شخص متزوج يسكن في مسكن مستقل عن والديه إلاّ أنّه قريبٌ منهما، ولا يحسن إليهما بل يُؤذيهما ويغضبهما من أجل إرضاء زوجته؟ إنّ مكانة الوالدين في الإسلام عظيمة جدًا، وذلك لعظم حقّهما وعظم ما يقدّمانه لولد منذ كونه في بطن أمّه، حتّى إنّ الله تعالى في القرآن ذكر برّ الوالدين ووجوب الإحسان إليهما مقرونًا بوجوب توحيد الله سبحانه وتعالى وعدم الإشراك به، قال سبحانه وتعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا × وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} الإسراء: 2423، وتعِس وخاب وخسر خُسرانًا مُبينًا مَن أدرك والديه أو أحدهما ولم يبرّ بهما ولم يحسن إليهما فلم يدخل الجنّة. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله مَن أحقُّ النّاس بصحبتي؟ قال: أمّك، قال: ثمّ مَن؟ قال: أمُّك، ثمّ قال: من؟ قال: أمُّك، قال: ثمّ مَن؟ قال أبوك'' رواه البخاري ومسلم. ولقد وصّى الله تعالى الأولاد بوالديهم، حيث قال: {وَوَصَّيْنَا الإنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا} الأحقاف: 15، وقال أيضًا: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} لقمان: ,15 فمصاحبة الوالدين بالمعروف واجبة حتّى ولو كانا مشركين أو فاسقين، فكيف بهما إن كانا مسلمين؟ قال صلّى الله عليه وسلّم: ''ألاَ أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: ''ألاّ تشركوا بالله، وعقوق الوالدين'' رواه البخاري. فيجب عليك أن تنفق على والديك وأن تحسن إليهما وأن تخدمهما حتّى تنال رضاهما، فرضاهما من رِضى الرب، وسخطهما من سخط الرب، وإن كان مجرد التأفف في وجهيهما أو في غيبتهما محرّم، فكيف بمَن يبلغ به العقوق إلى ضربهما وإهانتهما وسبّهما، بل وطردهما من البيت إلى دور العجزة والله المستعان. فعيب وعار على مَن فعل ذلك، وخسران وعذاب كبير في الدنيا والآخرة لمَن عقّ أبويه أو أحدهما إلى هذا الحد. فوالله لن ينجح في هذه الدنيا مَن أساء إلى والديه وأغضبهما ولم يسع من أجل إرضائهما، قال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} النور: 31، والله أعلم. ما هو حكم المغالاة في المهور، خاصة في بعض المناطق حتّى أنخفضت نسبة الزّواج؟ إنّ الزّواج من أعظم نعم الله على العباد، حيث قال سبحانه وتعالى في معرض الامتنان: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً} الروم: .21 فالزّواج يُحقّق الاستقرار والسكينة للعبد، كما يمكن للعبد من إحصان نفسه بالحلال حتّى لا يفكّر في الحرام، لكن ما يحدث في الواقع من أمور تعرقل تسهيل الزّواج أمام الشباب غير مقبول شرعًا ولا عرفًا، وقد قال صلّى الله عليه وسلّم: ''يا معشر الشباب مَن استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنّه أغض للبصر وأحصن للفرج'' أخرجه البخاري ومسلم، والباءة هي القدرة البدنية والقدرة المالية، فقد تجد شابًا معتدلاً من الناحية المادية، لكن إذا قوبل باشتراط مهر كبير أصبح عاجزًا عن توفيره وعن الزواج، وهذه الحقيقة من أكبر معاول هذا المجتمع، فالشباب إن لم يجدوا سبيلاً لإشباع شهواتهم ربّما فكّروا في اللجوء إلى الحرام الّذي لا يكلّفهم فلسًا واحدًا. فعلى الأولياء إن خطب ذو خُلُق ودِينٍ ابنتهم أن يزوّجوه، وأن لا يشترطوا مهرًا كبيرًا يورث الهمّ والنّكد لابنتهم، سواء أتمّ الزّواج أساسًا عليه أو لم يتم، حيث تبقى عانسًا طيلة حياتها، وإذا تمّ ستستشعر وكأنّها سلعة باعها أبوها بأبهظ الأثمان، وقد قال صلّى الله عليه وسلّم: ''خير النِّساء أيسرهنّ مهورًا''، وفي رواية: ''أعظم النِّساء بركة أيسرهنّ مهورًا'' أخرجه البخاري ومسلم.ئ؟