أجل ذلك إلى "تحرير خطابها من عقدة الازدواجية". وقد ظهرت بوادر هذا التصدع في التحالف الرئاسي مؤخرا بعد تصويت نواب حركة حمس ضد مشروع قانون الإعلام الجديد في البرلمان رغم أنهم أعضاء الحكومة وكان رئيس الحركة أبوجرة سلطاني أكد في آخر تصريحاته " أنه شخصيا مع من يؤيدون فكرة الانسحاب من الحكومة والأغلبية معه" . وأضاف المتحدث انه يوجد داخل مجلس الشورى للحركة اتجاهان احدهما يطالب ب"الانسحاب والآخر بالبقاء ولايمكن في الوقت الراهن معرفة رأي الأغلبية إلا بعد اجتماع المجلس ومناقشة هذا البند الذي يدخل في إطار مناقشة السياسة العامة". كما قاد عبد الرزاق مقري القيادي البارز في الحركة، التيار المطالب بخروج الحركة مع التحالف الرئاسي، وقال بان مطلب الانسحاب قديم وكان مطروحا خلال الدورة السابقة للمجلس الشورى لكنها أجلت مشيرا إلى أن تصريحات رئيس الحركة هي تحصيل حاصل لموقف سائد داخل المؤسسات القيادية للحزب بضرورة فك الارتباط بهذا الهيكل لأنه فشل. و زادت قوة التيار المطالب بالانسحاب بعد عرض قوانين الإصلاح على البرلمان، حيث عارضت الحركة طريقة إعدادها وطالبت الرئيس بسحبها بعد إفراغها من محتواها من قبل شريكيها في الحكومة الأفلان والأرندي حسبهابالمقابل عارض تيار ثاني يقوده رئيس المجلس الشورى عبد الرحمن سعيدي ووزراء الحزب في الحكومة، التيار المعارض للخروج من التحالف الرئاسي، إلا أن هذا التيار لم يحصل على أغلبية أصوات المجلس الشورى الذين انضموا إلى الصف المطالب بالانسحاب، بالمقابل حصل الجناح الذي يقوده سعيدي، على دعم لاقتراح بعدم سحب وزراء الحزب من الحكومة، كون أن الأمر يتعلق باستكمال برنامج الرئيس. أنيس نواري الآفلان يعتبر انسحاب حمس لا حدث و الأرندي يتأسف تباين مواقفا حزبا جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي شريكا حركة مجتمع السلم في التحالف الرئاسي من القرار الذي اتخذه مجلس شورى هذه الأخيرة أمس القاضي بالانسحاب من هذا التحالف، ففي الوقت الذي اعتبر الآفلان أن ذلك ليس حدثا لأنه كان منتظر من قبل تأسف الأرندي للقرار. يعتبر حزب جبهة التحرير الوطني أن قرار حركة مجتمع السلم القاضي بالانسحاب من التحالف الرئاسي لم يشكل حدثا بالنسبة له لأنه كان منتظر مند مدة، وقال قاسة عيسي عضو المكتب السياسي المكلف بقطاع الإعلام والاتصال في تصريح للنصر أمس معلقا على القرار أنه في انتظر اجتماع المكتب السياسي "فإن القرار ليس حدثا لأنه إعلان سياسي لممارسات ميدانية مند سنة تقريبا وقد سبقته تصريحات وتعليقات متعددة في هذا الاتجاه". واعتبر قاسة أن هدف التحالف الرئاسي استراتيجي ولم يكن يوما ما تكتيكي ما دام أن برنامج رئيس الجمهورية قائم حتى سنة 2014، معبرا عن التزام الآفلان بتنفيذ هذا البرنامج مع الأحزاب والتنظيمات التي تساهم في ذلك ميدانيا، وفي رده عن سؤال متعلق بمدى بقاء التحالف قائما بعد انسحاب احد أطرافه قال قاسة "مادام هذا التحالف مبني على إرادة الأحزاب التي تشكله فهو قائم، وهو قائم أيضا ما دام برنامج الرئيس قائما، أما الذين انسحبوا فهذا شأن خاص بهم"، مشيرا أن الجميع سمع مند مدة أن سنة 2012 ستكون سنة تنافس وليست سنة تآلف، وأضاف معلقا" يبدو أن البعض انطلق في الحملة مبكرا". وبخصوص الحكومة التقنوقراطية التي طالبت بها حمس أوضح عضو المكتب السياسي للآفلان أن هذا لم يعد يشكل حتى سبقا صحفيا مادام أن وسائل إعلام وطنية عديدة تناولته مند مدة. لكن عكس موقف الحزب العتيد تأسف التجمع الوطني الديمقراطي للقرار الذي اتخذته حركة مجتمع السلم وقال شرفي ميلود الناطق الرسمي للحزب في تصريح له أمس أن "حزبه يعبر عن شديد أسفه لهكذا قرار من طرف احد أحزاب التحالف الرئاسي الذي يمثل طيفا من أطياف المجتمع الجزائري، ويرى الأرندي أن قرار الحركة القاضي بالانسحاب من التحالف الرئاسي سيد نحترمه ويعود لقيادة الحركة".وذكّر حزب أحمد أويحيى أن التحالف الرئاسي الذي كان قائما هو التفاف حول برنامج رئيس الجمهورية لتجسيده وانجازه وليس ذوبان حزب في حزب آخر، مجددا في نفس الوقت بقاءه وفيا لمنطلقات إنشاء هذا القطب، ومجددا التزامه أيضا بمواصلة العمل على انجاز البرنامج الرئاسي وله في ذلك الثقة الكاملة في عائلة التجمع. وبالمناسبة قال الناطق الرسمي للتجمع الوطني الديمقراطي أن القاضي الأول للبلاد قدم في خطابه يوم افتتاح السنة القضائية كل الضمانات لضمان شفافية ومصداقية الاستحقاقات المقبلة، التي يتمنى الأرندي أن تكون فرصة للتنافس الشريف وليس للتنابز والتناحر على حد تعبيره، كما اعتبر أن قرار انسحاب حمس من التحالف الرئاسي لن يفسد للود قضية، ولا يؤثر قطعا في مسيرة الجزائر المتواصلة في البناء والتنمية والتعددية والديمقراطية. ونشير أن الآفلان والأرندي لم يهضما في الأشهر الأخيرة بعض التصريحات التي أطلقها رئيس حركة مجتمع السلم أبو جرة سلطاني بخصوص التحالف الرئاسي وعمله، وكذا بخصوص قضايا سياسية وطنية متعددة رغم عدم صدور ردود رسمية من طرفهما في هذا الشأن.