يعتبر عيد الفطر المبارك من المناسبات التي تفتخر فيها الفتيات بخطبتهن، وفرصة لتقدير قيمتهن لدى أزواجهن المستقبليين، بعدما تشدّ أنظار العائلة إلى ما سيجود به الزوج أو أهله من هدايا ثمينة. غالبا ما يكون الذهب حاضرا في عادات الأسر الجزائرية، حيث يفترض أن يقدّم الزوج مجوهرات لخطيبته، إلى جانب هدايا أخرى، من ملابس وحلويات خاصة بمناسبة العيد. وبالنظر إلى الوضعية المادية المتواضعة لبعض الشباب وعجز آخرين منهم جراء معاناتهم من البطالة وعدم استقرار المهنة، تضطر بعض الفتيات إلى المساعدة دون علم عائلاتهن. فبين إلزامية تقديم المهيبة في عادات مجتمعنا وعجز بعض الأزواج عن تقديمها، تجد بعض النساء أنفسهن مجبرات على شراء المجوهرات بأنفسهن وتقديمها للزوج ليحضرها يوم العيد أمام الأهل والأقارب، حسبما أكده المجوهراتي يوسف الذي يمارس مهنته بأحد أحياء المدنية بالعاصمة، حيث أوضح أن الفتيات، العاملات على وجه الخصوص، تصطحبن زوج المستقبل لاختيار هدية العيد حسب أذواقهن، وتقمن في بعض الحالات بدفع ثمنها وتقديمها للزوج، ليحضرها لها يوم العيد، وهي الوضعية التي ساهمت في ظهورها، حسب المتحدث، حالة الشباب اليوم وفشلهم في العثور على وظيفة مستقرة، بالإضافة إلى رغبة بعض الفتيات بالزواج التي تدفعهن إلى قبول مساعدة الخطيب مقابل تفادي الإحراج أمام العائلة. وقال محدثنا إن بعض الفتيات لا يستطعن هن أيضا دفع قيمة المهيبة دفعة واحدة، ويطلبن من صاحب المحل دفع المبلغ بالتقسيط على فترات معيّنة ومنهن من يطلبن المجوهرات، يضيف يوسف، قبل حلول شهر رمضان. فتيات يقتنين خاتم العيد لتفادي ''القيل والقال'' تركنا محل يوسف وتوجهنا إلى محل الأمل ببلدية أولاد يعيش بالبليدة، حيث استقبلنا صاحبه كمال، وأكد أن بعض النساء المخطوبات لجأن إلى ابتكار حيلة للتحايل على الأهل والأقارب في مسألة المهيبة، حيث يتفقن، حسبه، مع نصفهم الآخر على تأجير نوع محدّد من المجوهرات لفترة معيّنة من صاحب المحل الذي يأخذ مبلغا ماليا للضمان في فترة التأجير وهوية المؤجر، حيث يأخذ الخطيب المجوهرات في إطار المهيبة للخطيبة أمام الأقارب، ثم يقومان بإعادتها أياما بعد العيد، وهي حيلة، يقول كمال، ابتكرتها بعض النساء للتخلص من عبء العادات وحرج العائلة، والحفاظ في نفس الوقت على زوج المستقبل. ومن خلال حديثنا إلى بعض النسوة بمحل مجوهرات ''حميطوش'' بالحراش، أكدت سعاد ولطيفة وحياة أنهن لا يعتبرن ''المهيبة'' فرضا على الرجل في الوقت الحالي، إلا أن العادات تحتم عليهن إرضاء العائلة وتفادي القيل والقال من طرف الأقارب، ما يلزمهن على اقتناء خاتم العيد بأنفسهن، فيما أكدت نسيمة ولامية أنهما لا تقبلان مساعدة الزوج منذ أيام الخطوبة، قصد معرفة إذا كان يُعتمد عليه أم لا مستقبلا، وأكدتا أنهما تنتظران المهيبة التي تقدّم من طرف الزوج أو أهله في غالب الأحيان. وترى بعض الحموات اللواتي صادفناهن بالمحل أن الزوج ملزم بإحضار المهيبة، تبعا للعادة واختبارا لقدراته على تحمّل المسؤولية. وفي هذا السياق، أكدت الحاجة غنية أنها تضطر لاقتناء حاجيات المهيبة لابنها حتى تتركه يستكمل تحضيرات الزفاف بكل ارتياح، وقالت إنه ينبغي على الأهل المساهمة بنسب معيّنة في استقرار أبنائهم في بيوت الزوجية، وتمكينهم من بدء رحلة حياتهم الخاصة. أما الشباب، فقد أكدوا أنه لا غبار على قيمة شريكة حياتهم، إلا أن الظروف المادية تحتم عليهم غالبا تقديم القليل، أو الاستعانة بخطيباتهم لشراء المجوهرات الخاصة بالمناسبة لتقديمها خلال زيارة العروس في بيت أهلها. وقال عبد الحق إنه وخطيبته متفقان بهذا الخصوص، ولولا العائلة، لتخليا عن هذه العادة التي لا يعتبرونها ضرورية في الوقت الحالي. ''الطايوان'' يسدّ حاجتهن دون تكلفة زائدة من جانب آخر، عزفت فئة كبيرة من النساء، هذه الأيام، عن شراء الذهب نظير ارتفاع أسعاره في الوقت الراهن، وقد توجه الكثير منهن لشراء ''الذهب المشلل''، والذي يعتبر مقلداً للذهب الأصلي، على اعتبار أن أسعاره في متناول اليد. وفي جولة ل''الخبر'' بمحلات الذهب المترامية عبر شوارع وأزقة الجزائر العاصمة من حسين داي وصولا إلى ساحة الشهداء، لاحظت التزاحم الكبير على محلات ''الذهب'' تحضيرا لعيد الفطر المبارك، إلا أن الجديد في الموضوع أن الطوابير الطويلة لا تنشد شراء الذهب الحقيقي، بل مجوهرات مقلدة مصبوغة بسائل الذهب التي يكون الشبه بينها وبين الذهبية متوافقا إلى حد ما. ويبدو أن هذه الإجراءات التي أصبحت تبتكرها العائلة الجزائرية لتتماشى مع دخلها، ساهمت كثيراً في التقليل من هوامش أرباح محلات الذهب الأصلي. تقول حفيظة ''إن الحلي المصبوغ بالذهب يناسب قدرتي المادية ويقضي حاجتي السريعة، دون تكلفة زائدة''، وأضافت أن الذهب الأصلي يزداد غلاء، خاصة في فترة المناسبات، وهو ما جعل الكثير لا يلتفت إليه هذه الأيام. وذكرت محدثتنا بموقف حصل معها في أحد محلات سوق الذهب الأصلي، عند شرائها خاتماً ب9000 دج، وعند عودتها لنفس المحل بعد أسبوع لبيعه، أخبرها البائع بأنه سوف يشتريه بسعر6000دج لا غير، بحجة أنه يحتسبه على أنه ذهب مستعمل، أو ''كاسي'' كما يطلق عليه. ويؤكد أحمد، بائع للذهب والمجوهرات المصبوغة في ساحة الشهداء، على تزايد التوافد عليها بكثرة، بالإضافة إلى الفضة. يقول: ''حتى أصبحنا نقوم بتأجير الفضة بأسعار مغرية تصل إلى 15ألف سنتيم لليوم''، مضيفاً أنه يتواجد من ''الذهب المشلل'' كل ما تحتاجه المرأة، من أطقم وأساور وأحزمة و''خلاخل'' وغيرها. بائعو الذهب الأصلي مستاؤون وفي السياق ذاته، أوضح عبد الرحمن وعبد الرزاق، صاحبا محل الحلي بضواحي ديدوش مراد، أن أسعار الذهب ''المشلل'' تتفاوت. فمثلاً، الأطقم الخفيفة تتراوح بين 3000دج و4000دج، والثقيلة من 3500دج إلى 5000دج، فما فوق، حسب الوزن والشكل. والمؤكد أن هذه التجارة الحديثة في مجال الحلي، والتي شهدت اتساعا كبيرا في السنوات الأخيرة، أثرت بشكل أو بآخر على تجارة الذهب الأصلي، وهو الأمر الذي أثار استياء بعض التجار الذين زارتهم ''الخبر''، حيث أكدوا أن تجارتهم في تناقص بعد غزو المجوهرات المقلدة للأسواق. ورغم ذلك، يبقى هذا النوع من النشاط يعرف إقبالا واسعا من طرف المواطنين، الذين وجدوا فيه الحل الأنسب لمواجهة ارتفاع الأسعار وإرضاء الأهل والأحباب.