يروي الشرشاليون أنّ الأمير عبد القادر حينما زار المنطقة، أعلن الجهاد من منبر المسجد الكبير، ويرون في ذلك إضافة في اعتزازهم بهذا المسجد الذي يبقى شاهدًا على بصمة المهاجرين الأندلس بالمدينة. الجامع الكبير أو مسجد المائة عرصة أو مسجد الجمعة، هو إحدى المنارات الإسلامية التي كانت مدرسة لتحفيظ القرآن وترسيخ الثقافة الإسلامية لسكان المنطقة، ولعب دورًا قاعديًا في التعليم والتّدريس وتعليم القرآن الكريم. شيّد الجامع الكبير الذي يقع وسط مدينة شرشال في عهد الأتراك في القرن السادس عشر وتحديدًا سنة981ه الموافق ل1574/73، ويتميّز بجمال هندسته المعمارية، إذ يشرف على ساحة كبيرة تلتقي عندها شوارع ضيّقة كالقصبة، ومساكن متلاصقة تحيط به وساحة أخرى صغيرة من جهة الشمال، ويتألّف من قاعة للصّلاة مستطيلة الشكل بها 100 عمود وله نوافذ صغيرة وعالية ومنبر عتيق بالإمام. ولقاعة الصّلاة مداخل شرقًا وجنوبًا، حيث شيّدت المنارة فوقه بشكل مربع، ويوجد فيها مدخل يؤدّي إلى السطح للأذان، وتبلغ مساحته الإجمالية 1734م2 وبه ساحة داخلية غير مغطاة بها فوّارة مساحتها 10/16م كانت تستعمل كمكان للوضوء، قبل أن يتم تحويل مكان الوضوء خارج قاعة الصّلاة. احتلت فرنسا مدينة شرشال سنة 1840م، التي كانت جزءًا من منطقة بني مناصر الواسعة والممتدة من غرب متيجة إلى بني حواء. وقادت أسرة البركاني حربًا ضدّ فرنسا ميّزتها الشّهامة، ساعدها في ذلك الطابع الجبلي للمنطقة وقبائل أمازيغية حافظت على أصالتها أدخلت في عدّة معارك مع الجيش الفرنسي تحت قيادة سي امحمد بن عيسى البركاني، إلى أن استشهد في معركة التافنة. وكان الأمير عبد القادر قد أعلن الجهاد بعد صلاة العصر من الجامع الكبير رفقة سي امحمد بن عيسى البركاني بتاريخ 1832م، بعد تعيينه خليفة له ببايلك التيطري (منطقة المدية) وذلك في اجتماع بالمسجد الكبير بشرشال بعد صلاة العصر، وكان كفاح هذا المسجد وصراعه ضدّ الاستعمار على مدى ما يقرب من قرن أو أكثر.