لا يزال الموقف الروسي الفيصل في الأزمة السورية، حيث قال، أمس، وزير خارجية روسيا، سيرغي لافروف، إن ''بلاده منفتحة على أي مقترح بناء بشأن سوريا''، في إشارة إلى أنها تدعم جهود الجامعة العربية، وإن كانت ملتزمة برفضها لتطبيق عقوبات على النظام السوري. يأتي هذا التطور في الموقف الروسي، على خلفية التأويلات لتصريح دبلوماسي روسي حول إمكانية تخلي الروس عن دعم النظام في سوريا، فقد جددت مصادر روسية رسمية متعددة تأكيد الالتزام بمساندة نظام بشار الأسد، ومن ذلك تصريح نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريبكوف، الذي أشار إلى أن اللقاء الذي جمعه بنظيره الأمريكي جيفري فيلتمان جاء بهدف التنسيق للخروج بحل للأزمة السورية، دون اللجوء للتدخل بالقوة. وهو ما أكده المدير العام لشركة بيع الأسلحة الرسمية، سيرغي تشميزوف، حول التزام بلاده بمواصلة التعاون العسكري مع سوريا. كل هذه التصريحات الروسية تُبطل التكهنات بشأن تخلي روسيا عن النظام السوري، الأمر الذي دفع بالدول الغربية للتحضير لمشروع قرار لعرضه على مجلس الأمن، بالموازاة مع المشروع الروسي، على اعتبار أن التقارير الإخبارية الواردة أمس أفادت أن ممثلين عن كل من فرنسا، بريطانيا وألمانيا اجتمعوا بدبلوماسيين من الدول العربية المساندة لإحالة الملف السوري على مجلس الأمن، وفي مقدمتهم قطر، السعودية، الأردن والإمارات العربية المتحدة، بالإضافة إلى ممثلين عن دول غير دائمة العضوية في مجلس الأمن لحشد الدعم اللازم لقبول مشروع القرار، بالرغم من الإدراك أن الفيتو الروسي قادر على تعطيل المشروع. وتراهن الدول الغربية، التي تقف وراء هذا المشروع، على التوصل إلى حل وسط مع الروس، حيث أنهم أكدوا دعمهم للمبادرة العربية، ودعوا بما تدافع عنه روسيا من ضرورة وقف العنف والتحضير لمرحلة انتقالية. مع الإشارة أن المشروع الفرنسي البريطاني يطالب بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة. من جانب آخر جددت الولاياتالمتحدةالأمريكية موقفها الداعي لتنحي بشار الأسد، حيث عاد الرئيس باراك أوباما ليشير ''أن أيام النظام السوري معدودة، وسوف يكتشف الأسد قريبا أنه لا يمكن مقاومة التغيير''، وهو ما ذهبت إليه السفيرة الأمريكية لدى الأممالمتحدة، سوزان رايس، بقولها ''إنه حان الوقت لأن يصدر مجلس الأمن قرارا قويا يدعم جهود الجامعة العربية لإنهاء الأزمة في سوريا''. ويرى مراقبون أنه بالرغم من الرفض السوري القاطع لتوصيات الجامعة العربية وقراراتها، إلا أن هناك ما يشبه إجماعا عربيا دوليا على طريقة الخروج من المعضلة السورية، بأقل الأضرار، ودون اللجوء للتدخل العسكري، خاصة وأن المعارضة السورية، بكل أطيافها، اتفقت للمرة الأولى على هذا الطرح، فقد أكد حسن عبد العظيم، المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي، دعم الهيئة الممثلة للمعارضة في الداخل فكرة تنحي بشار الأسد عن الحكم، والانطلاق في مفاوضات من أجل مرحلة انتقالية. وهو نفس التأكيد الذي أورده به المجلس الوطني السوري، برئاسة برهان غليون، الذي اعتبر أن ''تنحي الأسد يعتبر مقدمة إيجابية للبدء في الحوار''، مع الإشارة أن الإخوان المسلمين في سوريا أبدوا قبولهم الحوار شرط تنحي بشار. وأمام هذا التوافق في مواقف المعارضة، ودخول السعودية بكل ثقلها في العمل على ترجيح الكفة لصالح فرض المبادرة العربية في سوريا، على غرار المبادرة الخليجية في اليمن لضمان نقل السلطة، ووقف إراقة الدماء، يراهن القائلون بهذا الطرح على تصدع النظام السوري من الداخل. ميدانيا تحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن سقوط قرابة 15 شخصا في عدد من المدن التي تشهد اشتباكات بين الأطراف المتصارعة.