وصف الروائي حميد فرين وضعية المثقفين الجزائريين بغير المريحة، واعتبر أن قضاياهم غير واضحة، فهم يدافعون عن قضايا السلطة ومواقفها ويبرّرونها. وفي نفس السياق، اعتبر نور الدين جباب أن علاقة المثقف بالسلطة في الوطن العربي تحكمها عقلية التخوين، وتقسيم المجتمع إلى مساندين للسلطة وأعداء لها، وهو ما أدى إلى انتشار ظاهرة إقصاء النخب النقدية. وقال عبد المجيد مرداسي، أول أمس، خلال مشاركته في ندوة جريدة ''الجزائر نيوز'' بمكتبة الأمير عبد القادر بالجزائر العاصمة لمناقشة موضوع ''المثقف الجزائري والسلطة''، إن النخب الجزائرية ساهمت في الفعل الثوري خلال حرب التحرير، لكنها تعرّضت للإقصاء والتهميش بعد الاستقلال، موضحا أن الجماعة التي قامت بتفجير الثورة كانت عبارة عن أقلية، لكن التصور الذي اعتمدته السلطة بعد 1962 قام على أسطورة تمجيد الشعب ودوره النضالي على حساب دور النخب. وبالعودة إلى أطروحات الراحل عبد القادر جغلول، استنتج مرداسي أن الفكر الثوري المعادي للاستعمار تبلور في أوساط النخب الاجتماعية في المدن، وكان للنخب دور فاعل في صياغته. وأوضح مرداسي أن المثقف الجزائري وجد نفسه بعد انتهاء الوضعية الاستعمارية في موقع معارض لخيارات السلطة. إلا أن حميد فرين قدّم حقيقة مغايرة، واعتبر أن الكتاب الجزائريين، باستثناء محمد ديب، خدموا السلطة، وذكر أسماء مالك حداد، ومراد بوربون ومولود معمري. بينما رأى الأستاذ نور الدين جباب أن نظام بومدين عرف كيف يستعمل المثقفين، عبر استقطاب أفراد منهم من كل التوجهات لخدمة ايديولوجيته، بما في ذلك جزء كبير من المثقفين اليساريين. وتحدث الأستاذ جباب في مداخلته عن طبيعة السلطة في الجزائر، داعيا إلى تحليل طبيعتها وعلاقة المثقف بها، معترفا بوجود مظاهر اجتماعية سلبية أنتجتها السلطة، تقوم على ''رشوة المجتمع واستقطاب النخب''، وقال: ''حتى النخب التي أبدت نوعا من الرفض والتي تؤمن بقيم الجمهورية، تفاوضت لاحقا من أجل المناصب، فوقعت في المأزق''. وعرفت الندوة التي نشطها الكاتب الصحفي أحميدة العياشي وحضرها عدد من الوجوه الثقافية والسياسية، نقاشا حادا دام طويلا، حيث أثيرت عدة قضايا حساسة، على غرار قضية عدم اهتمام السلطة بأفكار المثقفين، وجهلهم لها، وعدم متابعتها لهم بغرض التقليل من شأن أفكارهم وعدم منحهم فرصة التأثير والانتشار.