من المؤسف أن نرى آباء في زماننا غير مُبالين بعلاقات أبنائهم الخارجية، وقد يصل الأمر ببعض الأبناء إلى حدِّ محاولة الانتحار بسبب فشلهم في علاقات عاطفية وآباؤهم لا يعلمون، إنّه متَى غابت أصول التربية الصحيحة والمراقبة الدائمة والملائمة لكلّ مرحلة من مراحل حياة الأبناء حلّت محلَّها أصول العيش الخاطئة، والعلاقات اللاّمحدودة واللاّمُهذَّبة بالشّرع. إنّ من الأحكام الثابتة بالكتاب والسُّنَّة أنّه لا يجوز لإنسان أن يستمتع مع امرأة أجنبية منه لا بكلام ولا نظر ولا بخلوة، فقد ثبت عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: ''لا يخلونَّ رجل بامرأة إلاّ مع ذي مَحرم ولا تُسافر امرأة إلاّ مع ذي مَحرَم''، وقال تعالى: {قُل للمؤمنين يغُضُّوا مِن أبصارهم ويَحْفَظُوا فروجهم ذلك أزْكَى لهم إنّ الله خبيرٌ بما يصنعون}، فقد جعل الله سبحانه العينَ بريد الفرج، فإذا غَضَّ العبدُ بصره غضّ القلبُ شهوته، وإذا أطلق بصرَه أطلق القلبُ شهوتَه ودفع بصاحبه إلى الفاحشة. وقد أرْشَد ووجّه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم شباب أمّته إلى إشباع شهواتهم بالحلال وتهذيبها وضبطها وِفق الشّرع، حيث قال: ''يا معشر الشباب مَن استطاع منكم الباءَة فليتزوّج، فإنّه أغضّ للبصر وأحصن للفرج ومَن لم يستطع فعليه بالصّوم فإنّه له وِجاء''. وبالزّواج تستقرّ النفوس وتهدأ العقول وتسعد الأُسَر، وتأنس بأسمى مشاعر الحبّ والمودّة، قال تعالى: {ومِن آياته أن خلق لكم من أنفُسِكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودّة ورحمة}. فمتى أُعجب الشاب بأخلاق الفتاة ذهب إلى أبيها وخطبها منه، وعلى الأب أن لا يقف حجر عثرة في وجههما إن كان الشاب ذا خُلق ودِين من أجل المال، قال صلّى الله عليه وسلّم: ''إذا جاءَكم مَن ترضون دينَه وأمانته فزوِّجوه إلاّ تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير''، وفي الحديث: ''خير النِّساء أيسرُهنّ مهوراً''، وقال الحسن البصري لرجل قال له: يا أبا سعيد إنّ عندي ابنة كثر خُطّابها فمَن ترى أزوِّجها؟ قال: يا ابن أخي، زوِّجها مَن يخاف الله ويتّقيه فإنّه إن أحبَّها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها. وعلى الفتيات خاصة طالبات العلم أن يتوكّلن على الله حقّ التوكّل وأن يطلُبْن نعمة الزّواج من الله تعالى، وأن يتحلّين بأحسن الأخلاق من الحياء وغضِّ البصر وارتداء اللّباس الشّرعي، فإنّ رزقهنّ يأتيهنّ متى شاء الله. والله الموفق.