عاشت سوريا، يوم أمس، يوما قد يكون من أكثر الأيام دموية منذ اندلاع أحداث التمرد المناوئ لنظام بشار الأسد، بعد أن خلفت عمليات القصف الجوي والمدفعي للقوات الحكومية، والمواجهات العنيفة بين طرفي الصراع، الجيش النظامي والحر، عشرات القتلى والجرحى. قال الجيش الحر في بيان له، أنه نفذ، يوم أمس، عملية نوعية بحي القندول بمدينة حلب، مكنته من القضاء على خمسة وثلاثين جنديا وتدمير عدد من الآليات التي كانوا يستخدمونها في قصفهم للثوار، وتمكن، حسب ذات البيان، من أسر ضابط كبير برتبة عميد في الأمن الخارجي يدعى علي صقر حسن، وفي حادث دام آخر بنفس المدينة، قالت الهيئة العامة للثورة السورية إن غارة جوية على حي قاضي عسكر، خلفت مقتل ستة وثلاثين مواطنا كانوا مصطفين في طابور أمام مخبزة، كما تعرضت أحياء الفردوس والأنصاري والكلاسة وبستان القصر والشعار بحلب دائما تعرضت للقصف البري والجوي بعنف لم يسبق أن عرفته من اندلاع الحرب، مخلفا بطبيعة الحال عددا كبيرا من القتلى والجرحى لم يعرف لحد الساعة عددهم، وفي تطور آخر، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مسؤول صحي تركي، أن خمسة عشر شخصا من جرحى قرية إعزاز قد توفوا متأثرين بجروحهم، ليرتفع عدد قتلى الغارة الجوية لطائرة حربية سورية على هذه القرية الواقعة بريف حلب إلى خمسة وخمسين قتيلا، بالإضافة إلى مائتي جريح، وأوضح المسؤول التركي الصحي أن القتلى الجدد، هم من ضمن أكثر من مائة جريح سوري نقلوا إلى مستشفيات تركية للعلاج بعد تعذر علاجهم بمستشفى القرية بسبب عدم قدرته على استيعاب كل المصابين، خاصة وأن أغلب هؤلاء الجرحى يعانون من حروق بليغة، وهو ما يرجح أن العديد منهم سيفارق الحياة في وقت لاحق، للإشارة جاءت الغارة الجوية على القرية بعد تمكن مقاتلي ''الحر'' من السيطرة عليها، وزيادة على هذا لم تتمكن قوات النظام من تحقيق أي مكاسب على أرض حلب بالرغم من استخدامها المفرط للقوة. أما بالعاصمة دمشق، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن حيي العسالي والتضامن تعرضا للقصف من قبل القوات النظامية، كما سقطت عدة قذائف على البساتين المحيطة بحي المزة، لكن لم ترد أنباء عن سقوط ضحايا، نفس هذه الأجواء عاشها ريف دمشق خاصة مدينة التل التي تعرضت لقصف جوي عنيف دفع المجلس العسكري الأعلى للجيش الحر، لتوجيه نداء لإغاثة المدينة بعد سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى في هذا القصف. سياسيا علقت بصفة رسمية منظمة التعاون الإسلامي في ختام قمتها بمكة المكرمة عضوية سوريا، مرجعة السبب إلى الحملة العنيفة التي يشنها الرئيس بشار الأسد لقمع الانتفاضة المستمرة منذ منذ 17 شهرا، وقال البيان الختامي للقمة إن المؤتمر قرر تعليق عضوية سوريا في منظمة التعاون الإسلامي وجميع الأجهزة والمؤسسات المتخصصة التابعة لها، هذا القرار انتقده وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي قائلا إن هذا يتعارض مع ميثاق المنظمة، ونقلت عنه وكالة الأنباء الإيرانية قوله ''قبل اتخاذ مثل هذا القرار من الضروري دعوة الحكومة السورية لحضور الاجتماع حتى تستطيع الدفاع عن نفسها وحتى يستطيع المشاركون الاستماع إلى وجهة نظرها الرسمية''، لكن على النقيض من هذا، رحب المجلس الوطني السوري بقرار المنظمة، مؤكدا على ''حاجة الشعب السوري إلى مساعدة'' المنظمة ''للدفاع عن وجوده''، وقال المجلس في بيان له إنه ''يرحب بقرار منظمة التعاون الإسلامي دعم الشعب السوري وتجميد عضوية سورية في منظمة التعاون الإسلامي لمنع النظام المجرم من تمثيل الشعب السوري في المنظمة''، كما أكد في ذات البيان أن ''ما يتعرض له الشعب السوري تجاوز حدود الخلاف السياسي والأزمة الإنسانية ووصل إلى حد تدمير بلد عريق ومركزي في الأمتين العربية والإسلامية''. بموازاة هذا أبلغت روسيا، يوم أمس الخميس، الولاياتالمتحدة أنها تفضل بقاء الأممالمتحدة في سوريا، قائلة إن خروجها من هناك ستكون له عواقب سلبية وخيمة على المنطقة، بينما تقول الولاياتالمتحدة إن هؤلاء المراقبين يجب أن يغادروا، وجاء في بيان لوزارة الخارجية أن نائب وزير الخارجية الروسي جينادي غاتيلوف، أكد في اجتماع جمعه مع نظيرته الأمريكية، ويندي شيرمان، ''الحاجة إلى بقاء الأممالمتحدة في سوريا''، وهذا على عكس موقف الإدارة الأمريكية التي ترى بأن مراقبي الأممالمتحدة غير المسلحين يجب ألا يبقوا في سوريا بعد انقضاء مهمتهم بعد يوم غد الأحد، غير أن واشنطن أبدت استعدادها للنظر في إمكانية أن يكون للأمم المتحدة وجود في سوريا، لكن ذو طبيعة أخرى، مع هذا ينتظر أن ينهي مجلس الأمن الدولي تواجد هؤلاء المراقبين، وهذا لأن شرط مجلس الأمس بضرورة امتناع سلطات دمشق عن استعمال الأسلحة الثقيلة وانحسار العنف مقابل عودتهم يبدو شرطا غير قابل للتحقق. وفي شأن سياسي آخر أثنت مستشارة الرئيس السوري، بثينة شعبان، المتواجدة في العاصمة الصينية بكين، على دور الصين وروسيا في العمل على حلّ الأزمة السورية، لأنهما لا تتصرفان كقوتين استعماريتين، حسب تعبيرها، وقالت إن مبادئ الصين تساهم في تفادي حرب أهلية قد تؤدي إلى سقوط المزيد من الضحايا. وفي شأن ذي صلة دعت كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ودولة قطر والكويت والبحرين رعاياها إلى مغادرة لبنان فورا، وأمر العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز بإرسال طائرات إلى لبنان لترحيل جميع الرعايا السعوديين من هناك، جاءت هذه المستجدات بعد إقدام مسلحين تابعين لعشيرة آل المقداد الشيعية اللبنانية، على اختطاف حوالي ثلاثين رعية سورية من المتواجدين على الأراضي، ردا على احتجاز الجيش السوري الحر مواطنا لبنانيا من آل المقداد في دمشق، واتهامه بمساندة الجيش النظامي السوري.