أصبح ''الإجماع'' في الجمعيات العامة للهيئات الكروية والأندية في الجزائر ''مفخرة''، وعدم إبداء ''رأي مخالف'' أو ''نقد'' ما يمكن نقده، مؤشّرا إيجابيا على التقدّم. وحين نتأمّل في سير ''تمرير الحصيلة'' ونصوّرها في قالب كاريكاتوري، ونلقي بنظرة على من يفترض فيهم ''محاسبة ''الرئيس'' على وجهة المال العام والتدقيق في الجهد المبذول وما تحقق ميدانيا من أهداف ومشاريع رياضية، نصل إلى جمع من الحضور فاقدين للعقل واللّسان ولا ''يصلح'' فيهم سوى الأيدي التي تؤيّد وتصفق وتلوّح دون أن تشير بأصابع الاتهام إلى السيد الرئيس. إذا لم تخني الذاكرة، فإن سنة 2011 كانت كارثة بكل المقاييس للكرة الجزائرية، رغم البحبوحة المالية للاتحادية، فالمال لم يضمن للجزائر رياضيا عُشر الإنجازات المحققة في الثمانينات بأقل الإمكانات، وحين تخرج الأندية والمنتخبات تباعا من المنافسات القارية والدولية، فذلك يعني بالضرورة أن ''الحصيلة الأدبية'' لا يمكن أن تكون إلا سلبية. لم أقو على فهم ما حدث في الجمعية العامة ل''الفاف''، وإذا جعلت من موقف أعضائها، الذين كلّف تواجدهم في ''الشيراتون'' أموالا طائلة، معيارا للحكم على إنجازات الرئيس محمّد روراوة، فأجزم بأن عام 2011 كان أفضل بكثير من سابقه الذي كان مصدر إلهام وفخر وفرحة للجزائريين بلمسات ''الشيخ'' رابح سعدان. المضحك في الأمر أن أعضاء الجمعية العامة للاتحادية ورئيسها و''حاشيته'' وحتى رجال الإعلام الذين غطّوا الأشغال، كانوا يعلمون مسبقا بأن ''الأيدي'' سترفع ''باعتزاز'' للقول ''إننا نعتمد حصيلتك الفاشلة يا الحاج''، وللتأكيد أيضا بافتخار ''أنت مسؤول يا رئيس عن كل ما هو إيجابي فقط، أما ما يكتب من سلبيات، فكلّنا مسؤولون عنها.. إلا أنت، فقد اجتهدت ونحن لم نصب، فلك أجر الاجتهاد، وها هي أيادينا مرفوعة ملوّحة معلنة الولاء وتقول ''وي وي''، إن كرتنا بألف خير''. ذكّرني زميل في المهنة بما لحق بالاتحادية الإيطالية لكرة القدم قبل مونديال 1998، فقد أعدّت رزنامة البطولة وأخذت في الحسبان كل المواعيد الأوروبية للأندية والمنتخبات، وأغفلت احتمالا واحدا كان مستبعدا وقتها، وهو أن يلعب المنتخب الإيطالي مباراة فاصلة قبل الذهاب إلى دورة فرنسا، وتسبّبت ضرورة مواجهة روسيا لكسب تأشيرة المونديال، في إعادة ضبط البرمجة، ووقتها اعتبر ذلك خطأ جسيما تتحمّله الاتحادية. حدث هذا في دولة لا تعترف باختصار ''الفهامة'' في شخص الرئيس، وتستحي حين تؤثر قطرات من الأمطار في أرضيات الملاعب، وتجسّد تهديداتها بالقول والفعل في قضايا الاتهامات بالرّشوة ومحاربة العنف والعنصرية، وهي هيئات تقول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت، هكذا هو الاحتراف في البلدان المحترفة حقا. [email protected]