احتشد مئات الآلاف من المصريين، أمس في ميدان التحرير وكذا في ميادين 19 محافظة مصرية للمطالبة بتسليم السلطة للشعب وانتخاب رئيس جمهورية مدني في أقرب وقت، في جمعة أطلق عليها اسم ''جمعة العزة والكرامة''، بعد أن كان قد أطلق عليها اسم ''جمعة الغضب الثانية'' في وقت سابق. قال طارق الخولي عضو المكتب التنفيذي لائتلاف شباب الثورة والمتحدث الإعلامي باسم الجبهة الديمقراطية لحركة 6 أفريل، إنه تم تغيير اسم الحدث إلى ''جمعة العزة والكرامة لشعب مصر''، ردا على الإشاعات التي أطلقها النظام وروجها خلال الأيام الماضية بأنها جمعة تهدف لحرق مصر، مؤكدا أن الثوار لن يتخلوا على سلمية الثورة ومطالبها الشرعية في انتقال السلطة بشكل فوري للمدنيين، والمحاكمات العادلة وليست المحاكمات المسرحية التي نشاهدها الآن. وبدأ توافد المتظاهرين إلى ميدان التحرير عشية ''جمعة العزة والكرامة''، وقام بعضهم بمحاصرة مبنى التليفزيون المصري في ''ماسبيرو'' مطالبين بتسليم السلطة للمدنيين، وتغيير السياسة الإعلامية للتليفزيون التي تتهم الثوار بالخيانة وتصفهم بالعمالة للدول الغربية. وقام مجموعة من شباب جماعة الإخوان المسلمين بتأمين مداخل ومخارج ميدان التحرير، كما شهدت الاحتجاجات إطلاق نفس شعارات 25 جانفي الجاري، منها ''خبز، حرية، عدالة اجتماعية'' و''سامع أم شهيد بتنادي.. هاتوا حقي وحق اولادي''. خطيب التحرير للمتظاهرين.. ''للثورة رب يحميها'' وقال الإمام مظهر شاهين خطيب الثورة، في خطبة الجمعة بميدان التحرير، إنه ''يجب على البرلمان أن يكون ظهيرا شعبيا للثورة المصرية وعنوانا لها''، وأكد على سلمية الثورة منبها إلى أن ''السلمية لا تعني الجبن أو الخوف''. ومن أبرز العبارات التي رددها ولقيت حماسا من المصلين هي ''للثورة رب يحميها''. وأشار خطيب الثورة إلى محاولات لتشويه الثورة المصرية والثوار من قبل الإعلام الرسمي واتهامهم للثوار بأنهم يريدون إحراق مصر، وقال ''إن الثورة تمكنت من إزاحة رأس النظام والزج ببعض أتباعه داخل السجون، وأنه لم يأت محتفلا إلى ميدان التحرير، وإنما مناديا بالقصاص العادل للشهداء''، وقال ''ليس من الشهامة أن نحتفل وآباء وأمهات الشهداء مازالت دموعهم تجري في جفونهم، والمصابين لم ينالوا حقوقهم''. ودعا شاهين إلى استكمال الثورة التي لم تتحقق أهدافها إلى الآن، مع إقامة محاكمة عادلة وعاجلة لرموز نظام مبارك، ورد الأموال المنهوبة إلى الخزينة المصرية، وفتح تحقيق حول وجهة إيرادات قناة السويس طيلة فترة حكم مبارك، وطالب بالتطهير الشامل والكامل في جميع المؤسسات الحكومية المصرية، مؤكدا أن الخلاف مع المجلس العسكري لا يعني الوقيعة مع الجيش والصدام معه، كما قام شاهين والمتظاهرون بأداء صلاة الغائب على شهداء سوريا واليمن وفلسطين والعراق. من جهته دعا المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، حازم صلاح أبو إسماعيل، في بيان رسمي تم توزيعه في ميدان التحرير إلى انتخاب رئيس الجمهورية قبل وضع الدستور وفي أسرع وقت ممكن، وفي سياق مواز، اعتبر نادر بكار المتحدث الرسمي باسم حزب النور السلفي، أن الحزب لا يعترض على المظاهرات طالما أنها سلمية ولا تهدف لتخريب المنشآت الحيوية، مؤكدا على ضرورة القصاص لشهداء الثورة، وهذا سيكون في مقدمة أولويات حزب النور في المرحلة المقبلة كما قال. الشعب لا يثق في سيناريو تسليم السلطة في 6 أشهر أما محمد عبد الرؤوف غنيم مسؤول اللجنة التنفيذية بالكتلة المصرية التي تضم أحزاب ''مصر الديمقراطي الاجتماعي'' و''المصريين الأحرار'' و''التجمع''، فأكد في تصريح خاص ل''الخبر''، بأنه ''شارك في الاعتصام كل القوى الحزبية والسياسية والوطنية، وكل هذه القوى تتظاهر باستثناء الإخوان المسلمين الذين يحتفلون، والإخوان سطوا على الميدان من خلال منصة كبيرة، وكلما نادى الثوار بإسقاط الحكم العسكري، يقوم الإخوان برفع أصوات الموسيقى والأغاني الوطنية والدينية من خلال المنصة الكبيرة التي نصبوها في الميدان، ونحن نطالب بتسليم السلطة إلى رئيس مدني، في نفس الوقت الذي يمجد فيه الإخوان المجلس العسكري''. وأضاف ''نحن لا نثق في أكذوبة تسليم السلطة في ستة أشهر، وهناك صفقة واضحة بين الإخوان والمجلس العسكري، والشعب كشف هذه الصفقة''. وقام عشرات المتظاهرين، أمس، بتنظيم مسيرة من ميدان التحرير إلى جسر قصر النيل في ذكرى الشهداء. وحول موقف أهالي الشهداء من الاعتصام، قالت ميري دانيال شقيقة الشهيد مينا دانيال في تصريح خاص ل''الخبر''.. ''سنكمل مسار الثورة من أجل تحقيق بقية مطالبنا، وعلى رأسها تسليم السلطة لرئيس مدني واسترداد حقوق الشهداء والقصاص من القتلة، لأننا سئمنا من حكم العسكر الذي وصل الآن إلى ستين عاما، ويجب أن يتم عمل محاكمات سياسية للفاسدين من النظام السابق بشكل عاجل، وأنا مصرة على الاعتصام مع بقية أهالي الشهداء وجرحى الثورة والثوار''. في هذه الأثناء أشار محمد عواد القيادي بحركة عدالة وحرية ل''الخبر'' بأنهم مستمرون في الاعتصام إلى حين تسليم السلطة لرئيس مدني، منتقدا إدارة المجلس الأعلى للقوات المسلحة في الفترة الانتقالية، وأكد أن الثورة مستمرة ولن يستطيع أحد إجهاضها، معتبرا أن محاكمة مبارك وحكومته عبثية وليست حقيقية ومسرحية كبيرة، وأضاف: يجب أن يحاكم مبارك محاكمة سياسية لأنه خرب مصر طيلة ال30 عاما الماضية، وأفسد كل شيء فيها، وأضاع مقامها العالي بين الدول، وشرد أبناءها، وكان يعتبرها عزبة خاصة ليورثها إلى نجله جمال مبارك، وكشف محمد عواد أن الاعتصام سيستمر لمدة 18 يوم حتى تتحقق المطالب مثلما حدث العام الماضي. وشارك في مليونية أمس 58 حزبا وحركة سياسية وائتلافا ثوريا، وقررت جماعة الإخوان المسلمين إنهاء اعتصامها الرمزي نهار اليوم السبت. وعلى مستوى البرلمان المصري، تقدم النائب عصام سلطان نائب رئيس حزب الوسط بطلب إلى رئيس مجلس الشعب لعقد جلسة طارئة للمجلس بكامل نوابه في ميدان التحرير، لمناقشة مطالبهم، وهو الطلب الذي رفضته أغلبية البرلمان متمثلة في حزب الحرية والعدالة، حيث من المقرر حتى مساء أمس هو انعقاد الجلسة القادمة للبرلمان يوم الثلاثاء القادم. وفي رد فعل اعتبره المتظاهرون غير كاف، قرر النائب العام المصري تحويل تهمة جديدة للرئيس المخلوع إلى ملف المحاكمة، وهي إيداع مبلغ 9 ملايير دولار في حسابات سرية باسم مبارك في البنك المركزي المصري، كانت قد حصلت عليها مصر من دول خليجية أثناء حرب تحرير الكويت.