تحل الذكرى الأولى لاندلاع الثورة المصرية التي أدت إلى إسقاط نظام مبارك، بعد يومين من عقد أول جلسة لمجلس الشعب يقوده الإسلاميون، الذين كانوا قبل سنة من اليوم، محظورا عليهم العمل، ويجز بهم في كل مناسبة، أو بغير مناسبة، إلى السجن. لكن بعد سنة من الثورة فإن قطاعا واسعا من شباب الثورة الذين خرجوا إلى ميدان التحرير يرون أن الثورة لم تحقق أهدافها، وبدأت تنحرف عن مسارها. ويطالبون بأن يكون الاحتفال بالذكرى الأولى عبر الدعوة لثورة جديدة. بدأت الدعوات من خلال صفحات على الفايسبوك، أشهرها ''ثورة الغضب الثانية''، و''ضباط من أجل الثورة''، بالإضافة إلى دعم كبير من مجموعة ''كلنا خالد سعيد''، المجموعة الأشهر على الفايسبوك، والتي تضم مليون و300 ألف عضو، وانضمت إليهم حركة 6 أفريل، وائتلاف شباب الثورة، والاشتراكيون الثوريون، وعشرات الائتلافات الشبابية الثورية، والهدف هو تسليم السلطة لحكومة مدنية في أقرب وقت. وفي ذات السياق، تقول الناشطة السياسية المصرية، رشا عزب، إحدى قيادات الاشتراكيين الثوريين، إن النزول إلى التحرير في 25 جانفي المقبل ضرورة لا مفر منها، فالمجلس العسكري ليس إلا استمرارا سيئا لنظام مبارك، وهم بدأوا بالكشف عن نواياهم الخبيثة تجاه الثورة، حينما حولوا آلاف المصريين إلى المحاكمات العسكرية، وحتى الآن لم يحصل أهالي الشهداء على حقهم في القصاص من القتلى، ومازالت وزارة الداخلية تمارس أساليبها القمعية وتقتل المتظاهرين، وكأنه لم تقم ثورة في مصر. وقام المجلس العسكري خلال السنة الماضية بعمل حملة ممنهجة لتشويه صورة الثورة المصرية، وصورة الثوار، واتهامهم من غير دليل على أنهم ممولون من الخارج، وفي نفس الوقت نراهم يرفعون بأياديهم التحية العسكرية للمخلوع مبارك، وكأن شيئا لم يكن. الرأي نفسه يؤيده طارق الخولي، عضو المكتب التنفيذي لائتلاف شباب الثورة، والمتحدث الرسمي للجبهة الديمقراطية لحركة 6 أفريل، قائلا ل''الخبر'': ''25 جانفي هو استكمال لثورتنا التي لم نجن ثمارها إلى الآن. فالفساد مازال يعم البلاد تماما كما كان في عهد مبارك. وقررنا ألا يكون هذا اليوم احتفالية كما يدعي المجلس العسكري، حيث سنخرج في مسيرات حاشدة بعد صلاة الظهر مباشرة، للتأكيد على المطالب الشرعية لثورتنا، وهي (خبز، حرية، عدالة اجتماعية). كما أننا -نحن شباب الثورة- متفائلون خيرا بقرار الدكتور محمد البرادعي بالانسحاب من سباق الترشح للانتخابات الرئاسية، فقد زاد من حماسنا. وأعتقد أنه سيحشد عددا كبيرا من الثوار، وذوي الحس الوطني، والراغبين في إرساء مبادئ الديمقراطية في مصر، لأنه أزال الغمامة عن عيوننا، وكشف لنا لعبة المجلس العسكري الممسك بزمام السلطة''، وأضاف ''سنظل في ميدان التحرير، ولن نعود إلى بيوتنا إلى أن تتحقق مطالبنا، وأن يتم القصاص للشهداء''. من جهته، أوضح عبد الغفار شكر، القيادي البارز بحزب التحالف الشعبي الاشتراكي، أن يوم 25 جانفي سيكون يوما للحساب وليس احتفالية، راميا بالمسؤولية على عاتق شباب الثورة في حماية ثورتهم واستمرار قوة الدفع لها، والانتهاج السريع والفوري لسياسة ترسيخ إقامة نظام ديمقراطي عصري. فيما يرى فؤاد بدراوي، السكرتير العام لحزب الوفد، أن يوم 25 جانفي سيكون احتفالا شعبيا ضخما في ذكرى الثورة المصرية النبيلة التي أطاحت بنظام مبارك الفاسد، الذي عاث في البلاد فسادا طوال ثلاثين سنة مضت، مبررا ذلك لحاجة المصريين الماسة إلى عودة الأمن والاستقرار، وقال: ''ما نود الوصول إليه الآن هو كيفية تحقيق خطوات المسيرة الديمقراطية التي نادينا بها، وهو الهدف الأصيل للثورة المصرية، لا أن نؤيد من يدعو إلى اندلاع ثورة ثانية''. الإسلاميون: الجيش والشعب يد واحدة وقد أعلنت جماعة الإخوان المسلمين والسلفيون تشكيل كتائب من شباب الحزبين لحماية المنشآت الحيوية، ومواجهة بعض الدعوات المتطرفة لمهاجمة مباني الشرطة ووزارة الداخلية ومجلس الشعب. كما أكدت جماعة الاخوان المسلمين، في بيان رسمي لها، أنها ستنزل إلى ميدان التحرير عشية 25 جانفي لتأمين الميدان والسيطرة عليه. وفي سياق مواز، أعلنت وزارة الداخلية المصرية، وبعض قادة المجلس العسكري، أن ميدان التحرير، ومختلف ميادين الحرية على مستوى الجمهورية المصرية، لن تشهد تواجد أي شرطي أو ضابط في الجيش، وعلى المتظاهرين أنفسهم حماية الميدان من أي حدث طارئ. وأكد وزير الداخلية المصري، في تصريحات صحفية، أن الشرطة ستكتفي بتأمين المنشآت العمومية، والدفاع عنها في مواجهة أي هجوم، والأوامر التي كلف بها ضباط الشرطة هي مواجهة الهجوم بخراطيم المياه الملونة، والقنابل المسيلة للدموع والعصي والدروع، دون إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين في حال هجومهم على المنشآت العامة. وتعتمد خطة المتظاهرين هذه المرة ليس فقط على التواجد بميدان التحرير، وإنما الاعتصام بجميع ميادين مصر من أجل شل كامل الحركة المرورية، وللتعبير عن مدى الغضب من المجلس العسكري. ويقول صبحي صالح، المحامي والقيادي البارز بجماعة الإخوان المسلمين، وعضو لجنة التعديلات الدستورية، في تصريح خاص ل''الخبر''، إنه يعتقد أن الأربعاء القادم سيكون يوما مشابها ليوم 25 جانفي الماضي، وأضاف: في العام الماضي توحد الشعب المصري واحتضنه الجميع، اليساريون واليمينيون، وسنخرج إلى ميدان التحرير حتى نوضح أن ''الشعب والجيش يد واحدة''.