دعت المفوضة السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، الحكومة الجزائرية إلى إعادة النظر في تعاملها مع مسألة التجمع والتجمهر، وإن قالت إن الجزائر قطعت شوطا معتبرا في المجال الحقوقي، إلا أنها سجلت ملاحظات عدة، بلغة انتقاد طالت قضية المفقودين والنقابات والجمعيات. وقالت المفوضة نافيي بيلاي في ندوة صحفية عقدتها أمس بالعاصمة، إنها ''منشغلة حيال نمط تعاطي الحكومة مع ملف حرية التجمهر والتجمع بالنسبة لفئات عدة، داعية أجهزة الأمن إلى التعامل الإيجابي مع الاحتجاجات، بينما لفتت إلى ''مضايقات'' يتعرض لها النقابيون ونشطاء حقوق الإنسان، منتقدة -أيضا- جوانب من قانون الجمعيات الجديد الذي يضيق -حسبها- على تأسيس الجمعيات، مبدية قلقها حيال ''تحرشات وتوقيفات تعسفية وانعدام الحماية القانونية لنشطاء الجمعيات والحقوقيين، خاصة ما تعلق بالمبلغين عن قضايا الفساد''، الظاهرة التي أدرجتها بيلاي ضمن الملفات المقلقة بالنسبة للهيئة الأممية، لكنها شددت على أن الحكومة ''لها مبرراتها في مسألة منعها التمويل الأجنبي للجمعيات''، وهو الانشغال الذي أثارته عديد الأحزاب لدى مناقشة القانون المتواتر عن الإصلاحات السياسية. وأشارت المتحدثة إلى أن نمط تعاطي الحكومة مع بعض الملفات نابع من سعي السلطات لتفادي ''العودة إلى سنوات التسعينيات''، وقالت إن الجزائر ''بذلت مجهودات جبارة من أجل ذلك، وهي التي عاشت سنوات التسعينيات معضلة أمنية راح ضحيتها الآلاف من الأطفال والنساء والرجال بسبب الإرهاب''، وأضافت ''ينبغي أن تفتخر الجزائر بالإصلاحات السياسية، والانفتاح الذي أنتج العديد من الأحزاب الممثلة في البرلمان''، كما اعتبرت أن ''حرية التعبير عرفت تطورا'' من خلال أداء إعلامي ''بلا خوف''. وقدمت المسؤولة الأممية، ملف المفقودين، أصعب ملف تواجهه الجزائر، وإن أشادت بآلية تعويض عائلات المفقودين، إلا أنها شددت ''على الحكومة تزويد الأهالي بما يكفي من معلومات حول ظروف اختفاء ذويهم ومصيرهم''. وكشفت بيلاي أن فريق عمل أممي سيزور الجزائر لبحث ملف ''الاختفاءات القسرية''، وشددت ''أتمنى أن تكون زيارتهم قريبا''، على أنها درست مع مسؤولين في الحكومة، إمكانية تصديق الجزائر على اتفاقيتين أمميتين، تتعلق الأولى بالتعذيب والثانية تخص الاختفاءات القسرية. وشددت بيلاي على ضرورة دعم طاقات استيعاب المدارس والجامعات، ودعم مجهودات تزويد مناطق الجنوب بالمياه، كما أشادت المتحدثة بمنح ''كوطة'' للنساء في البرلمان، قائلة ''إن تعززت حقوق المرأة وتم التخفيف من حالة اليأس والحد من البطالة، فإن الجزائر ستقود منطقة شمال إفريقيا''. وكانت بيلاي قد التقت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أمس، والوزير الأول ووزير العدل ورئيس اللجنة الاستشارية لترقية حقوق الإنسان، وتباحثت معهم حول راهن الوضع الحقوقي في الجزائر.