نشرت منظمة العفو الدولية تقريرا أسود حول وضعية حقوق الإنسان والسلطات غير المحدودة التي تتمتع بها المليشيات ما قد يهدد وفق المنظمة مستقبل ليبيا الديمقراطي الذي كان شعار الثورة الليبية التي أسقطت نظام العقيد القذافي، وتزامن التقرير مع مرور سنة على اندلاع الثورة من بنغازي التي انطلقت بها ليلة أول أمس أولى الاحتفالات بثورة 17 فبراير. يبرز التقرير الذي يحمل عنوان ''الميليشيات تهدد آمال ليبيا الجديدة''، انتهاكات خطيرة وواسعة النطاق، ''بما فيها جرائم حرب يرتكبها عدد كبير من الميليشيات ضد من يشتبه في أنهم موالون للقذافي، حيث هناك حالات لاعتقال أشخاص على نحو غير قانوني وتعذيبهم، إلى حد الموت أحياناً''. وتقول كبيرة مستشاري الأزمات في منظمة العفو الدولية دوناتيلا روفيرا، في وصفها للوضع في ليبيا ''الميليشيات في ليبيا هي خارج نطاق السيطرة إلى حد كبير، ولا تُسهم الحصانة من العقاب التي يتمتعون بها إلا في تشجيعهم على ارتكاب المزيد من الانتهاكات وفي إطالة أمد حالة عدم الاستقرار وانعدام الأمن. قبل عام خاطر الليبيون بحياتهم للمطالبة بتحقيق العدالة. اليوم نجد آمالهم وهي تتعرض للخطر على يد ميليشيات مسلحة غير شرعية تسحق بأقدامها حقوق الإنسان دون أن تحاسب''. ويستشهد بيان منظمة العفو الدولية بتقرير أعضائها الذين قاموا بتحقيقات ميدانية في مراكز اعتقال بطرابلس والزاوية والجبل الغربي ومصراتة وبنغازي، ''في جانفي ومطلع 2012 زار موفدون من منظمة العفو الدولية 11 مركز اعتقال وسط وغربي ليبيا تستخدمها عدة ميليشيات، وفي 10 من تلك المراكز قال المعتقلون إنهم تعرضوا للتعذيب أو سوء المعاملة في أماكن اعتقالهم''. ويضيف التقرير ''قد توفي ما لا يقل عن 12 معتقلاً بعد تعذيبهم منذ شهر سبتمبر. وكانت الكدمات والجروح تغطي أجسادهم، وبعضهم نزعت أظافرهم''. وتبرز منظمة العفو الدولية شهادات معتقلين قابلهم مندوبوها، أكدوا فيها تعرضهم للتعذيب وبأنهم اعترفوا بأنهم اغتصبوا نساء وقتلوا لكن كان ذلك تحت التعذيب، وقال معتقلون في طرابلس وغريان ومصراتة وسرت والزاوية لمنظمة العفو الدولية إنهم علقوا من أرجلهم، وإنهم ضربوا لساعات بالسياط والحبال والخراطيم البلاستيكية والسلاسل والقضبان المعدنية والعصي الخشبية. وتضيف المنظمة الحقوقية بأنها عثرت على معتقلين حاول المحققون إخفاءهم في أحد مراكز الاستجواب في مصراتة وطرابلس، حيث تعرضوا لتعذيب شديد، أحدهم بلغ به ما تعرض له من تعذيب حداً جعله بالكاد قادراً على الحركة أو الكلام. وتقول دوناتيلا روفيرا ''إن غطاء الوقاية من المحاسبة الذي تتمتع به الميليشيات يرسل رسالة مفادها أن مثل تلك الانتهاكات يمكن التغاضي عنها وهو يساهم في جعل مثل تلك الممارسات أمراً مقبولاً. يجب محاسبة الأفراد المسؤولين عن ارتكاب الانتهاكات قصاصاً لأفعالهم، ويجب عزلهم من مناصبهم التي من شأنها أن تتيح لهم تكرار مثل تلك الانتهاكات''، وطالبت في هذا السياق من الضروري أن تظهر السلطات الليبية بحزم التزامَها بطي صفحة عقود من الانتهاكات المنهجية، وذلك بكبح جماح الميليشيات، والتحقيق في كافة الانتهاكات المرتكبة في الماضي والحاضر، وملاحقة الجناة قضائياً من جميع الأطراف، وفق ما ينص عليه القانون الدولي''. وبدأت في بنغازي أول أمس الاحتفالات بالذكرى الأولى لاندلاع الثورة الليبية ضد نظام القذافي وقام ناشطون بإشعال شعلة الثورة وسط المدينة. وقد أعلن المجلس الوطني الانتقالي الحاكم في ليبيا عن مكافأة بلغت 1500 دولار لكل عائلة ليبية بهذه المناسبة، وذلك في تعميم أصدره أمس الأربعاء. وقد دعا رئيس المجلس مصطفى عبد الجليل إلى أن تكون الاحتفالات هذا العام في عموم ليبيا خالية من المظاهر المسلحة.