أكدت مفوضة الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان، السيدة نافانتيم بيلاي أن الجزائر في موقع جيد للعب دور الريادة في مجال حقوق الإنسان في المنطقة، وذلك بفضل الجهود التي تبذلها من أجل ترقية هذه الحقوق والمصادقة على الاتفاقيات الدولية، مشيرة إلى أن زيارتها للجزائر قد خلقت فضاء لإقامة علاقات مكثفة وبناءة بين مختلف فروع حقوق الإنسان للأمم المتحدة والحكومة والشعب الجزائري. وقالت السيدة بيلاي، أمس، خلال ندوة صحفية بإقامة الميثاق إنها قدمت للحكومة الجزائرية والمؤسسات العمومية الأخرى كل الدعم والتعاون التقني لترقية حقوق الإنسان، مشيدة -في هذا الصدد- بالجهود التي بذلتها البلاد بعد عشرية دامية راح ضحيتها العديد من الأبرياء في فترة التسعينيات، وهي الأحداث العنيفة التي مازالت مستمرة، حسب المسؤولة الأممية بسبب ما تشهده منطقة شمال مالي وإفرازاتها. في هذا السياق، أبرزت أن المشاكل الأمنية تمثل مصدر انشغال في حد ذاتها وأن تأثيرها السلبي يلقي بظلاله على وضعية حقوق الإنسان على عدد من قطاعات المجتمع، مضيفة أن حماية السكان من التطرف الداخلي أو من ذلك الآتي من الخارج أمر مفهوم باعتبار أنه (التطرف) يعيق جهود الإصلاح التي تباشرها الحكومة ولها تأثير على أنشطة منظمات المجتمع المدني ومدافعي حقوق الإنسان. من هنا أكدت المسؤولة الأممية أهمية زيارتها للجزائر، التي تتزامن مع احتفالات ذكرى عيد الاستقلال، وكذا التطورات الهامة التي تشهدها البلاد على غرار منطقة شمال إفريقيا، مما يعني –حسبها- بروز فرص جديدة لتطوير حقوق الإنسان على ضوء التهديدات والتحولات التي تعرفها دول الجوار. وأوضحت أن محادثاتها مع المسؤولين الجزائريين قد تركزت على الجهود المحققة في كيفية معالجة المشاكل والاختلالات المسجلة في هذا الخصوص، وأعربت -في هذا الصدد- عن ارتياحها لمصادقة الجزائر على مجمل المعاهدات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، مشيرة إلى أنها خلال زيارتها لمست اهتمام الجزائر للمصادقة أيضا على معاهدتين أساسيتين، الأولى تتعلق بالبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، والثانية خاصة بالاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري. وأشارت المسؤولة الأممية -في هذا الإطار- إلى أن مسألة المفقودين في الجزائر تبقى حساسة، وهنأت -في هذا الصدد- الحكومة على الإجراءات التي وضعتها لصالح عائلات الضحايا والمنبثقة من ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، واستعدادها لاتخاذ إجراءات أخرى لفائدة هذه العائلات بالمزيد من المعلومات بخصوص مفقوديها . كما اعربت في هذا الصدد عن سعادتها لقرار الحكومة بقبول زيارة فوج العمل الاممي المتكون من خبراء لبحث مسالة المفقودين بشكل قسري ،من اجل تقديم توجيهات حول طريقة تسيير هذه المسالة الصعبة ،معربة عن املها في ان تجرى هذه الزيارة "في اقرب الاجال و دون شروط مسبقة". واشارت الى انها اقترحت ايضا زيارة اخرى لمقرر خاص تم تعيينه حديثا في اطار ما يسمى بمهمة ترقية الحقيقة والعدالة ، وذلك من اجل تقديم المساعدة لحل بعض المسائل المتعلقة بالعشرية الدموية التي مرت بها الجزائر .وهي مهمة لا تتناقض حسب السيدة بيلاي مع ما يمكن ان يقدمه ايضا المقرر الخاص في مجال ترقية وحماية حقوق الإنسان في محاربة الارهاب، بل هما مهمتان مكملتان لبعضهما البعض. واضافت ان الجزائر فتحت خلال السنوات الاخيرة ابوابها لمختلف الاجراءات الخاصة ، وان الدعوة التي وجهت لها لزيارة البلاد تعكس الارادة الحقيقية للسلطات للاستفادة من التجربة الدولية من اجل ترقية وضعية حقوق الإنسان . من جهة اخرى اشادت السيدة بيلاي بالتطورات التي تشهدها البلاد خلال السنوات الاخيرة مثلما هو الشأن بالنسبة لحرية التعبير التي ساهمت في ميلاد صحافة جريئة، اضافة الى الحريات السياسية والمتمثلة في انشاء احزاب عديدة الممثلة للبرلمان ،لا سيما منذ نجاج الانتخابات التشريعية شهر ماي الماضي.اضافة الى تخصيص كوطة معتبرة للنساء في المجلس الشعبي الوطني الجديد، واصفة هذا الانجاز بالمشجع. وفي المقابل أبدت تحفظها بخصوص قانون الجمعيات داعية إلى مراجعته ،مشيرة الى اهميته باعتبار ان المجتمع المدني يبقى محرك المجتمع الديمقراطي .وطالبت في هذا السياق السلطة باحترام حرية اقامة التجمعات. كما أبدت السيدة بيلاي تفهمها بخصوص موقف الجزائر من مسالة تمويل منظمات حقوق الإنسان غير الحكومية ،مؤكدة ان هذا الانشغال شرعي و مبرر كونه مرتبط بالوجهة المجهولة التي قد تذهب اليها هذه الاموال.