ولد العلامة الشيخ محمد الخضر حسين بنفطةبتونس سنة 1873م، وكان أبوه الحسين بن عليّ بن عمر من مريدي وأتباع الشيخ مصطفى بن عزوز صاحب الطريقة الرّحمانية، وجدّ الشيخ محمد الخضر حسين من أمّه، أمّا جدّه من الأب علي بن عمر فهو من العلماء الكبار ومؤسّس الزاوية العثمانية بطولفة. وفي 1837م، هاجر الشيخ مصطفى بن عزوز بمعية عائلته وأتباعه إلى نفطةبتونس بسبب مضايقات المستعمر الفرنسي، وعند بلوغه الثانية عشرة انتقلت عائلته إلى تونس العاصمة، حيث تمكّن من مواصلة دروسه بجامع الزيتونة التي تخرّج منها. أصدر العام 1904م مجلة أطلق عليها ''السعادة العظمى'' وهي أوّل مجلة عربية تصدر بتونس. وفي 1912م سافر إلى سوريا واستقرّ بدمشق ورحّب به العلماء والمشايخ نظرًا لشهرته، من خلال مؤلّفاته ''الحرية في الإسلام'' و''الدعوة إلى الإصلاح'' و''حياة اللغة العربية''، وعيّن عضوًا في المجمع العلمي العربي. بعد ذلك قرّر الشيخ الخضر الرحيل إلى مصر بعد احتلال سوريا سنة 1920م وهناك زاد عطاء الشيخ ونشبت بينه وبين بعض المفكّرين خلافات فكرية من ذلك؛ مع الأديب طه حسين الذي أصدر كتابه ''في الشعر الجاهلي'' وردّ عليه الشيخ الخضر ''نقض كتاب الشعر الجاهلي''، كما أسّس جمعية الهداية الإسلامية وترأسّها والتف حوله الشيوخ والعلماء. وفي سبتمبر 1952م وقد ناهز الشيخ الثمانين من عمره، وبعد انتصار الضباط الأحرار بمصر وإلغاء الملكية، تقرّر تعيينه شيخًا للأزهر، فأبدى الشيخ في البداية امتناعًا نظرًا لخطورة وأهمية المسؤولية، لكنّه قَبل بعد إلحاح السيد حسن الباقوري وزير الأوقاف المصري. وتذكّر الشيخ والداته التي كانت تداعبه في صباه وهي تقول له ''لخضر يا لخضر تكبر وتولي شيخ الأزهر''، وبعد سنتين قدّم استقالته من مشيخة الأزهر ليتفرّغ للحياة العلمية.