امتلأت جميع ميادين الحرية، أمس في مصر بملايين المتظاهرين في الذكرى الأولى لثورة 25 جانفي.. هذه الثورة التي أطلق شرارتها مجموعة من الشباب، والتحق بها الشعب المصري بمختلف طوائفه ومعتقداته وانتماءاته السياسية.. ثورة توحد فيها المطلب، وهو الإطاحة بنظام مبارك والبحث عن الحرية والعدالة الاجتماعية. إلا أن المشهد تغير بعد مرور سنة على هذه الثورة، وحدث انقسام في صفوف الثوار، حيث دعا التيار الإسلامي إلى استكمال السيناريو الذي أعده المجلس العسكري المصري، بانتقال السلطة سلميا إلى سلطة مدنية، فيما تطلب مجموعات الائتلافات الشبابية بانتقال فوري للسلطة، وضرورة انتخاب رئيس الجمهورية قبل الانتهاء من وضع الدستور، خوفا من طمع المجلس العسكري في الحكم. والأكيد أن هناك توافقا بين التيار الاسلامي وائتلافات شباب الثورة على أن للمجلس العسكري أخطاء في سياسة إدارته للمرحلة الانتقالية، لكن لكل منهم طريقة مختلفة في مواجهة هذه الأخطاء. باقات ورد لأرواح الشهداء في نهر النيل بدأت فعاليات الذكرى الأولى للثورة المصرية بتنظيم مسيرة انطلقت من مسجد الأزهر الشريف بعد صلاة الفجر مباشرة باتجاه ميدان التحرير بالقاهرة، تلتها مسيرات أخرى ضمت الآلاف من المواطنين من مختلف المدن بمحافظة القاهرة، اجتمعوا كلهم بعد رفع شعائر صلاة الظهر على جسر قصر النيل، باعتباره من أكثر الأماكن التي وقع فيها عدد كبير من الشهداء، لتلاوة قسم استمرار الثورة والحفاظ على مطالبها، وبعدها ألقى جموع المتظاهرين بباقات الورد في نهر النيل ترحما على أرواح الشهداء الذين سقطوا على هذا الجسر، وبعدها اتجه المتظاهرين إلى ميدان التحرير مرددين هتافات بإسقاط حكم العسكر من بينها ''يسقط حكم العسكر احنا الشعب الخط الأحمر''، ''الشرعية من الميدان''، ''يا شهيد ارتاح ارتاح احنا وراءك نكمل الكفاح''. كما قام المتظاهرون بتسمية كل مسيرة باسم أحد الشهداء، وارتدوا أقنعة تحمل صورهم، فيما حمل البعض الآخر صورة للرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وقد نصبت مختلف الأحزاب وائتلافات شباب الثورة وأهالي الشهداء منصات للتعبير عن آرائهم وتقديم مطالبهم، ومنصة لنصرة الثورة السورية، كما نصبت جماعة الإخوان المسلمين منصة كبيرة في ميدان التحرير، طالبت من خلالها بالإسراع في محاكمة رموز النظام السابق والقصاص للشهداء، وتسليم السلطة بشكل كامل خلال هذا العام وتسليم المجلس العسكري كل الصلاحيات لمجلس الشعب. ''يسقط حكم العسكر.. احنا شعب مصر خط أحمر'' في حدود الثالثة زوالا بدأت مجموعة من الإخوان بالانسحاب وترك الميدان، رافضة الاعتصام، وهو ما أكده صبحي صالح وكيل اللجنة التشريعية في مجلس الشعب والقيادي البارز بجماعة الإخوان المسلمين، في تصريح خاص ل''الخبر'' بقوله ''قررت جماعة الإخوان المسلمين النزول إلى مختلف ميادين التحرير، إلا أننا رفضنا الاعتصام، لأن نزولنا يهدف للاحتفال بثورة مجيدة أطاحت بنظام فاسد، وهدفنا خلال الفترة المقبلة هو استكمال مسيرتنا لبناء مصر، وقد كان احتفالنا بالذكرى السنوية على ثورة 25 جانفي، رائعا جدا وبكل المقاييس، وكوّنا فيه ملحمة وطنية بمشاركة كل فصائل العمل السياسي بمختلف أطيافها للإشادة بأحداث هذه الثورة المجيدة، والاحتفال باسترداد الكرامة''، وأوضح محدثنا أن برلمان الثورة قد استلم 50 بالمائة من صلاحيات السلطة بعد تشكليه، وهي سلطة التشريع والرقابة والموازنة والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، وأضاف ''سنعمل في الفترة اللاحقة على اعتماد سياسة اقتصادية تضمن حدا أدنى وأقصى للأجور، وتشكيل لجنة وضع الدستور، بحيث تضمن اشتراك كافة القيادات، كما قررنا تشكيل لجنة تقصي الحقائق على أقصى نطاق، للتحقيق في جميع الوقائع، واستدعاء رئيس الحكومة ووزراء الداخلية والعدل والصحة، وتكليفهم بتقديم بيان عاجل لمجلس الشعب للكشف عن نقاط التقصير ومحاسبة قتلة الثوار''. وفي ذات السياق، أبدى مصطفى بكري عضو مجلس الشعب، تفاؤله بمجرى المظاهرات التي عرفتها مصر في الذكرى الأولى من اندلاع ثورتها، قائلا في تصريح ل''الخبر'' أعتقد بأن هذا اليوم التاريخي سيمضي في طريق الأمان، رغم الاحتكاكات والمشادات التي حدثت في صفوف المتظاهرين حول من سيقوم بتأمين ميدان التحرير ومن سيأخذ المنصة، إلا أن الهتافات وحدتهم ونادوا بضرورة تفعيل أهداف ومبادئ الثورة والقصاص للشهداء''. وفي الوقت الذي تدعو فيه مختلف التيارات الإسلامية إلى عدم الاعتصام، تصر مجموعات ائتلافات شباب الثورة على البقاء والاعتصام في ميدان التحرير إلى حين نقل السلطة بالكامل إلى حكومة مدنية، وهو ما أكده طارق الخولي عضو المكتب التنفيذي لائتلاف شباب الثورة والمتحدث الرسمي للجبهة الديمقراطية لحركة 6 أفريل ل''الخبر''، قائلا ''الثورة طالبت برحيل النظام، والذي تحقق هو رحيل رأس النظام فقط، ونحن نراهن على الشارع وسنفضح كل الصفقات التي تتم في هذا البلد سواء كان وراءها الجيش أو الشرطة أو الإخوان أو السلفيون''.