كنا نود الاحتفال بالذكرى الخمسين للاستقلال ونحن في وضع أحسن مما نحن فيه الآن.! وضعنا الآن يشبه وضعنا سنة 1954 في علاقة السلطة الحاكمة في البلاد بالشعب.. فلا السلطة الحاكمة تحترم إرادة الشعب، ولا الشعب يعترف بهذه السلطة، تماما مثلما كان حال الشعب مع الكولون سنة .1954 السلطة، الآن، ترقص فرحا، لأنها نجحت في تهميش الشعب وإقصائه من الحياة السياسية والاقتصادية للبلاد، تماما مثلما كان الكولون سنة 1954 يرقصون في الشوارع فرحا وقد استتب لهم الأمر في البلاد على الصعيد السياسي، من خلال دخول الحزب الوطني الذي يطالب بالاستقلال الوطني في أزمة مفتوحة نشبت بين الأمين العام مصالي الحاج ولجنته المركزية.! وهي الصورة التي نشاهدها اليوم في ما يجري في جبهة التحرير، مع التحفظ على تشبيه بلخادم بمصالي، وتشبيه كوارث اللجنة المركزية للأفالان، اليوم، بمناضلي القضية الوطنية في اللجنة المركزية لحزب انتصار الحريات الديمقراطية، لأن بلخادم ومناوئيه هم في الحقيقة جزء لا يتجزأ من الكولون الجدد الذين يناصبهم الشعب العداء الآن، مثلما ناصب الكولون القدامى العداء.! وإن كنت أنسى، فإنني لا أنسى تلك الأناشيد التي كنا نحفظها في الكتاتيب عن ظهر قلب، ولا نعرف حتى معناها، تماما مثلما نحفظ القرآن ولا نعرف معانيه، ومن هذه الأناشيد الأنشودة التي تقول: فرنسا تعفب في الحياة.. وتصنع في السيارات.. واحنا نصنا ضاع ومات غير مالهم والميزيرية.! ياالي تحب لافريك دينور.. شارك في الوطنية.. دافع على العلم المنصور تاع الدولة الجزائرية.. علمنا اخضر حرير.. ارماتو فرنسا في بئر.. النوضوليه كبير وصغير، لملحقناش الحال تلحق عليه الذرية. اليوم، نحتفل بالذكرى الخمسين للاستقلال، والبلاد على مستوى علاقة الشعب بالحكم تشبه علاقة الشعب بالكولون في .1954 وعلى مستوى الاستقلال السياسي وبناء مؤسسات الدولة، فإن الوضع، اليوم، يشبه الوضع في جوان .1962 صراعات سياسية حامية وباردة، وأخطار خارجية محدقة بأمن البلد، وحكومة غير موجودة ولا يوجد ما يوحي بأنها يمكن أن توجد وفق ما يرضي الشعب.! والكولون الجدد يتفنّنون في استفزاز الشعب بسيارات الهامر، هم وأبناؤهم، في شوارع المدن! والاحتفال بالذكرى الخمسين للاستقلال يكاد يتحوّل إلى احتفال يشبه الاحتفال بالذكرى المئوية لنزول الكولون بيننا.! وسيدي فرج الذي أصبح ملكية خاصة للخاصة، يحتفى فيه بعيد استقلال الخاصة، وتحويل دولة الاستقلال إلى ملكية خاصة للخاصة.! فلا أمل، فالأفق مسدود.! [email protected]