يعتبر القصور الكلوي الحاد مشكل صحة عمومية. وأكد أخصائيون ومرضى في ندوة ''الخبر'' حول هذا الموضوع، أنه في الوقت الذي دعت توصيات منظمة الصحة العالمية إلى ضرورة إخضاع 50 بالمائة من المرضى لعمليات زرع كلى، يعيش 92 بالمائة من هؤلاء المرضى في الجزائر تحت رحمة جهاز الغسيل الكلوي، الذي لا ينهك جسد المريض فقط بل ويتسبب في تبخر إمكانية نجاح عمليات الزرع وفي أسوأ الحالات يؤدي إلى الوفاة، خاصة إذا علمنا بأنه يتم تسجيل 1000 إصابة جديدة سنويا. الجزائر بعيدة عن المعايير الدولية لمواجهة الداء 1000 مريض استفادوا من زرع كلى في 26 سنة! فضل البروفيسور حدوم فريد، رئيس الجمعية الجزائرية لأمراض الكلى، تصفيتها وزرعها، أن يستهل الحديث بما أكدت عليه المنظمة العالمية للصحة منذ 2001 بخصوص مرضى القصور الكلوي، مشيرا إلى أنها أوصت بوجوب استفادة 50 بالمائة من مرضى القصور الكلوي بأي بلد من زرع كلى، على أن يوجه 20 بالمائة إلى الغسيل البطني أو ما يسمى بالغسيل ''البريتوني''، وال30 بالمائة المتبقين للغسيل بالدم، وهو ذات المطلب الذي صادقت عليه الجمعية الدولية لأمراض الكلى. ويؤكد الواقع، يضيف البروفيسور حدوم، أن من بين 15500 مريض بالقصور الكلوي، يعيش 14100 مريض تحت رحمة الغسيل الكلوي، وهو ما يمثل 92 بالمائة من عدد المرضى الإجمالي، 6 بالمائة فقط من المرضى استفادوا من زرع كلى ويقدر عددهم ب1000 مريض منذ 1986، إلى جانب استفادة 400 مريض من طريقة الغسيل ''البريتوني''، ''وعليه، فإننا لا نزال بعيدين جدا عن المقاييس العالمية المتبعة''، يضيف حدوم قائلا. وبشأن عدد الكلى المزروعة سنويا بالجزائر، أشار ضيف ''الخبر'' إلى أنه لا يتجاوز ال100 كلية مزروعة سنويا عبر مختلف مستشفيات الوطن، وهو رقم ضعيف وبعيد جدا عن المقاييس العالمية، إذا ما علم أن فرنسا، على سبيل المثال، تعمد إلى غلق كل مصلحة أمراض كلى يقل عدد عمليات الزرع فيها سنويا عن ال100، رغم أن زرع كلية أقل تكفلة 5 مرات من الغسيل الكلوي، إذ أن تكلفة 40 غسيلا كلويا تقدر بمليون أورو، وهو ما يساوي تكلفة زرع 120 كلية، حسب البروفيسور حدوم. من جانبه، يقول فوري منجي، رئيس الجمعية الوطنية لعاجزي الكلى، إنه يجب الوصول إلى طريقة تفتح مجال زرع الكلى بالجزائر، خاصة أن القصور الكلوي يعتبر مشكل صحة عمومية، وتصنفه الدولة، منذ سنوات، من أولوياتها في مجال الصحة، مطالبا بوجوب سنّ قوانين صارمة تنظم عمليات الزرع وإرفاقها بنصوص تنفيذية وإدراجها ضمن الالتزامات الوطنية، لتصدر ضمن قانون الصحة الجديد. وتابع منجي أن ذلك لن يؤتي ثماره المرجوة، إلا بإحداث وكالة وطنية لزرع الأعضاء تراقب عمليات الزرع بالمستشفيات وتنظمها، تضم مختصين من مختلف الميادين، من أطباء وجراحين وممثلين عن الضمان الاجتماعي ورجال قضاء ورجال دين، على أن يتم توظيفهم سواء بالدوام الكامل أو نصف الدوام، مثل المعمول به في تونس التي تحوي وكالتها 40 طبيبا وغيرهم، موظفين على الدوام، إلى جانب 100 يعملون في إطار نصف الدوام. ص. ب البروفيسور عمر برطال ''نتصدر المغرب العربي في زرع كلى للصغار دون 15 كلغ'' أكد البروفيسور برطال عمر، رئيس مصلحة جراحة الأوعية والشرايين وزرع الكلى بالمؤسسة الاستشفائية معوش أمقران بشوفالي، أن زرع الكلى لم يتوقف عند الكبار فقط، بل استفاد منه الأطفال والرضع أيضا، مشيرا إلى أنهم تمكنوا من زرع كلى لأطفال لا تتجاوز أوزانهم ال15 كلغ بالمؤسسة الاستشفائية التي يشرف عليها، مضيفا أنهم انطلقوا في عمليات الزرع للأطفال في فيفري 2009 وقاموا منذ ذلك الحين بزرع 30 كلية لصغار تراوحت أوزانهم بين 15 و25 كلغ. وتابع المتحدث أن نشاط الفريق الطبي في زرع الكلى سجل نجاحا بنسبة 100 بالمائة عند الأطفال، وأنهم يتولون منذ 2009 إنجاز 6 إلى 7 عمليات زرع كلى عند الأطفال سنويا، مضيفا أنه لا يرى نفعا في جلب أجانب يتولون ذلك، مثلما هو متبع في بعض المراكز الاستشفائية داخل الوطن، مقابل مبالغ مادية معتبرة بالأورو تدفعها الدولة، رغم أن الكفاءات الوطنية أثبتت فعاليتها، بدليل أنهم الأوائل على مستوى المغرب في مجال زرع الكلى لقليلي الوزن من الأطفال، مضيفا بالقول: ''نحن في حاجة إلى شراكة أخلاقية وليس شراكة تجارية''. نقل الدم وغسيل الكلى يحرم المريض من الزرع أكد البروفيسور حدوم، أن خضوع المرضى لغسيل الكلى المتكرر على مدى سنوات وكذا نقل الدم العشوائي، من بين أهم الأسباب التي تحول دون استفادة المريض من زراعة الكلى: ''ليحكم على المريض بالخضوع لغسيل الكلى طيلة حياته''، مضيفا أن تأخر انتفاع المريض من عملية زرع، يعرضه للعديد من الأمراض على غرار التهاب الكبد الفيروسي ''ب'' و''ج''، كما ينهك غسيل الكلى المريض ويتسبب في أمراض أخرى في مقدمتها مرض القلب، ''وهي أمراض تعجل بشيخوخة المريض وتؤدي إلى تصلب الشرايين، ما يتسبب في عدم التمكن من إفادته بكلية مزروعة''، يضيف البروفيسور ذاته، مشيرا إلى أن نقل الدم العشوائي للمرضى، يتسبب في إفراز جسم المريض لمضادات جسمية ترفض الكلية المزروعة، معترفا بوجود حالات رفض فيها الجسم الكلية أثناء خضوعه لعملية الزرع أو بعد سنة أو سنتين من العملية، رغم أن نتائج التحاليل كانت إيجابية، نتيجة تأخر عملية الزرع أو نقل الدم العشوائي. ودعا البروفيسور حدوم إلى تعميم استعمال هرمون ''ايروبوتين'' عوض نقل الدم، وهو حقنة حديد لمعالجة فقر الدم عند مرضى القصور الكلوي، لا تتسبب في أعراض جانبية. رئيس الجمعية الوطنية لعاجزي الكلى ''أعدنا إدماج الأساتذة المرضى في مناصب عملهم'' قال رئيس الجمعية الوطنية لعاجزي الكلى، فوري منجي، إن إدماج المرضى في مناصب عملهم وبطاقة المعاق وضمان النقل، كانت من أهم الحقوق التي افتكتها الجمعية وأصبحت مكفولة قانونا للمرضى. وأضاف المتحدث أن الجمعية جابت التراب الوطني مرتين، لدراسة أهم المشاكل التي يواجهها مريض القصور الكلوي، وكان في مقدمتها معاناة المرضى من صعوبات في العمل، من منطلق أن المريض يصبح عاجزا عن ممارسة حياة طبيعية بعد الإصابة وتقل مردوديته في العمل، كما تجد العديد من النساء المريضات أنفسهن دون معيل إثر تطليقهن بعد المرض. وأضاف فوري أن الجمعية تفاوضت مع وزارتي التربية والتعليم العالي، لإعادة إدماج الأساتذة المرضى في مناصب عملهم، ومراعاة ظرفهم الصحي الذي يدفعهم إلى التغيب لإجراء غسيل الكلى أسبوعيا، وكذا تأثير المرض على مردودهم في العمل، مؤكدا أن النقل والإطعام كانا من بين أهم مشاكل المرضى الموزعين، ما حدا بالجمعية للتفاوض مع الضمان الاجتماعي، ليحظى بعدها كل مريض بتعويض عن متطلبات النقل والأكل عن كل حصص الغسيل الكلوي. سعرها لا يقل عن 150 مليون مرضى يستغلون ''العمرة'' لزرع كلى بالسعودية لدى حديثه عن المتاجرة بالأعضاء، أكد رئيس الجمعية الوطنية لعاجزي الكلى، فوري منجي، أن الجزائر ثالث دولة بعد الموزمبيق وجنوب إفريقيا، تعتمد قانونا يحظر المتاجرة بالأعضاء البشرية، مذكرا بوفاة 30 جزائريا كانوا ضحايا لزرع كلى تجاري بالعراق والأردن خلال سنوات مضت، حيث كانوا ضحايا شبكات متاجرة بالأعضاء، استغلت معاناتهم الصحية وحاجتهم الشديدة لزرع كلى، فسعت لتنظيم ذلك بالتنسيق مع شبكات دولية، ليتم استغلالهم ماديا، حيث دفعوا مبالغ تراوحت بين 105 و150 مليون سنتيم، ليكون مصيرهم الموت المحتم بعد عمليات زرع لم تنجح. كما أشار حنديس، عضو مؤسس بالجمعية، إلى أنه أمام التباطؤ الشديد لعمليات الزرع بالجزائر، يستغل كثير من الجزائريين فترات أداء العمرة للاستفادة من زرع كلى بالسعودية، بعدما يكونون قد حضّروا لذلك مسبقا. الطبيب العام لا يدرس داء القصور الكلوي ''وجوب مراجعة المقرر الدراسي لكلية الطب'' أبرز البروفيسور حدوم، أن الطبيب العام هو الحلقة الأولى في سلسلة الوقاية وتشخيص المرض والعلاج بالنسبة لمريض القصور الكلوي، وهو المخوّل بتوجيه المريض إلى المختص، مؤكدا أن تدخل الطبيب العام في هذه المرحلة، يمكنه تأخير ظهور تعقيدات صحية على المريض إلى 20 سنة، من خلال وصف أدوية وقائية تؤجل تطور المرض. غير أن الواقع يقول غير ذلك، حسب ضيف ''الخبر''، على اعتبار أن الطبيب العام لا يتلقى طيلة سنوات تكوينه أي إشارة إلى مرض القصور الكلوي أو غسيل الكلى في مقرره الدراسي. وأضاف المتحدث أن كلية الطب في الجزائر متأخرة جدا بالمقارنة مع الممارسة الطبية في المستشفيات، مواصلا: ''هل تصدقون أن طالب طب في السنة الخامسة لم يتلق أي معلومة عن القصور الكلوي، وحتى جهاز السكانير الذي لا يراه إلا في المستشفى؟''. ودعا الدكتور حدوم وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي والصحة، إلى مراجعة المقرر الدراسي لكلية الطب الذي يعود إلى سنة 1980، وتحديثه بما يتماشى مع التطورات الحاصلة في الميدان الطبي، وكذا الأمراض الجديدة التي لم تكن معروفة قبل ثلاثين سنة.